“عيون الجيش” النسائية تفضح أسرارا إسرائيلية خطيرة.. واشنطن بوست تكشف التفاصيل
“مراقِبات الميدان” بجيش الاحتلال يكشفن تفاصيل لم تروَ من قبل عن 7 أكتوبر
على مدار العام الماضي، راقبت وحدة المجندات الإسرائيليات المتمركزة على قمة جبل عاصف -يلامس الحدود مع لبنان- تحركات حزب الله في المنطقة.
أعضاء هذه الوحدة العسكرية النسائية، المعروفة بـ”مراقبات الميدان”، تتبّعن مقاتلي حزب الله أثناء تنقلهم عبر الأزقة الضيقة والوادي الأخضر، بينما كانوا يعيدون تثبيت منصاتهم المعدة لإطلاق الصواريخ، ويقتربون من السياج الحدودي ثم يتراجعون.
اقرأ أيضا
list of 4 items“تبديل ملابسها سلخ لجلدها”.. مرض نادر يهدد حياة الطفلة مريم أبو هلال في غزة (فيديو)
تفاصيل مقتل 3 جنود إسرائيليين وإصابة 18 في معركة مع المقاومة بجباليا
حماس تستنكر ملاحقة أجهزة السلطة للمقاومين في الضفة
كانت المراقبات، اللاتي تتراوح أعمار معظمهن بين 18 و20 عامًا، مسؤولات عن رصد وإبلاغ قياداتهن بالمسيّرات وقذائف الهاون والصواريخ، التي تعبر سماء شمال إسرائيل منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.
عيون جيش الاحتلال
ووفقا لتقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، أمس الجمعة، فإن هؤلاء المراقبات هنّ “عيون الجيش” على الحدود المتوترة في إسرائيل. يراقبن العديد من الشاشات على مدار الساعة لتزويد القوات الأرضية بالمعلومات الاستخبارية، ويرفعن التقارير عن أي تغييرات يتم رصدها على الحدود.
لكن بعد مرور عام على الهجوم الذي قادته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في 7 أكتوبر/تشرين الأول، تقول هؤلاء الشابات إن إسرائيل لا تزال غير قادرة على التعامل مع التهديدات التي انفجرت عبر حدودها الجنوبية في ذلك “الصباح الرهيب”، عندما عبر المسلحون الحدود من قطاع غزة.
كانت “المراقبات الميدانيات” بالقرب من غزة، من بين الأوائل الذين أطلقوا صفارات الإنذار بشأن استعدادات حماس لشنّ هجوم واسع النطاق، وكنّ من بين الأوائل الذين قُتلوا أو اختُطفوا خلال ما تبين لاحقا أنه “أحد أكثر الأيام دموية” وأكبر فشل استخباري في تاريخ إسرائيل.
تجاهل القيادات
وفي الأسابيع الأخيرة، وسع جيش الاحتلال بشكل كبير حملته العسكرية في لبنان، مكثفا الضغوط على حزب الله عبر الضربات الجوية. واغتالت تل أبيب زعيم الحزب حسن نصر الله؛ وفي يوم الاثنين، أطلقت تل أبيب عملية برية تهدف إلى “استعادة الأمن على الحدود الشمالية”.
وعلى الرغم من النجاحات العسكرية الأخيرة لإسرائيل، أفصح العديد من المراقبات الميدانيات عن أنهن يتعرضن للتجاهل من قبل قادتهن، كما كان الحال قبل هجوم حماس؛ حيث تُرِكن عُرضة للخطر في الشمال بعد أن تعرضن للموت في الجنوب.
وتخشى المراقبات في الشمال اللواتي يراقبن مقاتلي حزب الله، الذين يقول المسؤولون الإسرائيليون إنهم كانوا يضعون خططًا مشابهة منذ سنوات، من أن يلقين المصير نفسه.
“يريدون فقط إسكاتنا”
وقالت مراقبة بالقرب من الحدود مع لبنان، رافضة الكشف عن هويتها وفقًا لبروتوكول الجيش الإسرائيلي “نحن غير محميات، وهذا يشكل مشكلة لنا، ولكنه أيضًا خطر على عملنا، الذي يعتبر مهمًّا جدًّا”. وقالت مشيرة إلى رؤسائها: “يريدون فقط إسكاتنا، بحيث لا نتوجه إليهم بالشكوى، لذا فهم يتجاهلوننا أكثر”.
وتحدثت واشنطن بوست مع سبع مراقبات ميدانيات حاليات وسابقات وأهاليهن، إضافة إلى خمسة خبراء عسكريين إسرائيليين حاليين وسابقين، حول دور الوحدة خلف الكواليس، وأشارت الصحيفة إلى تأكيد المراقبات أنهن قد تم إسكاتهن وتهميشهن.
وعزا العديد من المراقبات هذا جزئيًّا إلى “التحيز الجندري” المتأصل في الجيش الإسرائيلي، حيث يهيمن الرجال على الرتب العالية. وبشكل أوسع، يشير المراقبون إلى بيروقراطية ثقيلة وغير مرنة، تفضل التكنولوجيا على المعلومات الاستخبارية الميدانية في غزة، وتظل مقاومة للتغيير الهيكلي والمساءلة.
ورفض جيش الاحتلال التعليق على هذا المقال، وقال إنه لا يستطيع الحديث عن أحداث 7 أكتوبر أو ما تلاها لأن التحقيقات لا تزال جارية.
