مخيم جنين.. “عش الدبابير” الذي عجز الاحتلال عن اختراقه

استغرق جيش الاحتلال الإسرائيلي 8 ساعات لسحب قواته من جنين شمالي الضفة الغربية بعد عملية عسكرية نفذها صباح أمس الاثنين، فوجئ خلالها بكمين أصاب عددًا من جنوده وآلياته إضافة إلى إحدى مروحياته، في حين استشهد 6 فلسطينيين وأصيب العشرات.

وشهدت العملية استخدام الطيران الحربي لأول مرة منذ انتفاضة 2002؛ مما أعاد إلى الواجهة قصة المخيم الذي تطلق عليه إسرائيل اسم “عش الدبابير والبندقية التي لا تسكت” والذي اغتيلت على مداخله قبل أكثر من عام الزميلة شيرين أبو عاقلة. فلماذا تخشى إسرائيل جنين؟

معقل المقاومة

تشكل جنين “نواة” المقاومة المسلحة، حيث تعمل الفصائل الفلسطينية وسط حاضنة شعبية قوية يصعُب اختراقها، كما أنها معروفة بكونها منطلقًا لعدد من العمليات المسلحة المركزة ضد الاحتلال الإسرائيلي، فهي كما يقول المحلل السياسي الفلسطيني إبراهيم المدهون “بندقية لا تسكت فوهتها” و”عصيّة على الاحتلال”.

يقتحم الاحتلال الإسرائيلي باستمرار مخيم المدينة المطلة على غور الأردن، بدعوى إلقاء القبض على “مشتبه فيهم في قضايا إرهاب”. ويتردد اسم جنين مع كل عملية استشهادية تجري داخل إسرائيل؛ مما جعل سلطات الاحتلال تعيش حالة استنفار أمني ارتفعت وتيرته مع ازدياد العمليات التي شنها فلسطينيون من “معقل المقاومة” داخل المدن الإسرائيلية مخلفين عددًا من القتلى.

ويعيد تركيز الاحتلال على جنين الصامدة، إلى الأذهان اجتياح مخيمها في الأول من أبريل/نيسان عام 2002 وحصاره نحو أسبوعين، ثم قصفه بطائرات “إف-16” والمدفعية لهدمه على رؤوس ساكنيه. وخلّفت تلك المجزرة أكثر من 500 شهيد من الأطفال والنساء والشيوخ بحسب السلطة الفلسطينية، و58 فلسطينيًّا وفق تقرير الأمم المتحدة.

حالة صمود

خبِر أهل جنين المقاومة عام 1935 بقيادة عز الدين القسَّام، ولم يكونوا حديثي العهد بها عندما ذهبوا في 1799 إلى حد إحراق حقول الزيتون لمنع المستعمر الفرنسي من التقدم نحو المدينة. وتحوّلت جنين مع القسام إلى “مركز للتمرد الفلسطيني” بعد أن قاد مقاومتها للاحتلال البريطاني الذي وضع يده عليها في سبتمبر/ أيلول 1918.

دافع أهل جنين بشراسة عن أراضيهم عندما قتلت العصابات الصهيونية آلاف الفلسطينيين واحتلت منازلهم في نكبة 1948، وعادت إلى الإدارة الأردنية بعد ذلك بعام واحد.

عش الدبابير

أطلق الاحتلال على جنين اسم “عش الدبابير” بعد أن أصبحت هاجسًا له بفضل قربها من مدن الداخل ومشاركة عدد كبير من أبنائها في العمل المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي، الذي زادت وتيرته بعد الانتفاضة الثانية.

واعتاد مقاتلو جنين وأغلبهم شباب بين 20 و30 سنة، من مواليد الانتفاضة وما بعد المجزرة، شراء الأسلحة من مالهم بدلًا من أن توفرها لهم الفصائل كما هو معتاد في فلسطين.

ظاهرة وثورة لا تخبو

وقبل أشهر قليلة، أظهر تحقيق للجزيرة في برنامج “ما خفي أعظم” استخدام قنابل بدائية ومصدات شوكية وعوائق حديدية في أزقة المخيم لمنع تقدم القوات الإسرائيلية، لكن المقاومة فاجأت أمس مروحية وآليات إسرائيلية بعبوات شديدة الانفجار تدخل الخدمة لأول مرة ضد قوات الاحتلال، الأمر الذي أربك بشدة الجيش الإسرائيلي.

ويرى محللون عسكريون أن مخيم جنين الذي لا تزيد مساحته على كيلومتر مربع، يشكّل في حد ذاته “ظاهرة” و”ثورة لا تخبو” مع عجز جيش الاحتلال عن الدخول إلى عمقه واختراقه، ويؤكدون أن مخيم جنين سيبقى “امتدادًا لعقيدة المقاومة وثقافة المواجهة” على مدى أجيال.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان