أطباء بريطانيون عائدون من غزة يكشفون فظائع عايشوها

قال أطباء بريطانيون عملوا في مستشفى “شهداء الأقصى” بقطاع غزة، إنهم شاهدوا هناك أسوأ الإصابات في حياتهم المهنية، واضطروا في كثير من الأحيان إلى علاج الجرحى دون معدات طبية.
وتمكن الأطباء البريطانيون: البروفيسور الدكتور نيك ماينارد، والدكتورة ديبورا هارينجتون، والدكتور جيمس سميث، من العمل في مستشفى شهداء الأقصى بغزة لمدة أسبوعين، من نهاية ديسمبر/كانون الأول 2023 حتى 9 يناير/كانون الثاني الجاري، بمبادرة من لجنة الإنقاذ الدولية ومنصة العون الطبي للفلسطينيين.
وعبّر ماينارد، الذي يعمل جراحًا في أكسفورد بإنجلترا، عن انطباعه الأول عندما دخل غزة قائلًا “أول ما لفت انتباهنا بعد المرور من بوابة رفح الحدودية هو اكتظاظ النازحين، رأينا مئات العربات تجرها الحمير مليئة بالناس والبضائع”.
وأشار ماينارد، في حديثه مع الأناضول، إلى أنه كان يجتمع مع الموجودين في غزة منذ بداية الهجمات الإسرائيلية، وكان يعد نفسه لما سيراه، وقال “لكن ما رأيته كان أسوأ بكثير مما توقعت. في مستشفى شهداء الأقصى رأيت أفظع الإصابات التي لم أتوقع أن أشاهدها في حياتي المهنية”.
وذكر ماينارد أنهم رأوا العديد من الأطفال مصابين بحروق قاتلة وفقدان الأطراف وإصابات مميتة في الصدر والبطن، وقال “لقد كانت غزة مثل الجحيم على الأرض”.
“أجرينا تدخلات طبية على الأرض”
وعن مشاهداته في غزة، قال ماينارد “كانت الإمكانات في غرف العمليات محدودة في معظم الحالات، وفي بعض الأحيان لم يكن هناك ماء، كنا ننظف أيدينا باستخدام المواد الكحولية فقط، وكنا نفتقر في الغالب إلى المعدات والملابس”.
وتابع “وفي بعض الأيام، لم تكن لدينا مسكنات للألم لاستخدامها في علاج الأطفال المصابين بحروق خطرة أو فقدان الأطراف”.
وأردف “رأيت طفلًا يبلغ من العمر 6 سنوات ملقى على الأرض في غرفة الطوارئ، لم يكن هناك عدد كافٍ من الأطباء للاهتمام بالطفل، كما لم تكن عائلة الطفل حوله، كان يعاني من حروق مؤلمة للغاية وجروح مفتوحة في الصدر، أخذناه على الفور إلى منطقة الإنعاش، وبما أنه لم تكن هناك أسرّة أو نقالات كافية، أجرينا التدخلات الطبية اللازمة على الأرض”.
وأشار ماينارد إلى أن إسرائيل تستهدف بشكل منهجي سكان غزة ومنشآت نظام الرعاية الصحية في القطاع.
القدرة الاستيعابية للمستشفى 300%
من جهتها، علقت طبيبة التوليد ديبورا هارينجتون على الوضع في المستشفى بالقول “لا أستطيع أن أشرح كم كان الأمر مخيفًا. هناك أشخاص بحاجة إلى الرعاية ليس فقط في مبنى المستشفى ولكن حوله أيضًا”.
وذكرت ديبورا أنه تم نصب الخيام في محيط المستشفى الذي كان مكتظًا بالأطفال الجرحى، وهو ما ترك أثرًا عميقًا في نفسها.
وقالت “كان عدد كبير جدًّا من الأطفال يصلون وهم مصابون بحروق خطرة، وبتر في الأطراف، وإصابات مروعة، وكانت معدات المستشفيات غير كافية لمثل هذا العدد الكبير”.
وتابعت “معظم الحالات التي وصلت إلى مستشفى شهداء الأقصى كانت فظيعة للغاية، لم تكن الإمكانات الموجودة في المستشفى قادرة على التعامل مع هذا المستوى من الحالات الخطرة. القدرة الاستيعابية للمستشفى كانت 300%، ولم يكن هناك شبر واحد من المستشفى خاليًا من الناس”.
رأيت في غزة أخطر الحروق
بدوره، قال طبيب الطوارئ جيمس سميث، الذي عمل في مناطق عدة تشهد صراعات وأزمات، إنه كان واحدًا من فريق مكون من 9 أطباء يعملون في غزة.
وأشار سميث إلى أن معظم المستلزمات الطبية الأساسية كانت غير متوفرة، وقال “في أحد الأيام نفد الشاش الذي كنا نستخدمه لتضميد الجروح، وفي اليوم التالي نفد المورفين الذي كنا نستخدمه للأشخاص الذين يعانون من آلام شديدة. لقد عملت لدى العديد من المنظمات الإنسانية، وشاهدت المرضى في العديد من مناطق الصراعات لسنوات، لكن لم يسبق لي أن رأيت إصابات مؤلمة بهذا الحجم والخطورة، لقد كانت تجربة غزة حقًّا أعظم حدث مررت به على الإطلاق”.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حربًا مدمرة على غزة، خلّفت حتى السبت 24 ألفًا و927 شهيدًا، و62 ألفًا و388 مصابًا، وكارثة إنسانية وصحية، وتسببت في نزوح نحو 1.9 مليون شخص، حسب سلطات القطاع والأمم المتحدة.