شهادات مؤلمة وصرخات تنتظر العدالة.. 10 سنوات على مجزرة “كيماوي الأسد” في الغوطتين (فيديو)

أطلق النظام السوري في 21 أغسطس/آب 2013 صواريخ محملة بغاز السارين السام على غوطتي دمشق

طفل مصاب يتلقى العلاج في مستشفى بمدينة دوما في الغوطة الشرقية جراء قصف قوات النظام السوري (غيتي)

أطلق الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) حملة بعنوان “لا تخنقوا الحقيقة” في الذكرى العاشرة لمجزرة الغوطتين بسوريا، وتفاعل عدد كبير من الضحايا والناجين من المجزرة مع الحملة عبر نقل شهاداتهم المؤلمة.

وأطلقت قوات النظام السوري، في 21 أغسطس/آب 2013، صواريخ محملة بغازات سامة على عدد من بلدات الغوطتين “الشرقية والغربية” بريف دمشق، مما أدى إلى مقتل نحو 1500 مدني بينهم أطفال عقب استنشاقهم الغازات السامة وإصابة المئات بحالات اختناق.

وعانى الناجون من المجزرة احمرارًا وحكة في العينين، وغيابًا عن الوعي، وحالات اختناق وتشنجات عضلية وأعراضًا أخرى.

أطفال ضحايا لهجمات كيميائية على الغوطة الشرقية في سوريا عام 2018
أطفال ضحايا لهجمات كيميائية على الغوطة الشرقية في سوريا عام 2018 (غيتي-أرشيف)

وتنظم الخوذ البيضاء، اليوم الأحد، فعاليات في مدينتي أعزاز وإدلب، دعت إليها سكان الشمال السوري لتخليد ذكرى الضحايا، و”تأكيد أهمية العدالة والمحاسبة لعدم تكرار هذه الجرائم ضد الإنسانية”.

ورسم نازحون في الشمال السوري جداريات عبّرت عن حجم المأساة، وكيف قُتل الأطفال والكبار في المجزرة بمواد كيماوية، معبّرين عن أن صرخات أرواح الضحايا تنتظر العدالة.

وتفاعل عدد كبير من الناشطين مع ذكرى المجزرة، وبعد 10 سنوات لا يزال الناجون يذكّرون العالم بفظاعة المجزرة، مطالبين بمحاسبة النظام السوري.

 

أكبر هجوم كيميائي في العصر الحديث

وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في بيان، اليوم الأحد، إن 1144 شخصا قتلوا اختناقا بينهم 1119 مدنيا بينهم 99 طفلا و194 امرأة، كما أصيب 5935 شخصا بأعراض تنفسية وحالات اختناق جراء الهجوم الكيميائي الذي وصفته بأنه “الأكبر” في العصر الحديث.

وبحسب التقرير، فإن هذه الحصيلة تشكل قرابة 76% من إجمالي الضحايا الذين قتلوا بسبب الهجمات الكيميائية التي شنَّها النظام السوري منذ ديسمبر/ كانون الأول 2012 حتى آخر هجوم موثَّق بريف اللاذقية في مايو/ أيار 2019.

وحمَّل البيان مسؤولية تحريك الأسلحة الكيميائية واستخدامها لـ”رأس النظام السوري بشار الأسد، الذي يتولى قيادة الجيش والقوات المسلحة”، وأكد أنه “لا يمكن القيام بمهام أقل من ذلك بكثير دون علمه وموافقته، بسبب أن النظام السوري نظام شديد المركزية فالقرار مركزي وهو سياسة مدروسة لدى النظام السوري”.

“كأنه يوم القيامة”

ووصف شاب سوري للجزيرة مباشر، في تصريح سابق، تفاصيل ما عايشه في المستشفى يوم الهجوم الكيماوي على غوطة دمشق، قائلًا “كأنه يوم القيامة”، وأضاف “امتلأ المشفى بالأطفال والنساء والرجال والشيوخ”.

وقال إن عددًا هائلًا من المتوافدين كانوا يشرعون بالارتجاف فور رشهم بالماء إلى أن يقعوا أرضًا ويخرج الزبد من أفواههم.

واتهم الائتلاف السوري المعارض نظام بشار الأسد بارتكاب المجزرة، ووفق تقرير للائتلاف، فإن قوات النظام كانت متمركزة داخل (اللواء 155) بالقلمون، حيث أطلقت في الساعة 2:31 من صباح 21 أغسطس 2013، 16 صاروخًا من نوع “أرض-أرض” محملة بغازات سامة يُرجَّح أنها من نوع السارين.

وقال تقرير المعارضة إن الصواريخ سقطت في مدن بالغوطتين أبرزها زملكا وعين ترما وكفر بطنا وعربين بالغوطة الشرقية، ومدينة المعضمية بالغوطة الغربية.

ولم يحمّل تقرير لجنة التفتيش التابعة للأمم المتحدة -الذي صدر في 16 سبتمبر/أيلول 2013- مسؤولية الهجوم لأي جهة أو طرف، واكتفى بوصف الهجوم بأنه جريمة خطيرة يجب تقديم المسؤولين عنها إلى العدالة في أقرب وقت ممكن.

ولا تُحدِث الصواريخ التي تحمل رؤوسًا كيميائية -والتي استعملتها قوات النظام في الهجوم- صوتًا بعد انفجارها، ولا تخلّف أضرارًا على المباني، بل تخنق الأنفاس وتدمر الأعصاب. ومنذ عام 2012، استهدف النظام عددًا من المناطق 184 مرة، استخدم فيها السلاح الكيماوي 217 مرة، وفق تقارير حقوقية.

وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في تقرير سابق لها عن المجزرة، إن استخدام غاز السارين يقلل فرص النجاة، لأن درجة الحرارة ليلتها كانت منخفضة، مما يؤدي إلى سكون الهواء، ومن ثم عدم تطاير الغازات السامة الثقيلة.

 

لماذا الغوطة؟

تُعَد الغوطة من أولى المناطق التي خرجت منها شرارة الثورة السورية -التي انطلقت في مارس/آذار 2011- فقد كانت دومًا إحدى مدن الغوطة الشرقية المشاركة في الاحتجاجات السلمية ضد نظام بشار الأسد، الذي تصدت قواته لتلك الاحتجاجات بالاعتقالات والقتل والتهجير.

ومع عسكرة الثورة السورية وتسليح الثوار، عرفت قرى وبلدات الغوطة الشرقية مواجهات بين قوات النظام وفصائل المعارضة المسلحة التي باتت أكثر تنظيمًا، خاصة مع انضواء تشكيلات رئيسية تحت تنظيم واحد، كما حدث بين جيش الإسلام وفيلق الرحمن والاتحاد الإسلامي لأجناد الشام.

مطالبات للمجتمع الدولي بالتحرك

أوصى بيان الشبكة السورية لحقوق الإنسان، اليوم، مجلس الأمن وفقًا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة بفرض عقوبات اقتصادية وسياسية وعسكرية على النظام السوري كشكل من أشكال التعويض المعنوي لأسر الضحايا.

وطالبت الشبكة بملاحقة الأفراد الذين نشرت أسمائهم وبياناتهم الشبكة السورية لحقوق الإنسان، والتحقق في مدى تورطهم في استخدام الأسلحة الكيميائية ووضعهم على قوائم العقوبات والإرهاب.

وأكد البيان على ضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، أو إنشاء محكمة جنائية خاصة لمحاسبة المتورطين بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب السوري، بما يساهم في وقف مسار الإفلات من العقاب المستمر منذ أكثر من عقد من الزمن.

المصدر: الجزيرة مباشر + مواقع التواصل

إعلان