فرنسا.. سجال بين ناشط إسلامي وسياسي يميني بشأن حظر ارتداء العباءة في المدارس (فيديو)

مدير دار العلوم الإسلامية في باريس، مستنكرا: هل من الممكن أن يتم تشريع قانون جديد لمنع التسمية باسم “محمد” بما يحمله من دلالة دينية؟!

قال زكريا صديقي مدير دار العلوم الإسلامية في باريس إن هناك إرادة سياسية تهدف إلى برمجة كافة أطياف المجتمع الفرنسي للانسلاخ من القيم المتعلقة بالحياء، في إشارة إلى بدء العام الدراسي الجديد في فرنسا في ظل قرار حظر ارتداء العباءة الذي أعلنته الحكومة مؤخرًا بموجب قانون احترام العلمانية.

ودعا صديقي خلال مشاركته، الاثنين، في برنامج “المسائية” على الجزيرة مباشر، إلى عدم الصمت، والتوقف عن الخوف من مواجهة هذه السياسات، لافتًا إلى أن بعض رموز المجتمع المسلم يفضلون السكوت حتى لا يتعرضوا للتضييق عليهم.

وقبل بدء العام الدراسي الجديد عادت فرنسا بقرارات تبيّن صرامتها ضد الأقليات وخاصة المسلمة بإعلان وزير التعليم غابريال أتال أنه سيحظر ارتداء العباءة في المدارس، حيث قال خلال مقابلة مع تلفزيون “تي إف 1” الفرنسي، في 27 أغسطس/ آب المنصرم، إن ارتداء العباءة في المدرسة لن يكون ممكنًا بعد الآن.

واعتبر الوزير الفرنسي أن ارتداء هذا “الزي الإسلامي” يعد انتهاكًا للقوانين العلمانية الصارمة المطبّقة في مجال التعليم بالبلاد.

وأشار صديقي إلى ضرورة مواجهة هذه الممارسات التي تسعى إلى إذلال فئة من المجتمع وإجبارها على التنازل عن حقوقها، عبر تنظيم الفئات المسلمة لنفسها في مسارات قانونية وسياسية ومجتمعية لوقف هذه التجاوزات في حقوق المسلمين.

وأكد صديقي أن المجتمع المسلم يحترم القوانين الفرنسية ويعترف بها لضمان العقد الاجتماعي، لكنه أشار إلى إمكانية إصلاحها وتعديلها بما يوائم حقوق كافة أطياف المجتمع الفرنسي.

وتساءل صديقي مستنكرًا “هل من الممكن أن يتم تشريع قانون جديد لمنع التسمية باسم (محمد) بما يحمله من دلالة دينية؟”.

الرئيس الفرنسي إبمانويل ماكرون دعا إلى الحزم في منع العباءة في المدرسة (غيتي – أرشيفية)

احترام هوية فرنسا

بدروه، قال جان مسيحة المتحدث باسم التيار الوطني الفرنسي إن حظر الحجاب والرموز الدينية في المدارس الحكومية بفرنسا يرجع إلى عام 2004.

وأضاف لبرنامج “المسائية” أن الحجاب الإسلامي غير ممنوع في شوارع فرنسا، لكن تم منعه داخل المدارس والمؤسسات الحكومية.

وشدد مسيحة على ضرورة احترام ثقافة وهوية الدولة الفرنسية، مطالبًا من يريد ممارسة شعائره الدينية الخاصة بمغادرة الأراضي الفرنسية وممارستها في دول إسلامية، لأنه لن يستطيع القيام بذلك وفق القوانين الفرنسية.

وتابع “الجماعات المتطرفة تستخدم الحريات المكفولة في فرنسا من أجل فرض ثقافتها على باقي أطياف المجتمع”.

وأوضح مسيحة أن النموذج الفرنسي يعتمد على ضرورة اندماج كل من يحمل الجنسية الفرنسية في إطار الهوية والثقافة العلمانية، في إشارة إلى أن النهج الفرنسي يعتمد أكثر على صهر الأقليات، وذلك بخلاف الوضع القائم في الولايات المتحدة وبريطانيا القائم على تعدد الثقافات والطوائف.

وبشأن الجدل إزاء اعتبار الألبسة الطويلة التي ترتديها النساء المسلمات عادة المعروفة بالعباءة “رمزا دينيا” وكيف يمكن تحديد ذلك، قال مسيحة “إن العباءة تُباع هنا في محلات متخصصة بفرنسا”.

الأمم المتحدة انتقدت قرار فرنسا حظر ارتداء العباءة في المدارس الابتدائية والثانوية (غيتي)

الدفاع عن العلمانية ومبادئ االجمهورية

وفي وقت سابق، أمس الاثنين، جدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التأكيد على أنّ قرار الحكومة منع العباءة في المدارس يهدف إلى الدفاع عن العلمانية ومبادئ الجمهورية، مذكّرًا في الوقت نفسه بالهجمات “الإرهابية” التي شهدتها البلاد ولا سيّما مقتل الأستاذ صامويل باتي ذبحًا بيد مسلح قرب مدرسته.

وفي مقابلة أجراها معه اليوتيوبر “أوغو ديكريبت” على قناته، قال ماكرون “نحن نعيش أيضًا في مجتمعنا مع أقلية، مع أشخاص يغيرون وجهة ديانة ويأتون لتحدي الجمهورية والعلمانية”.

وتابع الرئيس الفرنسي في معرض شرحه لمبرّرات قرار منع العباءة “أنا أقول فحسب إنّ هذا النظام موجود”. وأضاف “أنا فقط أقول لك إنّ مسألة العلمانية في مدرستنا هي مسألة جوهرية”.

وفي المقابلة نفسها، قال ماكرون إنه يؤيد إجراء “تجارب” و”تقييم” لارتداء زي مدرسي موحد في المدرسة، مشيرًا إلى أنه يفضل في هذا الإطار “زيًّا أحاديًّا” لكونه “أكثر قبولًا” من قبل المراهقين.

وقال “مسألة الزي الأحادي هي برأيي أكثر قبولًا، وقد تبدو أقل صرامة من وجهة نظر انضباطية”.

واعتبر الرئيس الفرنسي أن هذا الزي “يحل الكثير من القضايا، أولًا: العلمانية، وثانيًا: يوفر بعض الحشمة، فنحن لا نريد ملابس غريبة الأطوار للغاية”.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان