اللاجئون السودانيون يعانون ارتفاع إيجارات المساكن في القاهرة

يواجه اللاجئون السودانيون الذين فروا من الاشتباكات الدائرة في بلادهم إلى مصر، ظروفا صعبة بسبب تضاعف أسعار إيجارات المساكن والأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر.
من هؤلاء السوداني مهند وأسرته الذين اضطروا إلى مغادرة شقتهم في القاهرة بعد إصرار مالكة العقار على مضاعفة قيمة الإيجار 3 مرات، مستغلة في ذلك توافد اللاجئين السودانيين إلى مصر بعدما مزقت الحرب بلادهم.
وصل مهند البالغ عمره 35 عاما مع زوجته وأطفاله الثلاثة إلى مصر في الأسبوع الأول من مايو/ أيار بعد اندلاع الحرب بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو.
وقال لوكالة الأنباء الفرنسية “أتينا قبل حركة اللجوء الكثيفة واستأجرنا شقة مفروشة بـ6 آلاف جنيه (194 دولارا) في الشهر مدة 6 أشهر”. ويوازي هذا المبلغ متوسط الدخل الشهري لعائلة مصرية، وفق الأرقام الرسمية.
وأضاف “بعد بدء توافد السودانيين بكثرة، قالت مالكة المسكن إنها قررت زيادة الإيجار إلى 18 ألف جنيه (582,5 دولارا)، حتى إنها قالت إن هناك من هم مستعدون لدفع 25 ألف جنيه شهريًّا”.
رفض مهند زيادة الإيجار، “خصوصا أن الشقة لا تستحق ذلك”؛ مما دفع مالكة المسكن إلى مضايقة العائلة لإجبارها على الرحيل، كما قال.
وأوضح ذلك قائلا “كانت تقطع عنّا الماء والإنترنت، ويلقي أطفالها بأشياء علينا من الأعلى”. وهكذا اضطرت العائلة إلى البحث عن مكان آخر.
وروى لاجئون آخرون أنهم واجهوا ظروفا مماثلة في مصر التي تمر بأسوأ أزمة اقتصادية، ومن ثم فإن ملاك العقارات لا يترددون في رفع الأسعار إذا سنحت لهم الفرصة.

زيادة الطلب على المساكن
لكن محلل القطاع العقاري في شركة “إم سي ريل إيستيت” محمود الليثي ناصف لا يرى أن توافد السودانيين هو السبب الرئيسي في ارتفاع إيجار الوحدات السكنية، بل يلقي باللوم في ذلك على الأزمة الاقتصادية.
وقال “انتقل العديد من سكان منطقة وسط القاهرة إلى المدن الجديدة في أطراف العاصمة وقاموا بتأجير شققهم القديمة أملا في تخفيف تبعات الأزمة الاقتصادية عليهم”.
وفقد الجنيه المصري أكثر من نصف قيمته مقابل الدولار الأمريكي بقرار من البنك المركزي لتحقيق شرط مرونة سعر الصرف الذي وضعه صندوق النقد الدولي، وارتفع معدل التضخم السنوي إلى مستوى قياسي بلغ 36.8% في يونيو/ حزيران، وينعكس هذا الوضع على اللاجئين الوافدين إلى مصر.
ووفق بيانات الأمم المتحدة ووزارة الخارجية المصرية عبر إلى مصر أكثر من 250 ألف سوداني منذ بدء الاشتباكات في 15 إبريل/ نيسان.
ويسعى اللاجئون لاستئجار مساكن في مدينة السادس من أكتوبر غرب القاهرة، حيث يوجد مقر مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
ويقول محمد وهو أحد الوسطاء العقاريين بالمدينة “ما عدنا نجد وحدات للإيجار” في أحياء المدينة السكنية في حين يعاني “سوق البيع والشراء من ركود”.
وأضاف: “كان متوسط الإيجار في الشهر للعقار المؤثث يتراوح بين 7 و8 آلاف جنيه، الآن ارتفع إلى 10 آلاف (323,6 دولارا) وربما أكثر إذا اقتربت من مقر المفوضية”.
وتابع “اضطر كثيرون للسكن في مناطق نائية لتحمل نفقات الإيجار”.
أما في أحياء وسط القاهرة الراقية، مثل الزمالك وغاردن سيتي، فلم ترتفع الإيجارات إلا بنسبة بسيطة، وفق أحد السماسرة. وأضاف أنه في حي الدقي، ارتفعت قيمة إيجار الشقة المكونة من غرفتين، إلى 17 و18 ألف جنيه في الشهر.
وفي حي مصر الجديدة شرق العاصمة المصرية، ارتفعت الإيجارات في البنايات القديمة من 7 أو 8 آلاف جنيه إلى 12 ألف جنيه (388,3 دولارا).
في الشارع
وقال مهند الذي كان يقيم بحي الهرم غرب القاهرة “شاهدت سودانية تجلس في الشارع مع أطفالها وأمتعتهم، لم تتمكن من تدبير قيمة إيجار مسكنها لشهر آخر بعدما قرر المالك زيادته”.
وأضاف “قالت لي إن زوجها ما زال في حلفا (بشمال السودان) في انتظار الحصول على تأشيرة دخول إلى مصر”.
أما أشرف الأربعيني فقرر البحث عن مسكن غير مؤثث لأسرته التي تضم 9 أفراد. وقال “أسرتي الكبيرة تدفع مالكي الشقق المفروشة إلى المغالاة في السعر”.
وبعد بحث مضنٍ وجد أشرف شقة بمنطقة حدائق الأهرام المقابلة لأهرامات الجيزة مقابل 3500 جنيه شهريًّا (113,2 دولارا).
وقال “بعد أسبوع فقط، ارتفعت قيمة إيجار الوحدات المماثلة في المنطقة نفسها إلى 5000 جنيه بسبب إقبال السودانيين”.