تصاعد موجة “الإسلاموفوبيا” في أمريكا.. جرائم قتل وفصل من العمل وتقييد الحريات الأكاديمية بحق العرب والمسلمين
منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تصاعدت حوادث الاعتداء على المسلمين والعرب في الولايات المتحدة الأمريكية.
وتُعَد جريمة مقتل الطفل وديع الفيومي في ولاية إلينوي وإطلاق النيران على 3 شبان فلسطينيين في ولاية فيرمونت، أحدهم فقد القدرة على الحركة، من أبرز هذه الحوادث بعد انطلاق معركة “طوفان الأقصى”.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsغزة.. تفاصيل مرعبة تكشفها “هديل الدحدوح” المرأة الوحيدة التي ظهرت في شاحنة الأسرى العراة (فيديو)
وول ستريت جورنال تكشف نقاط الخلاف بين حماس وإسرائيل بشأن الصفقة الأمريكية المقترحة
الحكومة “خسرت”.. مقال في يديعوت أحرونوت يسرد أسباب “فشل” الحرب الإسرائيلية على غزة
وتشير الأرقام إلى أن هناك آلاف الحوادث الأخرى ما بين تهديدات بالقتل وقمع للحريات وفصل من العمل وتضييق على الطلاب في عدد من الجامعات والمدارس، وفق مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية “كير”.
زيادة بنسبة 56% من الحوادث المعادية للمسلمين
المجلس نفسه (كير) كشف قبل أيام عن تلقيه 8061 شكوى على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2023، مسجلا عددا هو الأكبر من الشكاوى خلال 30 عاما.
وذكر تقرير “كير” أن ما يقرب من نصف جميع الشكاوى جرى الإبلاغ عنها في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي الذي شهد زيادة بنسبة 56% من الحوادث المعادية للمسلمين، حسب التقرير.
وأضاف التقرير أن الدافع الرئيسي وراء هذه الموجة من “الإسلاموفوبيا” هو تصاعد أعمال العنف بين فلسطين وإسرائيل، منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وذكر التقرير أن أصحاب العمل والجامعات والمدارس من بين الجهات الفاعلة المركزية في قمع حرية التعبير لأولئك الذين سعوا إلى معارضة “الإبادة الجماعية” في غزة علنا، وكذلك لفت الانتباه إلى حقوق الفلسطينيين.
ومن بين الشكاوى التي تلقاها (كير) العام الماضي 1201 شكوى تمييز في العمل و688 شكوى تمييز في التعليم و607 شكوى من جرائم الكراهية.
ويُعرّف كير “الإسلاموفوبيا” بأنها الخوف والكراهية أو التحيز تجاه الإسلام والمسلمين، مما يؤدي إلى نمط من التمييز والقمع.
وأوضح تقرير كير أن وراء هذه الأرقام مآسي إنسانية منها مقتل الطفل الأمريكي من أصل فلسطيني وديع الفيومي على يد مالك عقار في شيكاغو، إذ ذكر والد الطفل أن الرجل قال أثناء الهجوم عليهم في منزلهم “أنتم أيها المسلمون يجب أن تموتوا”.
وفي حادثة أخرى، هدد معلم بقطع رأس طالبة مسلمة في الصف السابع بولاية جورجيا بعد أن سألت الطالبة المعلم عن العلم الإسرائيلي الذي كان يحمله.
وفي واشنطن العاصمة، تعرضت امرأة للتهديد من أحد الركاب في مترو الأنفاق، وسألها “كيف تريدين أن تفقدي حياتك؟”. وحسب شهود، كان الرجل يحمل مسدسا في جيبه، أظهر جزءا صغيرا منه لترهيب المرأة.
قائمة حظر الطيران
ولم تقتصر المضايقات التي يتعرض لها المسلمون في الولايات المتحدة على التصرفات الفردية أو مؤسسات تعليمية، وإنما شملت أيضا جهات أمنية مثل مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي يحدد قائمة حظر الطيران ومجموعات فرعية منها تُعرف باسم قائمة “مراقبة الإرهاب”.
