ماذا سيحصل إذا فشلت الولايات المتحدة في رفع سقف دينها العام؟

استأنف الرئيس الأمريكي جو بايدن محادثاته مع الجمهوريين في الكونغرس، للتوصل إلى اتفاق يجنب الولايات المتحدة التخلف عن سداد مستحقات ديونها، وسط تحذيرات وزارة الخزانة من نفاد أموال الخزانة العامة.
ويؤكد بايدن باستمرار أن تداعيات التخلف عن السداد ستكون “كارثية”، ويحث الجمهوريين على الموافقة على زيادة “نظيفة” في سقف الاقتراض العام قبل بداية الشهر المقبل.
لكن الجمهوريين يشترطون أن يوافق بايدن على خفض كبير في نفقات الميزانية مقابل موافقتهم على رفع سقف الدين.
وهذا أبرز ما قد يقع في الولايات المتحدة والعالم إذا فشلت واشنطن في رفع سقف دينها العام:
ما تداعيات ذلك على الأسواق المالية؟
يتوقع محللون أن تعاني أسواق الأسهم الأمريكية من صدمة حادة مؤقتة إذا عجزت وزارة الخزانة الأمريكية عن الوفاء بجميع التزاماتها المالية.
وفضلًا عن تراجع الأسهم الأمريكية، قد ترتفع أسعار الفائدة وخصوصا عوائد سندات الخزانة ومعدلات الرهن العقاري، بحسب توقّع الخبير الاقتصادي بوكالة “موديز أناليتيكس” برنارد ياروس، في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية.
فقد قال ياروس إن ذلك “قد يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض بالنسبة للمستهلكين والشركات”.
وأوضح أن الأسر أو الشركات لن تتسلم في هذا الحال المدفوعات الفدرالية المستحقة؛ ومن ثم فإنها قد تحجم عن الإنفاق على المدى القريب بسبب خسارتها للدخل، كما قد تتراجع ثقة المستهلك، مما سيضر بالاقتصاد.
لكن من المتوقع أيضا أن تكون الصدمات قصيرة الأجل، إذ يرجح أن يستجيب السياسيون بقوة لأيّ ردّ ملحوظ في السوق.
ويقول نايثان شيتس، كبير الخبراء الاقتصاديين لدى مصرف “سيتي غروب”، إنه يتوقع “أيضا أن تعود الأسواق إلى طبيعتها بمجرد التوصل إلى اتفاق”.
ويضيف “لا أعتقد أن هذه الحلقة ستكون طويلة إلى حد تسجيل توقعات منخفضة لإجمالي الناتج المحلي”.
ما تداعيات ذلك على الحكومة الأمريكية؟
وإذا تجاوزت الولايات المتحدة المهلة التي تنفد بعدها أموال الخزينة العامة، فستظل أمامها خيارات.
على سبيل المثال، سيكون بإمكان الحكومة الأمريكية اختيار إعطاء الأولوية لسداد الديون وتأخير مدفوعات أخرى، مثل المدفوعات المخصصة للوكالات الفدرالية وللمستفيدين من الضمان الاجتماعي ولمقدمي خدمات الرعاية الطبية.
هذا هو السيناريو الأكثر ترجيحا، بحسب الزميلة في الدراسات الاقتصادية بمؤسسة “بروكينغز” للبحوث ويندي إدلبرغ.
خلال مواجهة مماثلة حول سقف الدين العام في عام 2011، وضع مسؤولو الخزانة خطط طوارئ لمنع التخلف عن سداد سندات الخزينة ولضمان استمرار الخزانة في دفع الفائدة على تلك السندات عند استحقاقها.
وتستبعد إدلبرغ حصول إغلاق حكومي، رغم احتمال تأجيل رواتب الموظفين الحكوميين.

ما تداعيات ذلك على الاقتصاد العالمي؟
إذا انقضت المهلة المحددة أمام واشنطن واستمرت في السداد للمستثمرين، يُرجح أن تنتشر عواقب الفشل السياسي في التوصل إلى اتفاق في الأسواق العالمية.
ويقول الزميل في مركز بحوث الميزانية وأولويات السياسات في الولايات المتحدة بول فان دي فاتر في مدونة، إن فشل الحكومة في سداد جميع مستحقاتها “قد يثير شكوكا جدية حول الجدارة الائتمانية للدولة، ويقوض ثقة المقرضين، ويشكك في مكانة الدولار كعملة احتياطية ويزيد تكاليف الاقتراض الفدرالي”.
ويضيف “في ظل الظروف الراهنة، حتى التهديد الخطير بتخلّف الولايات المتحدة عن السداد قد يكون كافيا لإحداث اضطراب في الأسواق وإلحاق المزيد من الضرر بالاقتصاد العالمي”.
وفي حال التخلف، فستكون التداعيات كبيرة، بحسب مدير قسم الدراسات الاقتصادية في كلية إدارة الأعمال بجامعة IESEG الفرنسية إريك دور.
ويقول دور “سترتفع، بشكل حاد، أسعار الفائدة التي يفرضها المستثمرون على السندات التي تصدرها الولايات المتحدة”.
ويضيف “هذه الزيادة في تكلفة الائتمان ستؤدي إلى انخفاض في الاستثمارات في الأعمال التجارية والأسر وكذلك في الاستهلاك، وبالتالي سيحدث ركود حاد في الولايات المتحدة”، موضحا أن هذه الزيادة قد تتسبب أيضا في ركود في أوربا وأماكن أخرى.
وكتبت جين روس من “مركز التقدم الأمريكي” في مقال نُشر مؤخرا أن “من شأن التخلف عن السداد أن يزعزع استقرار النظام المالي العالمي الذي يعتمد على استقرار الدولار باعتباره أصلا آمنا في العالم وعملة أولية في الاحتياطي”.
وأضافت “يمكن أن يكون لفقدان الثقة بالدولار تداعيات بعيدة المدى على الاقتصاد والسياسة الخارجية، إذ إن الدول الأخرى، خصوصًا الصين، ستستخدم التخلف الأمريكي عن السداد لدفع عملتها الخاصة لتصبح بمثابة أساس للتجارة العالمية”.
هل ينخفض تصنيف ديون الولايات المتحدة؟
مع اقتراب المهلة، يراقب المستثمرون بقلق وكالات التصنيف بحثًا عن إشارات إلى احتمال خفض التصنيف الائتماني لديون الولايات المتحدة.
ودفعت مواجهة مماثلة حول سقف الديون عام 2011، إلى تخفيض وكالة “ستاندرد آند بورز” التصنيف الائتماني للولايات المتحدة من أعلى درجة، وهو ما أثار غضب الديمقراطيين والجمهوريين معًا.