نيويورك تايمز: السنوار لم يعد مهتما بوقف إطلاق النار لتلك الأسباب وهذا ما ينوي فعله
هل تنجح استراتيجية السنوار؟

نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين أمريكيين ادعائهم أن رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) يحيى السنوار، أصبح أكثر تصميمًا على الانخراط مع إسرائيل في صراع إقليمي أوسع، بعد ما يقرب من عام على الحرب في غزة.
وأشارت الصحيفة، وفقًا لتقييمات استخبارية أمريكية، إلى أنه لطالما اعتقد السنوار أنه لن ينجو من هذه الحرب، زاعمة أن هذا الاعتقاد هو ما أعاق حتى الآن، المفاوضات الرامية لإطلاق سراح الأسرى الذين احتجزتهم حماس خلال هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsالقيادي في حماس إسماعيل رضوان: هذه رسالتنا لكل من راهن على نجاح تهديدات التهجير (فيديو)
سرايا القدس تعرض لحظات ما قبل إطلاق سراح أسير إسرائيلي وتسليمه إلى الصليب الأحمر (فيديو)
معاريف: عبارة لكتائب القسام أثناء تسليم الأسرى تخفي رسالة مرعبة وصادمة
وقال المسؤولون الأمريكيون، بحسب الصحيفة، إن موقف السنوار أصبح “أكثر تشددًا” في الأسابيع الأخيرة، وإن المفاوضين الأمريكيين أصبحوا يعتقدون الآن أن حماس لم يعد لديها أي نيّة للتوصل إلى اتفاق مع إسرائيل، وفق زعمهم.
لماذا يريد السنوار اتساع نطاق الحرب؟
ومن جانبه، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المقترحات المطروحة في المفاوضات، وأضاف مواقف عقّدت المحادثات. ويقيّم المسؤولون الأمريكيون أن نتنياهو يهتم بشكل أساسي ببقائه السياسي، ويرى أن وقف إطلاق النار في غزة قد لا يصبّ في مصلحته.
وأوضح مسؤولون أمريكيون أن حماس “لم تُظهر أي رغبة للدخول في محادثات خلال الأسابيع الأخيرة”، مشيرين إلى أن السنوار يعتقد أنه إذا اتسع نطاق الحرب، فسوف تضغط على إسرائيل وجيشها وستجبرهما على تقليص العمليات العسكرية في غزة.
ومنذ 8 أكتوبر 2023، بدأ حزب الله تنفيذ ضربات في شمال إسرائيل تضامنًا مع حماس. وبينما تسببت الهجمات في دفع الإسرائيليين إلى مغادرة منازلهم، لم تُحدث ضغطًا على الجيش الإسرائيلي، بحسب الصحيفة، حيث قدّر المسؤولون الأمريكيون أن قادة حزب الله، في ذلك الوقت، لم يكونوا يرغبون في بدء حرب جديدة مع إسرائيل.

هل أساء السنوار تقدير الموقف؟
منذ أن بدأت الحملة الإسرائيلية ضد حزب الله الشهر الماضي، لم تقم الجماعة بشن هجوم مضاد كبير على إسرائيل، فضلا عن فتح جبهة هجومية، بينما يقول مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون إن إسرائيل دمرت نصف ترسانة الحزب وقتلت العديد من قادته.
وتحركت قوات الاحتلال إلى جنوب لبنان هذا الأسبوع بعد حملة قصف وتخريب استمرت قرابة شهر، وشملت ضربة قتلت حسن نصر الله، زعيم حزب الله.
أما إيران، فقد أطلقت بدورها، وابلًا من الصواريخ على إسرائيل، يوم الثلاثاء الماضي، ردًّا على اغتيال نصر الله، لكن معظم الصواريخ “تم اعتراضها أو فشلت في إلحاق أي ضرر حقيقي”، بحسب الصحيفة.
وقال مسؤولون أمريكيون إن “فشل” حزب الله وإيران في إلحاق أضرار ملموسة بإسرائيل حتى الآن على الأقل، يُعد إشارة واضحة على “سوء تقدير” السنوار للموقف، بحسب زعمهم.
لماذا تباطأت وتيرة العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة؟
وأكد مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون أن السنوار، يواجه صعوبة في التواصل مع أعضاء حركته، فقد توقّف عن استخدام الأجهزة الإلكترونية منذ فترة طويلة، وصار يعتمد على شبكة من المراسلين البشريين للبقاء على اتصال مع قياداته.
وتباطأت وتيرة العمليات الإسرائيلية في غزة، بعدما حوّل الجيش الإسرائيلي تركيزه نحو الشمال، إذ أصبح الآن يتمركز في مواقع محدودة فقط داخل غزة، بما في ذلك محور فيلادلفيا بين القطاع ومصر.
وعلى الرغم من أن إسرائيل لم تشن غارة كبيرة على المناطق المدنية في غزة منذ أسابيع، فإنها لا تزال تنفذ ضربات جوية يومية بزعم أنها تستهدف حماس.
ونتيجة لذلك، يستمر التأثير في المدنيين بغزة، حيث أفادت مصادر صحية محلية أن الجيش الإسرائيلي قتل 99 فلسطينيًّا في القطاع خلال 24 ساعة فقط يومي الأربعاء والخميس، وهو أحد أعلى أعداد الضحايا خلال الأشهر الماضية.

