السودان.. تجدد الاشتباكات في الخرطوم وسط أنباء عن تعثر مفاوضات جدة

أفاد دبلوماسي سعودي بأن المفاوضات التي ترعاها المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة في جدة، لوقف إطلاق النار بين طرفي النزاع في السودان، “لم تحرز تقدمًا كبيرًا”.
يأتي ذلك في حين تجددت المعارك اليوم بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي” في العاصمة الخرطوم، وسُمع دوي انفجارات وسط تحليق للطائرات الحربية بمحيط القصر الرئاسي.
وكان القائدان العسكريان قد أرسلا ممثلين عنهما إلى جدة يوم السبت الماضي، تبليةً لمبادرة سعودية أمريكية لعقد مفاوضات ومباحثات وصفتها واشنطن والرياض بأنها “مباحثات أولوية”.
وقال الدبلوماسي السعودي لوكالة الصحافة الفرنسية إن “المفاوضات لم تحرز تقدمًا كبيرًا حتى الآن”، وأضاف أن “وقفًا دائمًا لإطلاق النار ليس مطروحًا على الطاولة. كل جانب يعتقد أنه قادر على حسم المعركة”.
وترى خلود خير، وهي مؤسّسة مركز “كونفلوانس أدفايزوري” البحثي في الخرطوم، أن وجود ممثلي الجانبين في جدة هو “في الغالب نوع من التقرب إلى السعوديين والأمريكيين، بدلًا من استخدام هذه المنصة بشكل موثوق به للتوصل إلى اتفاق”.
“أوقفوا الحرب.. الجميع سيكون بخير”.. رسالة بالإنجليزية من أطفال #السودان إلى #حميدتي و #البرهان pic.twitter.com/nGwryJMR60
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) May 8, 2023
وقالت خير للوكالة الفرنسية، إن غياب القاهرة وأبوظبي عن محادثات جدة يضعف الآمال في التوصل إلى اتفاق، مشيرة إلى أن المصريين والإماراتيين يستطيعون التفاوض للوصول إلى اتفاق على وقف إطلاق النار، وجعل ذلك الاتفاق يصمد ويستمر.
وذكر الجيش السوداني في وقت سابق أن وفده إلى المفاوضات “لن يتحدث إلا عن الهدنة وكيفية تنفيذها بالشكل المناسب لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية”.
ولم يعلق السفير الأمريكي جون غودفري مباشرة على محادثات جدة، إلا أنه قال في بيان “أولويتنا العاجلة هي التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار”، وتمكين المساعدة الإنسانية.
🔴 عاجل| منظمة الصحة العالمية: مقتل 604 أشخاص وإصابة أكثر من 5 آلاف آخرين جراء الاشتباكات في #السودان pic.twitter.com/pehnZm05gt
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) May 9, 2023
مساع دولية وإقليمية
من جهتها، تحاول الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية في مدينة بورتسودان على البحر الأحمر، التفاوض لإيصال مساعدات إلى الخرطوم ودارفور اللتين قُصفت بهما أو نُهبت المستشفيات ومخازن المساعدات الإنسانية.
وحذّرت الأمم المتحدة من تفاقم الأزمة الإنسانية، علمًا بأن مرافق تابعة للأمم المتحدة ومنظمات إغاثة أخرى تعرضت لـ”أعمال نهب على نطاق واسع”، وشمل ذلك برنامج الأغذية العالمي في الخرطوم خلال نهاية الأسبوع، حسب تصريحات للمتحدث باسم الأمم المتحدة الاثنين.
ويوم الأحد، وصل مفوّض الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث إلى جدة بهدف لقاء ممثلي طرفي النزاع، إلا أن دوره في المفاوضات غير واضح حتى الآن، وقد أفاد مسؤول ثان في الأمم المتحدة أن غريفيث “طلب الانضمام إلى المفاوضات”، مشيرًا إلى أنه لم تتم الموافقة على طلبه بعد.
ما خطورة الحرب في #السودان على الدول الإقليمية؟#المسائية pic.twitter.com/fnjwOZ3NYR
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) May 8, 2023
وتأتي محادثات جدة بعد سلسلة غير مثمرة من المبادرات الإقليمية العربية، ومبادرات إفريقية قامت بها دول شرق القارة عبر منظمة إيغاد للتنمية.
كذلك يسعى الاتحاد الإفريقي إلى تهدئة بين الطرفين، خصوصًا مع استنفاده آخر بطاقات الضغط على السودان بتعليق عضويته عام 2021 بعدما نفذ قائد الجيش عبد الفتاح البرهان مدعومًا من قائدة قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” انقلابًا عسكريًّا أطاحا فيه بالحكومة المدنية.
ويرى الخبراء أن هناك تباينًا في دعم القوى الإقليمية لطرفي النزاع في السودان، إذ تبدو الإمارات في صف حميدتي، على عكس مصر التي تدعم الجيش، وتقف السعودية على مسافة واحدة من الجنرالين.
وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري قد توجه الاثنين إلى تشاد والتقى الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي للتشاور بشأن “دعم جهود وقف إطلاق النار والتعامل مع الأزمة الإنسانية التي يواجهها الشعب السوداني نتيجة الاقتتال الدائر”، وفقًا لبيان الوزارة. ومن المقرر أن يتوجه شكري إلى جنوب السودان للقاء الرئيس سلفاكير من أجل الشأن نفسه.
"يوم ساخن في #الخرطوم".. تطورات المشهد في #السودان مع مراسل #الجزيرة_مباشر #المسائية pic.twitter.com/k5SLY6X82O
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) May 8, 2023
بدوره، التقى مبعوث قائد الجيش السوداني دفع الله الحاج مع سلفاكير في جوبا عاصمة جنوب السودان الاثنين. وقال الحاج في وقت لاحق للصحفيين إن “استجابتنا لمبادرة السعودية والولايات المتحدة لا تستبعد دور إيغاد وكير”، مضيفًا أنه إذا “ألقى المتمردون أسلحتهم فسوف نعفو عنهم”.
وخلال اجتماع طارئ الأحد لوزراء الخارجية العرب في مقر الجامعة العربية في القاهرة تطرق إلى تطورات الملف السوداني، قال الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط إن المفاوضات بين طرفي النزاع “تستحق الدعم، وأكرر مناشدتي بالتمسك بهذه الفرصة”.
وحذر أبو الغيط من أن يتحول النزاع الحالي إلى “جولة أولى في حرب تقسم السودان إلى أقاليم متناحرة، وتجعل منه ساحة لمعارك تهدد وجوده”.