عين شهيد في غزة تعيد الأمل لفتاة أفقدها الاحتلال البصر (فيديو)

في واقعة مؤثرة تحكي جانبا من تكاتف الفلسطينيين ووحدتهم في ظل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أعادت قرنيّة شهيد من القطاع النور إلى عين فتاة أفقدتها حرب الإبادة الإسرائيلية قدرتها على الإبصار.

عمر القطشان، ابن الـ23 ربيعًا، استشهد في 28 أكتوبر/تشرين الأول بقصفٍ استهدف تجمعًا للمواطنين في بلدة الزوايدة وسط قطاع غزة، لكن حياته لم تنته باستشهاده، إذ تبرع أهله بقرنيته لفتاة حرمها العدوان الإسرائيلي نعمة الإبصار.

ويعد القطشان الشهيد الأول الذي تستجيب أسرته للتبرع بقرنيته منذ بداية الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام.

صدقة جارية

وبمشاعر مختلطة بين الحزن والفرح قال محمد القطشان، والد الشهيد، للجزيرة مباشر، إنّه “قدم عين ابنه صدقة جارية عنه بعد رحيله رغم أنها غالية جدًّا لديه”، مؤكدًا: “لو كان عمر بيننا لوافق على هذا القرار، فهو من أطيب الناس وأكثرهم عطاءً، ولا يتأخر عن فعل الخير منذ صغره”.

وأوضح والده أنه بعد استشهاد عمر بأقل من ساعتين عرض طبيب العيون في مستشفى “شهداء الأقصى” على والده فكرة التبرع بقرنيته لفتاة أصيبت بقصف للاحتلال أدى إلى حرمانها من نعمة البصر.

وأضاف: “في اللحظة الأولى شعرت أنني في عالم آخر لم أفهم ما يقوله الطبيب لي، شردت بذهني قليلًا، وقلت في نفسي على كل حال أنا سأدفن عمر، فلمَ لا أعيد أمل الحياة لإنسان آخر؟ ومباشرة وافقت”.

رد على الخذلان

وقال الوالد، وهو أحد العاملين في القطاع الصحي في غزة، إنه رغم الألم الذي اعتصر قلبه حزنًا على فراق ابنه، فقد اصطحب نجله بنفسه إلى غرفة العمليات، وأعطى الإذن للأطباء لاقتلاع العين بأكملها للحفاظ على القرنية؛ في ظل عدم توفر المواد اللازمة لحفظها نتيجة الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة.

وقال محمد القطشان وهو يغالب دموعه: “الابن غالي كثير، لكن لا يمكنني رد سائل بحاجتي، وربما لو قلت ’لا‘ للطبيب، لا أسامح نفسي بعدها”.

وشدد الوالد على أنّ ما قام به هو أفضل ردٍّ على الخذلان الذي يتعرض له الغزيون من العالم كله على مدار أكثر من عام، وأضاف: “علينا ألا نترك بعضنا، وأن نتمسك بفعل الخير والمساهمة برفع الظلم عن الغير… شعبنا يستحق التضحية”.

لن أنساها ما حييت

والتقت الجزيرة مباشر الفتاة التي استفادت من قرنية الشهيد عمر القطشان، وهي شمس عويضة (18 عامًا)، وقد تعرضت للإصابة في شهر يوليو/تموز الماضي عندما قصف الاحتلال منزلًا نزحت إليه رفقة عائلتها؛ مما أدى إلى فقدانها البصر.

وكانت شمس تعتقد أنها ستبقى أسيرة ظلام العمى، وأنها لن تتمكن من إكمال مسيرتها التعليمية ولا تحقيق طموحاتها في الحياة. واستدركت: “لكن حين أخبرني الطبيب بأن هناك من قرر التبرع بقرنية ابنه ليُعيد لي البصر شعرت بفرحة كبيرة ودهشة”.

وأكملت: “عاد لي الأمل من جديد في الحياة وغمرتني مشاعر مختلطة، فمن يستطيع في لحظة وداع فلذة كبده الأخيرة أن يتبرع بعضو منه لإنسان آخر؟ لا يفعلها إلا القليل ولن أنساها لهم ما حييت”.

جهود مستمرة

من جانبه، أفاد الدكتور خليل الدقران، المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، أنّ برنامج التبرع بالقرنيات أُطلق قبل عامين في القطاع تحت اسم “ومن أحياها”، مشيرًا إلى أنّها فتحت أملًا للكثير من المرضى الذين يعانون من فقدان البصر، ويجدون صعوبات في الحصول على تحويلات للعلاج بالخارج بسبب الحصار الإسرائيلي.

وأكد الدقران للجزيرة مباشر أنّ الشعب الفلسطيني دائمًا يثبت قدرته على العطاء والتكاتف رغم كل الظروف التي يمر بها، داعيًا إلى السير على خطى المتبرعين من أجل إعادة النور إلى قلوب وعيون الكثيرين.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان