عام على الحرب.. أطفال غزة بين معاناة النزوح وتجربة الموت (فيديو)

لم تترك الحرب على قطاع غزة للأطفال مجالاً للاختيار، إذ أجبرت الظروف هؤلاء الأطفال على أن يشهدوا مواقف تفوق أعمارهم، وأن يعيشوا بين ركام المنازل والأنقاض، يرون الموت عن قرب.
وفي زمن كان يجب أن يكونوا فيه في المدارس أو في ملاعب الأطفال، وجدوا أنفسهم يواجهون معاناة الفرار من الموت والدمار في كل لحظة.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsتفاقم المعاناة في غزة وصعوبات في الحصول على الطعام والماء
مظاهرات في نيويورك تطالب بإطلاق سراح محمود خليل
كيف ستتعاطى فصائل المقاومة مع الخطة المصرية بشأن غزة؟
وبالتزامن مع الذكرى الأولى للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، يبقى أطفال غزة مرآة تعكس معاناة شعب بأكمله. ففي كل شارع من شوارع غزة، تختبئ قصة مأساوية شيبت أصحاب الأعمار الصغيرة قبل الأوان، تحمل تفاصيل مؤلمة من الدمار والنزوح المتكرر.
ولعلَّ أصعب ما في الأمر أن هذه القصص تُروى بلسان أطفال لم تُتح لهم فرصة الاستمتاع بطفولتهم كغيرهم.
ديما: كل شيء تغيّر حتى الماء!
ديما النجار، طفلة كانت تعيش حياة بسيطة قبل أن تأتي الحرب وتقلب عالمها رأسًا على عقب، تتذكر ديما كيف كانت تملأ الماء من الصنابير، وكيف كانت الحياة تسير بشكل طبيعي “كنا نروح نعبّي مياه، حياتنا كانت طبيعية، لكن بعد الحرب، كل شيء تغيّر، لم نعد نعرف حتى كيف نعيش يومنا”.
تروي ديما كيف أن الحرب سرقت منها الروتين اليومي، والأشياء التي كانت تَعُدها بسيطة ومألوفة، حتى الملابس التي كانت ترتديها باتت بلا معنى في ظل الفوضى والدمار، وتضيف “بطلت الحياة زي ما كنا نعرفها، حتى الأواعي (الملابس) اللي ما نلبسهم، بطلنا نلبس اللي بدنا إياه، كل شيء في حياتنا تغيّر”.
مالك: رأيت الموت!
لم يتجاوز الطفل مالك مصطفى 11 عامًا من عمره، عاش الحرب بكل قسوتها، وحين يتحدث عن الحرب، تتلون كلماته بالخوف والتعب. ويصف كيف أن حياته باتت سلسلة من النزوح المستمر. يروي مالك للجزيرة مباشر “نزحت 5 مرات، دخل اليهود على أبراج حمد حيث كنا نعيش”.
ويضيف “فجأة، هلع الناس وبدؤوا يهربون، وصارت الإصابات أمامنا، رأيت الجرحى يتساقطون، في لحظة واحدة، انفجرت قنبلة بجانبنا، كنتُ أعتقد أني سأموت، حملت الجرحى مع آخرين، وجريت بهم إلى المستشفى، كان الموت ينتظرنا في كل زاوية”.
مالك لم يعد مجرد طفل يلعب ويمرح، فقد باتت حياته اليوم مرهونة بالخوف من الغد، وتابع قائلًا “خالي مات في غزة ولم أره، دُورنا راحت لم يبقَ بيت نسكن فيه، نحن نعيش في الشوارع، والأطفال مثلنا يهربون من مكان إلى آخر، بعضهم يصاب، وبعضهم قد يفقد حياته تحت عجلات سيارة أو قذيفة”.
لما: الحرب أخذت منا كل شيء حتى الحلم!
لما نبهان، طفلة أخرى عاشت تجربة الحرب في تفاصيلها القاسية، بالنسبة لها، لم يكن أصعب ما واجهته هو النزوح أو ترك المنزل، بل تلك اللحظات التي وجدت نفسها فيها وحيدة في خيمة، بعيدة عن والديها.
تتذكر لما تلك التجربة فتقول “قضيت يومين كاملين بلا أمي وأبي، كنت وحيدة، نائمة في خيمة، رأيت الموت أمامي مرات عديدة، مشيت عبر الحواجز، وكنت أرى الجثث على الأرض. نحن أطفال، لا يجب أن نعيش هذه الحياة، ولا يجب أن نرى هذه الأشياء”.
مشهد الجنود الإسرائيليين، وصوت الرصاص الذي يملأ الهواء، بات محفورًا في ذاكرتها. تصف لما كيف كانوا يطلقون النار على العائلات النازحة “أصعب شيء مررتُ به هو تجربة الحاجز، كنا نمر، واليهود يطلقون النار علينا، رأيت دماءً، ورأيت رفاقي يصابون، الحرب أخذت منا كل شيء، حتى القدرة على الحلم”.