بنيامين نتنياهو.. رحلة يميني من أصول بولندية إلى قمة السلطة في إسرائيل
في مشهد سياسي مليء بالتوتر والتعقيدات، يظل بنيامين نتنياهو، السياسي الأكثر جدلًا في إسرائيل، يحاول جذب الأنظار ويثير الأزمات.
منذ عودته إلى السلطة في ديسمبر/كانون الأول 2022، واجهت سياسات نتنياهو الداخلية اعتراضات واسعة وحركات احتجاجية تطالب بالإصلاح، فيما تعرض لنكسات خارجية أبرزها معركة “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وإيقاف قطار التطبيع الذي كان يحاول أن يكون عرابه الجديد.
وبينما تعاني غزة من دمار واسع وسقوط عشرات الآلاف من الشهداء، يرى البعض أن نتنياهو يستخدم الحرب كوسيلة لكسب تأييد داخلي، وتفادي القضايا القانونية التي تحيط به.
يعدّ نتنياهو رمزًا للسياسة المثيرة للجدل، حيث يتنقل بين اتهامات الفساد والتحالفات المثيرة للشكوك.
النشأة والأصول البولندية
بنيامين نتنياهو وُلد في 21 أكتوبر/تشرين الأول 1949 في مدينة يافا-تل أبيب. يعود أصل عائلته إلى بولندا حيث هاجرت إلى فلسطين في ثلاثينيات القرن العشرين.
والده، بن صهيون نتنياهو، كان مؤرخًا وشخصية مؤثرة في الحركة الصهيونية.
التعليم والحياة المبكرة
نشأ نتنياهو في بيئة عائلية صهيونية متعلمة. انتقل مع عائلته إلى الولايات المتحدة في شبابه، ودرس في مدرسة تشلتنهام الثانوية في ولاية بنسلفانيا.
لاحقًا، التحق بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) حيث حصل على درجة البكالوريوس في الهندسة المعمارية والماجستير في إدارة الأعمال، كما حصل على بكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة هارفارد.
البدايات السياسية
بعد انتهاء خدمته العسكرية في القوات الخاصة الإسرائيلية “سايريت ماتكال” وهي أبرز وحدات المهمات الخاصة في الجيش الإسرائيلي حيث أصبح ضابطًا برتبة نقيب، بدأ نتنياهو حياته المهنية في مجال الأعمال في الولايات المتحدة قبل أن يعود إلى إسرائيل وينخرط في السياسة.
تم تعيينه سفيرًا لإسرائيل في الأمم المتحدة في العام 1984، حيث أثبت قدراته في الدبلوماسية والسياسة الدولية.
بعد أن عاد من عمله في الأمم المتحدة، اُنتخب عضوًا في الكنيست عن حزب الليكود في عام 1988، وتولى منصب مساعد وزير الخارجية، حيث لعب دورًا بارزًا في مؤتمر مدريد للسلام عام 1991.
الصعود إلى قمة السلطة
في العام 1996، أصبح نتنياهو أصغر رئيس وزراء في تاريخ إسرائيل بعد فوزه في الانتخابات. تولى رئاسة الوزراء في فترات متفرقة بين عامي 1996-1999 و2009-2021.
ورغم انتقاداته الحادة لاتفاقية أوسلو للسلام، وقّع نتنياهو على اتفاق يقضي بتسليم 80% من مدينة الخليل للسلطة الفلسطينية، كما وافق على انسحاب الجيش الإسرائيلي من بعض مناطق الضفة الغربية ونقلها إلى السلطة الفلسطينية، وقد أثارت هذه القرارات غضب التيار اليميني المتطرف وسخطه.
الجدل السياسي والمشاكل القانونية
واجه نتنياهو العديد من التحقيقات القانونية المتعلقة بالفساد والرشاوى وخيانة الأمانة.
تم توجيه اتهامات رسمية له في أكثر من قضية، مما أثار جدلًا واسعًا وانقسامات داخل المجتمع الإسرائيلي. على الرغم من ذلك، استمر في البقاء في السلطة واستطاع الحفاظ على قاعدته الشعبية.
السياسات المثيرة للجدل
عرف رئيس الوزراء الإسرائيلي بسياساته العدوانية تجاه الفلسطينيين وبناء المستوطنات في الضفة الغربية، مما تسبب في انتقادات دولية ومحلية.
كما اتبع سياسة عدائية وقوية تجاه إيران، رافضًا الاتفاق النووي الإيراني وداعيًا إلى مزيد من العقوبات عليها.
التحالفات السياسية المشبوهة
خلال مسيرته، عقد نتنياهو تحالفات سياسية معقدة مع أحزاب عدة متطرفة ويمينية للحفاظ على الأغلبية البرلمانية. هذه التحالفات أثارت شكوكًا حول مدى استقراره السياسي وقدرته على تقديم برامج إصلاحية.
تحالفه الحالي ما زال يثير الجدل حتى لدى أصدقاء إسرائيل، حيث يعتمد نتنياهو على دعم أحزاب اليمين المتطرف، مثل حزب “الصهيونية الدينية” و”القوة اليهودية” التي تُتهم بتبني سياسات عنصرية ومعادية للفلسطينيين، بالإضافة إلى مواقفها المتشددة حول التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
الانقسامات داخل المجتمع الإسرائيلي
أسلوب نتنياهو السياسي تسبب في انقسامات داخل المجتمع الإسرائيلي، حيث يصفه البعض بالقائد القوي والفعال، في حين يعدّه آخرون شخصية مثيرة للجدل تستغل المشاعر القومية والدينية للبقاء في السلطة.
خلق نتنياهو انقسامات داخل المجتمع الإسرائيلي من خلال تحالفاته مع الأحزاب اليمينية المتطرفة ودعمه للتوسع الاستيطاني ما زاد الفجوة بين الفئات الدينية والعلمانية في المجتمع، وتورطه في قضايا فساد ومحاولاته تقويض استقلالية القضاء زادت من الانقسامات القانونية.
التعامل مع وسائل الإعلام
نتنياهو عرف بتعامله الحذر مع وسائل الإعلام. قام بإنشاء قنوات تواصل مباشرة مع الجمهور عبر وسائل التواصل الاجتماعي، متجنبًا وسائل الإعلام التقليدية التي كانت تنتقد سياساته بشكل متكرر.
واجه بنيامين نتنياهو توترات مستمرة مع وسائل الإعلام، حيث اتهمها بالتحيز ضده والتعاون مع المعارضة لتشويه صورته.
شنّ هجمات عبر وسائل التواصل الاجتماعي وانتقد المؤسسات الإعلامية الكبرى مثل “هآرتس” و”يديعوت أحرونوت”.
وأسهمت وسائل الإعلام في الكشف عن قضايا فساد تتعلق بنتنياهو وأسرته، مما دفعه إلى ردود فعل حادة والتشكيك في نزاهة هذه المؤسسات.
الانتقادات الدولية
واجه نتنياهو انتقادات دولية واسعة بسبب سياساته العدوانية نحو الفلسطينيين والمستوطنات والاتفاق النووي الإيراني. هذه الانتقادات جاءت من دول أوروبية ومنظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة.