تقرير: فرنسيون مسلمون يحزمون حقائبهم ويضطرون لمغادرة بلدهم

فرنسيون مسلمون يحملون مؤهلات عالية، يتركون البلاد بحثًا عن بدايات جديدة في مدن مثل لندن ونيويورك ومونتريال ودبي (الأناضول)

بعد فشله في 50 مقابلة عمل لوظيفة استشاري، رغم مؤهلاته وشهاداته، حزم آدم حقائبه، على غرار الكثير من الفرنسيين المسلمين الراغبين في بدء حياة جديدة في الخارج، بسبب شعورهم بالتمييز ضدهم.

من دبي، يقول الشاب الثلاثيني المتحدر من أصل مغاربي “أشعر بتحسن كبير هنا عما كنت عليه في فرنسا“.

ويضيف آدم لوكالة الصحافة الفرنسية “هنا نحن جميعًا متساوون، يمكن أن يكون المدير هنديًا، أو عربيًا، أو فرنسيًا”.

تشير دراسة نشرت الشهر الماضي إلى أن فرنسيين مسلمين يحملون مؤهلات عالية، ويتحدرون غالبًا من عائلات مهاجرة، يتركون البلاد بحثًا عن بدايات جديدة في مدن مثل لندن ونيويورك ومونتريال ودبي.

ومن بين أكثر من ألف شخص أجابوا عن الأسئلة، أشار 71% منهم إلى العنصرية أو التمييز لتفسير هذا الاختيار، وفق نتائج الاستطلاع الذي يحمل عنوان “فرنسا، تحبها ولكنك تغادرها”.

يقول آدم إن في فرنسا “عليك أن تبذل جهدًا مضاعفًا عندما تكون من أقليات معينة”، وقد طلب الشاب عدم ذكر اسمه العائلي، مثل جميع الأشخاص الذين تمت مقابلتهم في هذا الإطار.

ويؤكد آدم أنه يفتقد أصدقاءه وعائلته والثقافة الفرنسية، لكنه يقول إنه هرب من “الإسلاموفوبيا” و”العنصرية الممنهجة” التي انعكست في عمليات تدقيق أمني متكررة معه.

“سقف زجاجي”

فرنسا قوة استعمارية سابقة وبلد هجرة، لذلك فإن عددًا كبيرًا من سكانها من أصول مغاربية وإفريقية.

وأبناء المهاجرين الذين جاؤوا بحثًا عن حياة أفضل هم فرنسيون، لكن العديد منهم يشعرون وكأنهم أجانب في بلدهم و”مواطنون من الدرجة الثانية”.

يقول مصرفي فرنسي جزائري يبلغ 30 عامًا ويستعد للمغادرة في يونيو/حزيران “لقد ساءت الأجواء في فرنسا إلى حد كبير. نتعرض للاستهداف لأننا مسلمون”.

ويشير خصوصًا إلى بعض القنوات الإخبارية والصحفيين الذين يعتبرون أن المسلمين جميعهم متطرفون دينيًا أو مثيرون للمشاكل.

(غيتي)

يعتقد الشاب الحائز على درجتي ماجستير، وهو ابن عاملة نظافة جزائرية، أنه اصطدم بـ”سقف زجاجي” عطّل مسيرته المهنية في فرنسا.

تحظر فرنسا إجراء الإحصاءات العرقية والدينية، ولكن لسنوات، وثقت العديد من الدراسات الاستقصائية التمييز ضد المواطنين من أصل مهاجر في مجالات التوظيف، والسكن، وعمليات التثبت الأمنية، وغيرها.

يتمتع المرشح الذي يحمل اسمًا فرنسيًا تقليديًا بفرصة أكبر بنسبة 50% تقريبًا للحصول على وظيفة مقارنة بمن يحمل اسمًا عربيًا، حسبما ذكر “مرصد عدم المساواة” في تقريره لعام 2023.

“نختنق في فرنسا”

كما أن علاقة فرنسا الخاصة بالعلمانية، والخلافات المتكررة حول الحجاب الإسلامي، تسبب أيضًا عدم ارتياح لدى البعض.

قال أوليفييه إستيفيس المساهم في الدراسة لصحيفة لوموند “هناك خصوصية فرنسية حقيقية في هذه القضية. في بلدنا، يتم إبعاد المرأة التي ترتدي الحجاب إلى هامش المجتمع، ويصعب عليها بشكل خاص العثور على عمل، وبالتالي فإن النساء المحجبات اللاتي يرغبن في العمل يتم دفعهن إلى مغادرة فرنسا”.

ويقول فرنسي من أصل مغربي يبلغ 33 عامًا “نحن نختنق في فرنسا”، موضحًا أنه يستعد للهجرة إلى جنوب شرق آسيا مع زوجته الحامل “لنعيش في مجتمع أكثر سلامًا وحيث تعرف مختلف الفئات كيف تعيش معًا”.

يريد هذا الموظف في قطاع التكنولوجيا الهروب من “القتامة المحيطة” و”الإذلال” في الحياة اليومية المرتبط باسم عائلته وأصوله.

ويوضح “ما زلت أُسأل اليوم عما أفعله في الحي حيث أقيم” منذ سنوات، و”ينطبق الأمر نفسه على والدتي عندما تزورني، لكن زوجتي، وهي بيضاء البشرة، لم يسبق أن طرح عليها هذا السؤال”.

ويحتج قائلًا “هذا الإذلال المستمر هو أكثر إحباطًا لأنني أقدم إضافة لهذا المجتمع لكوني من أصحاب الدخل المرتفع”.

من المفارقة أن المجتمع الفرنسي رغم ذلك “أكثر انفتاحًا مما كان عليه قبل عشرين عامًا” و”العنصرية في تراجع”، حسبما أكد التقرير السنوي الأخير الصادر عن “مرصد عدم المساواة” الذي يشير إلى أن 60% من الفرنسيين يرون أنهم “ليسوا عنصريين بتاتًا”، وهي ضعف النسبة المسجلة قبل 20 عامًا.

كما تراجعت نسبة من يعتقدون أن هناك “أعراقًا متفوقة على الأخرى” 3 مرات من 14% إلى 5%.

المصدر : الفرنسية

إعلان