واجهوا اعتداءات بدنية ولفظية.. تونسيون سود لم ينجوا من الحملة المناهضة للمهاجرين في بلادهم

لم ينجُ التونسيون من ذوي البشرة السمراء جراء الحملة المناهضة للمهاجرين غير القانونيين من أفريقيا جنوب الصحراء، وتنامى لديهم شعور بعدم الطمأنينة في بلدهم إثر تصريحات شديدة اللهجة للرئيس قيس سعيّد.
تعمل نبراس مجنح (26 عامًا) نادلة في العاصمة، وهي واحدة من التونسيين الذين صاروا يواجَهون اليوم بعبارات الازدراء وبخطاب من قبيل “ماذا تفعلين هنا؟ عودي إلى بلادك، ارحلي”.
منذ 21 فبراير/شباط، عندما ندد قيس سعيّد عبر تصريحات بوصول “جحافل” من المهاجرين غير القانونيين متحدثًا عن مؤامرة “لتغيير التركيبة الديموغرافية” لتونس، سُجّلت انتهاكات بحق مهاجرين من دول جنوب الصحراء لجأ العشرات منهم إلى سفاراتهم للعودة إلى بلدانهم.
دول أفريقية تجلي مواطنيها من #تونس في ظل تصاعد حملة التحريض ضد المهاجرين#هاشتاج #الجزيرة_مباشر pic.twitter.com/TEwxAfWzka
— برنامج هاشتاج (@ajmhashtag) March 2, 2023
تقول سعدية مصباح رئيسة جمعية مناهضة العنصرية (منامتي) لوكالة الصحافة الفرنسية “لاحظتُ إثر الخطاب أن السود في تونس شعروا أيضًا بالخوف”، مشيرة إلى “وقوع 5 أو 6 اعتداءات على تونسيين سود البشرة”.
كانت المضيفة السابقة (63 عامًا) من بين الناشطين الحقوقيين الذين قادوا حملة في العام 2018 انتهت بإقرار البرلمان قانونًا رائدًا في البلاد مناهضًا للتمييز العنصري.
تقول سعدية إنها صُدمت بهجمات تنم عن الكراهية عبر الإنترنت تطالبها “بالعودة إلى بلادها”، وإنها أظهرت مقابل ذلك “تضامنًا كاملًا” مع المهاجرين غير القانونيين من دول جنوب الصحراء الذين وجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها بلا عمل وبدون سكن، بعد أن قررت السلطات تشديد الرقابة عليهم، وكان عددهم يُقدَّر بأكثر من 21 ألفًا وفق الأرقام الرسمية.
بعد أزمة تصريحات #قيس_سعيّد.. إجراءات جديدة في #تونس 🇹🇳لصالح المهاجرين الأفارقة pic.twitter.com/aXy2fm2Kkh
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) March 7, 2023
“عنصرية دفينة”
تجلب سعدية يوميًّا الطعام والمواد الأولية للمهاجرين المخيمين أمام مقر المنظمة العالمية للهجرة بالعاصمة تونس.
وتقول الناشطة إن العنصرية “الخفية إلى حد ما” في تونس “طفت فجأة على السطح بينما كنتُ أقول دائمًا إن الدولة التونسية ليست عنصرية ولا تمييزية”.
وأضافت أن تصريحات سعيّد كانت “بمثابة ضوء أخضر من السلطة السياسية للعنصريين” في تقديرها، مبدية استغرابها من وجود “أشخاص من النخبة المثقفة والمستنيرة” من بين المناهضين للمهاجرين.
وأكدت سعدية أن “الوقت ليس مناسبًا لطرح” مسألة الأقلية السوداء في تونس على الطاولة للنقاش، وترى أن ذلك “كمن يصب الزيت على النار”.
🇹🇳أعلن رئيس البنك الدولي في مذكرة داخلية تعليق إطار عمل شراكة مع تونس بعد التصريحات الأخيرة للرئيس #قيس_سعيد بشأن المهاجرين.
📍وأرجأ البنك اجتماع مجلسه الذي كان مقررا يوم 21 مارس الجاري بشأن مراجعة تعامل استراتيجي جديد مع تونس حتى إشعار آخر.#الجزيرة_مباشر | #تونس
تابع 👇 pic.twitter.com/R67Z0sSs6y— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) March 7, 2023
ويُقدَّر عدد التونسيين السود بما بين 10 و15% من السكان، ويعيش معظمهم في جنوبي البلاد و”الغالبية منهم يعيشون في مناطق محرومة وتنتمي إلى أفقر الطبقات”، وفق ما ذكرت الباحثة مها عبد الحميد من (معهد يوروميسكو) في دراسة نُشرت عام 2018.
وقالت عالمة الإنثروبولوجيا ستيفاني بوسيل لوكالة الصحافة الفرنسية “السود في تونس هم ضحايا جانبيون لخطاب الرئيس الذي لم يكن موجهًا إلى سود البشرة بل ضد غير القانونيين”.
وأضافت أنهم يعانون بالفعل من “عنصرية دفينة وعنصرية يومية، وكذلك صعوبة الارتقاء إلى مناصب عليا”.
ورأت بوسيل أنه بعد “القنبلة” التي أطلقها الرئيس في سياق التوترات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه البلاد، فإن العديد من التونسيين السود “لا يريدون أن تلتصق بهم مسألة (الهجرة) في حين أنهم يكافحون من أجل اعتبارهم تونسيين بالكامل”.