إعدامات ونهب وانتهاكات.. ناجون من الهلالية يروون لحظات الرعب خلال هجوم الدعم السريع
تواصل قوات الدعم السريع مهاجمة الهلالية، التي تُعَد إحدى كبرى مدن شرق ولاية الجزيرة، وتفرض حصارًا على عشرات الآلاف من سكانها، وهو ما أسفر عن مئات الضحايا.
وأفادت تقارير بأن قوات الدعم السريع تحتجز سكان المدينة في 3 مساجد، هي مسجد الشيخ أبو سُقره، مسجد الشيخ الطيب علي المِرين، وخلوة مسجد أب صباح.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsالبرهان: السودان يتعرض لعدوان من مليشيا الدعم السريع المدعومة إقليميا
سياسة الاغتصاب
السودان.. إحصائية تكشف رقما صادما لعدد القتلى غير المسجل في الخرطوم
التقت الجزيرة مباشر ناجين من مدينة الهلالية، كشفوا عن انتهاكات جسيمة ترتكبها قوات الدعم السريع في المدينة، ورغم تمكنهم من الهرب، فإنهم لا يزالون يشعرون بالخطر، وفضلوا عدم ذكر أسمائهم الحقيقية.
يحكي آخر الذين خرجوا من منطقة الهلالية شرق الجزيرة أنهم حين قرروا الخروج؛ غادروا مسجد الشيخ أبوسُقره، واتخذوا طريق الغابة الموازي لنهر بين الأشجار، برفقة والده الثمانيني و4 من شقيقاته الفتيات وطفل واحد وزوجة والده، وقطعوا مسافة 4 كيلومترات سيرًا على الأقدام ليغادروا المنطقة، لكن الوالد توفي لاحقًا بسبب مضاعفات المرض وصعوبة الرحلة وتلوث المياه.
ويقول عبد اللطيف السر، للجزيرة مباشر، إنهم عايشوا أوضاعًا صعبة داخل منطقة الهلالية، حيث أجبرتهم قوات الدعم السريع على دفع السيارات المعطلة لتحويلها من مكان إلى مكان، وتحميل البضائع المنهوبة على الشاحنات الكبيرة لنقلها وضربهم بالسياط، وأطلقت الرصاص تحت أقدامهم أكثر من مرة، مشيرًا إلى أن قوة دهمت منزلهم أكثر من مرة يطلبون الأموال والذهب.
وأضاف أن القوة كان تتهمهم بأنهم أهالي “كيكل” وهو قائد الدعم السريع بمنطقة الجزيرة الذي انضم إلى الجيش، وفي أحيان أخرى يوصفون بأنهم “فلول”، ولكن ما دفعهم إلى الخروج هو أن بعض القوى بدأت تطلب الفتيات، وهو ما أصابه بالخوف على شقيقاته لذلك قرر الخروج بتلك الطريقة الخطيرة.
ضرب وإهانة
وأوضح أنه تعرَّض للاعتقال لمدة يوم كامل داخل المدينة في بداية الأحداث عند الساعة الثامنة والنصف صباحًا، حين وجدوه متنقلًا بين منطقتين داخل الهلالية، وتعرَّض على إثر ذلك للضرب والأشغال الشاقة، مشيرًا إلى أن والده المُسن تعرَّض كذلك للضرب بالسياط أمام عينيه، بعد أن أمرتهم القوى بأن يستلقوا على الأرض على بطونهم.
ويحصي عبد اللطيف 8 من أفراد عائلته الذين ماتوا في أحداث الهلالية، وقال إن 15 من الذين يعرفهم ماتوا بإطلاق الرصاص المباشر عليهم، ويُرجع أسباب معظم الوفيات التي حدثت في مسجدَي الشيخ الطيب والشيخ أبوسُقره إلى التسمم، وهي المناطق التي احتُجز فيها الأهالي، وقال إن معظم الذين توفوا كانوا يعانون أعراض الإسهال المائي والاستفراغ، من بينهم والده الذي توفي عقب رحلة النزوح.
ويقدّر عدد أفراد قوات الدعم السريع الذين اقتحموا الهلالية بخمسة آلاف مقاتل على متن كل أنواع المركبات والدراجات البخارية والسيارات المدنية والحافلات، وقال إنهم عند دخولهم أطلقوا الرصاص عشوائيًّا في أي مكان، مؤكدًا أن الجميع يعاني الهلع حتى الآن بمن فيهم الذين استطاعوا النجاة والهرب، وأضاف أنهم تعرضوا لمداهمة من 12 مجموعة في يوم واحد داخل منزلهم، جميعهم كانوا يبحثون عن السيارات والذهب والمال.
تسمم مياه الشرب
بدوره، وصف المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان توم بيرللو التقارير التي تفيد بأن جنود قوات الدعم السريع قاموا بتسميم مئات السودانيين في قرية الهلالية بالعمل “الشنيع”، وطالب قوات الدعم السريع بالإجابة عن هذا السؤال إن تأكد ذلك، وهو ما بررته قوات الدعم السريع بأنه انتشار لوباء الكوليرا نتيجة التردي المريع للبيئة وانعدام المعينات الطبية والوقائية، واتهمت الجيش بمنع وصولها إلى مناطق سيطرته.
نهب الثروات
كما يحكي أكرم خالد أنه لا يزال في خطر، وقال إنه غادر الهلالية قبل أسبوع بطريقة معقدة وعلى مراحل وفي ظروف بالغة التعقيد، مشيرًا إلى أن قوات الدعم السريع عند دخولها أطلقت الرصاص المباشر على الأفراد الذين قالوا إنهم لا يملكون المال، وذلك بعد أن طلبت منهم المال والذهب، فمنهم من أصيب في قدميه ومنهم من فقد روحه، ويحكي أنه وشقيقه -مثل الكثيرين من أهالي القرية- كانا قد تعرَّضا للتهديد والترويع وسلب المال من قِبل أفراد قوات الدعم السريع.
ويرى خالد أن الكثير من الوفيات كانت بسبب تلوث الطعام والشراب نتيجة سوء التغذية، وقال إنه علم أن آبار مياه الشرب قد تسممت، لكنه غير متأكد من هذه المعلومة، وإن فقدان العلاج كان أحد أسباب الوفيات في المنطقة.
ويؤكد أكرم أنه لا مجال للتواصل مع المحتجزين داخل الأماكن الثلاثة، وليس ثمة طريقة للخروج من المكان، وأن كل الذين يحاولون الخروج يُتهمون بأنهم يتبعون القائد المنشق كيكل.
ويفيد شهود العيان الذين تحدثوا للجزيرة مباشر بأن بعض الأُسر استطاعت الخروج خلال اليومين الماضيين، وأن الكثيرين قد غادروا الهلالية، بينما تبقى عدد غير معلوم داخل المدينة يعاني انعدام الخدمات وانقطاع التواصل.