وحسب “كير”، فإن 98.3% من الأسماء المدرجة في هذه القائمة لمسلمين.
ومثالا للمعاناة من الوضع في هذه القائمة، ذكر تقرير كير حالة “صادق” وهو مسلم وجندي أمريكي سابق في القوات الجوية عانى وجوده في قائمة المراقبة، إذ جرى إيقافه مرات عديدة من شرطة مدينة أوكلاهوما، كان أبرزها في يناير/كانون الثاني 2023 حيث اعتُقل مكبل اليدين تحت تهديد السلاح وتفتيش سيارته.
كما مُنع محمد خير الله، عمدة مدينة بروسبكت بارك التابعة لولاية نيوجيرسي، من حضور فعالية في البيت الأبيض لاحتمال وجوده على قائمة المراقبة.
التضييق على الحريات الأكاديمية
أحلام محتسب، أستاذة الدراسات الإعلامية في جامعة ولاية كاليفورنيا، عايشت أوضاعا تصفها بالقمعية لمجرد دعوتها لمنع “الإبادة الجماعية” في غزة وتحرير فلسطين.
وأوضحت للجزيرة مباشر أنها مُنعت من إلقاء خطاب في مؤتمر الرابطة الوطنية للاتصالات في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، الذي عُقد في ولاية ماريلاند الأمريكية، لأن الخطاب يتضمن عبارتي “الإبادة الجماعية” و”الحرية لفلسطين”.
وقالت “قبل 30 دقيقة فقط من انعقاد مؤتمر الرابطة التي تضم آلاف الأكاديميين والباحثين في الإعلام من مختلف أنحاء أمريكا، أُبلغت بأن خطابي غير مقبول، ولن يُسمح لي بإلقائه حتى لو اضطروا إلى إلغاء المؤتمر بالكامل”.
وأضافت أحلام “فكرت كثيرا في الصعود إلى المنصة وإلقاء الخطاب رغما عنهم، لكنني قررت وضع شريط لاصق على فمي بدلا من ذلك كرمز لقمع حريتي من أشخاص يقولون إنهم يمثلون حرية التعبير، وتضامن معي الكثير من زملائي في ذلك اليوم، ووقعنا عريضة نرفض فيها هذا القمع”.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ كشفت أحلام أنه “بعد ذلك فوجئت ببريد إلكتروني من مسؤول إداري في الجامعة ينتقدني فيه لاستخدامي كلمة الإبادة الجماعية، وأن اليهود في العالم ينظرون إليها على أنها كلمة معادية للسامية، وأنه لن ينشر أعمالي التي تحتوي على هذه الكلمة في الدعاية الجامعية. لكنني في المقابل رددت عليه ببريد إلكتروني، ذكّرته فيه بأنه يعمل في العلاقات العامة فقط ولا خبرة له في مجال التدريب الأكاديمي أو الخبرة البحثية في دراسات الإبادة الجماعية، ولا يمتلك أي معرفة علمية بشأن ما يشكل معاداة للسامية”.
وبشأن تعاطي الإعلام الأمريكي مع الوضع في غزة، قالت أحلام “الإعلام الغربي ينزع الإنسانية عن أهل غزة، لذا يصبح من السهل أن تتقبل أي شيء يحدث لهم، لأنه حينئذ لا تنظر إليهم بصفتهم بشرا، وفي المقابل يضع الإسرائيليين في أعلى مراتب الإنسانية، ومن ثم يتعاطف معهم الأمريكيون”.
وفي ولاية ماريلاند مثال آخر لما يوصف بالتضييق على حرية التعبير، عايشته المعلمة الأمريكية من أصل مصري هاجر الهجان، التي أُوقفت عن العمل بقرار من الإدارة التعليمية التي تنتسب إليها بسبب تضامنها مع فلسطين”.
وأقامت هاجر دعوى قضائية ضد الإدارة التعليمية، وانضمت إليها أخريات تعرّضن للموقف ذاته وللسبب نفسه.