تحذير تم تجاهله
ومن بين حوالي 1200 شخص قُتلوا في ذلك اليوم، كان هناك 15 مراقبة ميدانية من ناحل عوز. وتم اختطاف سبع مراقبات أخريات، استُعيدت إحداهن لاحقًا على يد القوات الإسرائيلية، وقُتلت أخرى في نوفمبر/تشرين الثاني، وفقًا لجيش الاحتلال.
وأوضحت الصحيفة، أنه لا يزال هناك خمس مراقبات في الأسر، وقد تم إبلاغ ذويهن أنهن من بين عدد قليل من الأسرى يُعتقد أنهم لا يزلون على قيد الحياة.
وفي الأسابيع التي تلت الهجوم، وبينما كانت إسرائيل تبحث عن إجابات، أصبح واضحًا أن المراقبات في ناحل عوز كنّ قد حذّرن من شيء غير مسبوق، ولكن تم تجاهل ذاك التحذير.
هجوم وشيك
وعلى مدار شهور، قامت المراقبات بتسجيل تقارير حول تصعيد حماس لأنشطتها العسكرية، عبر رصد تدريب عدة مرات في الأسبوع، ثم عدة مرات في اليوم؛ ورفع أعلام فلسطين وحماس أثناء تنقلهم في قوافل عبر طول قطاع غزة. وأخبرت المراقبات لجنة تحقيق مدنية في أغسطس/آب أن هذه لم تكن تدريبات روتينية، بل كانت تمارين عسكرية معقّدة ستُنفذ قريبًا لتدمير أكثر من 20 تجمعًا إسرائيليًّا.
وقالت روني إيشل، المراقبة الميدانية في ناحل عوز، لوالدتها في مكالمة مسجّلة قبل أسبوعين من الهجوم وشاركتها مع واشنطن بوست “هناك أشياء أعرفها لا تعرفينها. سيقومون بالهجوم في أي وقت قريب”. وكانت إيشل من بين القتلى في صباح السابع من أكتوبر.
وقالت المراقبات إنهن كن واثقات من أن “شيئًا كبيرًا” سيحدث، لكن عندما حاولن إرسال تنبيهات إلى سلسلة القيادة التي يهيمن عليها الذكور، قيل لهن إنهن ليس لديهن القدرة على الوصول إلى الصورة الكاملة.
ورفض جيش الاحتلال التعليق على سبب تجاهل تحذير المراقبات الميدانيات، وكذلك المزاعم بأن التحيز الجندري لعب دورًا في ذلك.
صباح 7 أكتوبر.. رعب في كل مكان
وبحسب الواشنطن بوست، كانت جيلي شرفيت، البالغة من العمر 20 عامًا، مراقبة في نقطة أخرى على طول الحدود مع غزة، في كيسوفيم. وفي صباح 7 أكتوبر، جلست في مكان عملها، ترتجف باكية وهي تبلغ ما رأت قائلة “اجتاح مئات من مسلحي حماس سياجهم، ثم أطلقوا النار على كاميرات المراقبة، ثم دخلوا القاعدة”.
وأضافت “كنا نتصل برؤسائنا، ونخبرهم أننا على وشك الموت.. فيقولون ليس لدينا أحد لمساعدتكن”.
وتابعت شرفيت أنهن حوصرن تحت محطات العمل الخاصة بهم، بدون أسلحة للدفاع عن أنفسهن. وقالت إن قادتهن، الذين كانوا على بعد 20 ميلًا، أخبروهن أن الجنود المقاتلين محاصرون في كمائن ولا يمكن استدعاؤهم.
وعندما عادت كاميرا المراقبة “في شبه معجزة” للعمل من جديد، قالت شرفيت إنها عادت على الفور إلى العمل، تبلغ القادة كلّ ما تراه: “المئات من قوات حماس التي أصبحت آلافًا، تتنقل ذهابًا وإيابًا من غزة إلى التجمعات المجاورة”.
جوهر فشل إسرائيل
وترى شرفيت، أن جوهر فشل إسرائيل كان في بيروقراطيتها العسكرية الصارمة وغير المتجاوبة، فالقيادة العليا، البعيدة عن الخطوط الأمامية، كانت تفتقر إلى الثقة الغريزية بالجنود على الأرض وبالمراقبات النساء اللاتي يدعمنهم، على حد قولها.
وبينما كانت فرقتها تحاول بناء معلومات استخبارية حول المسلحين، كانت الأوامر تُوجه لهن بتوجيه تركيزهن بعيدًا. وفي بعض الحالات، كان يُطلب منهن متابعة أهداف كن يعرفن من سابق تجربتهن أنها غير صحيحة.
وقال عوزي أراد، المستشار السابق للأمن القومي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إن “الجيش الإسرائيلي يستخدم الفتيات كعمالة رخيصة”، لأن “القدرات التحليلية للنساء أكبر من تلك التي لدى الرجال”.
وأوضحت الصحيفة أن التوغّل البري الإسرائيلي في الجنوب اللبناني، وهو الأول منذ عام 2006، يستهدف تفكيك القدرات العسكرية لوحدات حزب الله النخبوية على طول الحدود، لضمان عدم قدرتها على تنفيذ هجوم في الشمال مشابه لذلك الذي حدث في 7 أكتوبر.
لكن عائلات المراقبات تشعر بأن هذا الهدف لا يزال بعيدًا، وفي الوقت نفسه، فإن “بناتهن في خطر”.