فايننشال تايمز: عملية نهب كبرى لآثار المتحف الوطني في الخرطوم وتهريبها خارج السودان
مسؤولة سودانية: كل مقتنيات المتحف أصبحت هدفا للحرب
نقلت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية عن رئيسة المتاحف في هيئة الآثار الوطنية السودانية إخلاص عبد اللطيف أحمد، قولها إن جنود قوات الدعم السريع نفذوا عملية نهب واسعة استهدفت المتحف الوطني السوداني، الذي تم تجديده أخيرًا في العاصمة الخرطوم.
وأضافت أن العديد من القطع الأثرية المسروقة جرى تحميلها على شاحنات وتهريبها عبر الحدود إلى جنوب السودان، موضحة أن مقتنيات المتحف بأكملها أصبحت الآن هدفًا مباشرًا في سياق النزاع الدائر.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsالبرهان يتوعد بالحسم الشامل ضد قوات الدعم السريع ومعاونيها
السودان.. قتلى وجرحى جراء قصف الدعم السريع مدينة أم درمان
جدل بشأن محاولات تحالف القوى الديمقراطية السودانية تشكيل حكومة
وأوضحت مصادر محلية للصحيفة أن قوات الدعم السريع تقترب من المواقع الأثرية، حيث تتمركز على بُعد أقل من 20 كيلومترًا من الأهرامات، وقد سيطرت على الخرطوم وأجزاء كبيرة من دارفور، مما أجبر الحكومة السودانية على الانتقال إلى بورتسودان على ساحل البحر الأحمر، على بُعد 800 كيلومتر شمال شرقي البلاد.
100 ألف قطعة أثرية
وتم إسقاط طائرات مسيَّرة تابعة لقوات الدعم السريع أثناء محاولتها الوصول إلى شندي، بالقرب من موقع مروي الأثري. ولم تصدر قوات الدعم السريع أي تعليق على “مزاعم النهب”.
يُذكر أن المتحف الوطني السوداني، الذي افتُتح قبل أكثر من 50 عامًا، يضم نحو 100 ألف قطعة أثرية تعود إلى عصور مختلفة، من بينها قطع نادرة أُنقذت من مناطق مهدَّدة بالفيضانات بسبب بناء سد أسوان.
ويشمل المتحف آثارًا من العصور الباليوليثية، وعصر مروي، والفترة المسيحية والإسلامية، فضلًا عن تماثيل أوشبتي لملوك كوشيين من كرمة، العاصمة القديمة لمملكة كوش المعروفة بصناعاتها الحديدية.
وقالت المسؤولة السوادنية “كل هذه الكنوز أصبحت للأسف هدفًا مباشرًا في الحرب”.
التراث الثقافي السوداني في خطر
من جانبها، حذرت منظمة اليونسكو، في بيان صدر في سبتمبر/أيلول الماضي، من أن عمليات النهب المتزايدة تهدد التراث الثقافي السوداني بمستوى غير مسبوق.
ودعت المنظمة الأممية المتخصصين في الآثار ومحبي اقتناء التحف إلى الامتناع عن شراء أو تداول الممتلكات الثقافية السودانية، سواء في عمليات استيراد أو تصدير أو نقل ملكية، وذلك بعد مخاوف من أن بعض الآثار السودانية قد تُعرض للبيع عبر الإنترنت على أنها قِطع مصرية.
وأوضحت اليونسكو أن أي عملية بيع أو نقل غير قانوني لهذه القطع الأثرية ستؤدي إلى ضياع جزء من الهوية الثقافية للسودان، مما قد يعرقل عملية تعافي البلاد.
وأشارت الكاتبة السودانية البريطانية ورئيسة مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية في لندن، زينب بدوي، إلى أن الحرب في السودان، التي أدت إلى مقتل نحو 150 ألف شخص وتشريد 10 ملايين، باتت تهدد التراث الثقافي بأكمله.
وعبَّرت الكاتبة عن قلقها من اندثار الثقافة السودانية، التي ظلت مهملة من قِبل الباحثين الذين يركزون على التراث المصري، قائلة “اليوم يُعرف السودان بالصراع، لكنه كان في العصور القديمة مركزًا لحضارة عظيمة”.
عمليات نهب واسعة
وذكرت أن السودان كان موطنًا لأقدم المستوطنات البشرية في إفريقيا، إذ يعود تاريخها إلى 8000 عام قبل الميلاد، وهي فترة تميزت ببدء إنتاج الفخار المزخرف بشكل فني.
وأضافت الكاتبة أن مملكة كوش تأسست في كرمة (كريمة حاليًّا) في شمالي السودان منذ نحو 2500 عام قبل الميلاد، وقد تمكن الكوشيون من حكم مصر لأكثر من قرن بعد غزوها في القرن الثامن قبل الميلاد.
وأشارت تقارير إلى عمليات نهب واسعة للآثار السودانية، شملت متحف نيالا في جنوب دارفور، وتعرَّض متحف بيت الخليفة في أم درمان لأضرار، مما يعيد إلى الأذهان السرقات التي طالت الآثار خلال النزاعات في العراق وسوريا ومالي.
وشهد متحف بغداد عمليات نهب واسعة بعد الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003، ورغم استعادة تمثال الملك السومري إنتيمينا الذي يعود إلى 4000 عام، فإن العديد من القطع المسروقة لا تزال مفقودة، ولم يُفتح المتحف مجددًا إلا في عام 2015.