خلية تجسس خاصة لاصطياد السنوار
وانهارت المحادثات الرامية إلى التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة والإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، في أعقاب إضافة نتنياهو مطالب جديدة وإعادة بعض المطالب التي كانت قد أُسقطت سابقًا؛ مما أدى إلى إحباط المفاوضين الدوليين. وفي المقابل قال المسؤولون الأمريكيون لنيويورك تايمز، إن السنوار أصبح كذلك “أكثر تشددًا عن ذي قبل”.
ولفتت الصحيفة إلى أن تحرّكات السنوار ودوافعه كانت منذ فترة طويلة محور اهتمام أجهزة الاستخبارات الأمريكية. لكن بعد 7 أكتوبر، كثّفت وكالات التجسس عملها على زعيم حماس، وأنشأت خلية خاصة لدراسة شخصيته وملاحقته.
وازداد موقف السنوار تصلّبا هذا الصيف، بعد أن اغتالت إسرائيل إسماعيل هنية، الزعيم السياسي لحماس وأحد كبار المفاوضين.
وكان هنية، وفقا للصحيفة، مفاوضًا أكثر مرونة وكان مهتمًّا بإبرام صفقة. ووفقًا لمسؤولين أمريكيين، فإن قرار إسرائيل بقتل قائد رفيع المستوى في حماس، كان يتفاوض على وقف إطلاق النار، قد أثار غضب الحركة والسنوار.
هل السنوار ما زال على قيد الحياة؟
ويشكك بعض المسؤولين الإسرائيليين في ما إذا كان السنوار لا يزال على قيد الحياة. ويعترف المسؤولون الأمريكيون والإسرائيليون، الذين تحدّثوا للصحيفة، بأنه لا يوجد دليل قاطع على ذلك، إذ لم تصدر أي تسجيلات صوتية أو مقاطع فيديو له منذ شهور.
وفي 13 سبتمبر/أيلول الماضي، أصدر حزب الله رسالة قال إنها من السنوار لدعم نصر الله. وقد ألمح بعض مسؤولي حماس، بشكل غير مباشر، إلى أن الرسالة ربما كُتبت خارج غزة بواسطة شخص آخر بموافقة السنوار. ولم تكن مكتوبة بخط اليد، على عكس اتصالات أخرى تم التحقق من أنها جاءت مباشرة منه.
لكن المسؤولين الأمريكيين قالوا إنه ليس لديهم دليل على وفاته، وفي الواقع، قال كبار المسؤولين الأمريكيين إنهم يعتقدون أنه لا يزال على قيد الحياة ويتخذ قرارات حاسمة لحماس.
ويبقى السنوار مختبئًا، لكنه يبدو أنه يدرك أن جيش الاحتلال يقترب منه. وقد اقترب منه بالفعل في أغسطس/آب، حيث قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إن قواتهم اكتشفت علامات تشير إلى أن زعيم حماس قضى بعض الوقت في شبكة أنفاق تحت رفح، جنوبي غزة.

هل يمكن أن تنجح استراتيجية السنوار؟
وأومأت الصحيفة إلى أنه على الرغم من أن استراتيجية السنوار لا تزال غير ناجحة، فإنها من الممكن أن تنجح في نهاية المطاف.
فالجيش الإسرائيلي يخوض معركة ضد حزب الله على أراضيه في جنوب لبنان. وعلى الرغم من أن الحكومة الإسرائيلية تعد بتوغل محدود في لبنان، فإن العمليات العسكرية حتى الآن كانت على نطاق واسع.
وقد أثبتت المعارك أنها صعبة بالفعل، حيث قُتل ما لا يقل عن 9 جنود في الأيام الأولى من القتال. وإذا بقيت المعارك محتدمة وتم استدراج إيران، فقد يحصل السنوار على ما يريده من حرب متعددة الجبهات تخفف الضغط عن حماس.
ويمكن أن تستمر إيران وإسرائيل في تبادل الضربات بالصواريخ الباليستية، لكن إذا تسبب أحد هذه الأسلحة في أضرار هائلة، فقد ينفجر صراع أكبر.
“الفرسان لن يأتوا”
وتنتظر الولايات المتحدة لترى ما إذا كان النزاع بين إيران وإسرائيل سيتصاعد أكثر. ورغم أن واشنطن لا تعتقد أن إيران ترغب في حرب شاملة مع إسرائيل أو في التدخل مباشرة لمساعدة حماس، فإنها أيضًا تدعم علنًا ضربة إسرائيلية مخططا لها ضد إيران لتكون إجراءً انتقاميًّا.
وقال سكوت باريير، الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات الدفاعية الأمريكية “إيران تشعر بمرارة بعد مقتل نصر الله، لكن خياراتها محدودة. ولا أرى أنها ستدخل في مواجهة مباشرة مع إسرائيل في أي وقت قريب”.
وقال مسؤول أمريكي رفيع المستوى، إن أفعال إيران خلال الأشهر الماضية أرسلت رسالة واضحة إلى السنوار، مفادها باختصار أن “الفرسان لن يأتوا”.