رسام الكاريكاتير علاء اللقطة: أداوي جراح المرضى بالمشرط.. وجراح أهل غزة بالريشة (فيديو)
“نحن كرسامي كاريكاتير مهددون دائما.. أتذكر في عام 2017 هددني المتحدث باسم جيش الدفاع الإسرائيلي أفيخاي أدرعي بشكل شخصي”.
هكذا بدأ رسام الكاريكاتير الشهير علاء اللقطة ابن مخيم الشاطئ بقطاع غزة حديثه مع الجزيرة مباشر حول رعب الاحتلال من الفن الذي يقدمه.
وأضاف: “قال أفخاي لي في تغريدته على موقع تويتر آنذاك، بأنه عليك أن تترك تحريض الشعب الفلسطيني، وتتفرغ لفن الكاريكاتير أحسن لك، فأجبته بتغريدة سأتفرغ لفن الكاريكاتير حينما أعود إلى أرضي الفلوجة التي احتلها الاحتلال عام 1949”.
من الطب إلى الكاريكاتير
في عام 1990 سافر اللقطة إلى رومانيا لدراسة الطب الذي لم يكن موجودا بغزة في ذلك الوقت، وبينما كان يخط في دفتر المحاضرات شاهده رسام كاريكاتير روماني فقال له لقد أخطأت المهنة، في إشارة إلى أنه كان من المفترض أن يدرس هذا الفن بدلا من الطب، وفق علاء.
وأضاف: “الطب مهنة سامية وعظيمة إلا أن هناك كثيرين من الزملاء المميزين الذين من الممكن أن يسدوا هذه الثغرة، لكن فن الكاريكاتير المقاوم نادر بالنسبة لنا كفلسطينيين، قاومته كثيرًا لكنني في النهاية استسلمت، وتركت مهنتي كطبيب تجميل وأتفرغ الآن للكاريكاتير بشكل كامل”.
الكاريكاتير فن المقاومة الناعمة
واعتبر اللقطة أن فن الكاريكاتير هو فن المقاومة الناعمة وأحد أساليبها التي تسند المجاهد بالميدان، مؤكدًا أنه “يجب أن تترجم البطولات على أرض الواقع بناحية فنية سواء بطولة المقاومة أو صمود الشعب أو فضح جرائم الاحتلال”.
وأشار إلى أن فن الكاريكاتير يعتمد على إرسال رسائل تغني عن مئات المقالات والأخبار، قائلًا: “هذا الفن ليس له ترجمان بمعنى أنه لغة عالمية أربكت الاحتلال لأننا استطعنا من خلالها أن نخاطب كل العالم بمختلف أجناسه ودياناته ونعرفه بالقضية الفلسطينية وسحبنا البساط من تحت الاحتلال”.
كيف سطر الرسام أحداث غزة؟
يقول اللقطة إنه ابن غزة ويعرف شوارعها وأحياءها بل وأزقتها الخفية بالتفاصيل، وهو أفضل من يعبر عنها، مضيفًا: “خرائط هذه المدينة محفورة في رأسي وعندما تحدث مجزرة أو قصف أعرف تماما أين حدثت وما تأثيرها؟”.
واستدرك: “عندما كنتُ طفلا شاركت في انتفاضة الحجارة، لذلك أعي جيدًا ما يحدث بالقطاع رغم اغترابي لمدة 34 عاما، خاصة بعد قصف منزلي ومنزل عائلتي التي ما زالت تسكن غزة”.
وحول أهم الرسوم التي تركت أثرا خلال هذه الحرب، قال اللقطة: “هناك الكثير من الرسومات التي تم تداولها خاصة في وسائل التواصل الاجتماعي، لكني ركزت على بعض الرموز التي خلقتها الحرب على غزة، ويحلم بها العالم العربي والإسلامي”.
وأردف: “هناك رموز غابت عن ساحتنا لفترات طويلة مثل المقاوم والملثم، فهذه الصورة وضعت فيها كل ما أستطيع لكي أجسد عظمة هذا المقاوم ويصبح بطلًا مثل الأبطال الذين يسوّقون لهم كسبايدر مان فنحن لدينا غزة مان”.
وأشار رسام الكاريكاتير إلى المثلث الأحمر الذي خط عليه بخط الثلث “وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى”، ووجد انتشارا كبيرا، وكذلك كان لما تعرض له مستشفى الشفاء نصيب كبير من أعماله.
وأوضح: “أظهرت من خلال رسمتي كيف أن هذا الطبيب الذي رفض أن يتخلى عن مرضاه ويترك موقعه في إنقاذ الناس يتعرض للاعتقال والتعذيب والقتل والدفن داخل مستشفى الشفاء، فرسمته كأنه فارس أصبح يقاوم في الميدان ولا يقل عن أهل غزة في صمودهم ودفاعهم عن فلسطين”.
المجاعة.. رغيف الخبز كالقمر
واعتبر اللقطة أن المجاعة عار على جبين الأمم جميعها إذ يتعلق الأمر بالإنسانية، متسائلا كيف في ذلك الزمان والمكان أن يعيش أهله مثل هذا، وهم لا يريدون سوى العيش بحرية.
وأضاف: “الأطفال يعانون من المجاعة ودول عربية على بعد كيلومترات، كيف لهم أن يتعرضوا للموت جوعا أمام أعين الكاميرات”.
وأردف “لذلك رسمتُ رغيف الخبز على هيئة قمر ينظر إليه الأطفال ويحلمون بالوصول إليه، اليد الصغيرة تمتد إلى رغيف الخبز أو رضعة حليب، وبدلا من الرضاعة ينزل عليها صاروخ”.
ردود عالمية على فن الكاريكاتير
ويرى اللقطة أنه بفضل وسائل التواصل الاجتماعي استفاد فن الكاريكاتير على نطاق واسع، وهذا ما تترجمه المشاهدات والتفاعل معه عبر صفحاته الخاصة من مختلف الأنحاء، مضيفا أنه رغم القيود المفروضة على هذه المواقع فإنه استطاع توصيل رسالته.
وأضاف: “نجح فن الكاريكاتير في إثبات أن هذا الشعب تمسك بأرضه مثلما هو متمسك بدينه وعقيدته، عكس ما روّجت له بعض وسائل الإعلام العربية من أنهم باعوا أرضهم، كذلك عبر الكاريكاتير عن أصالة شعب فلسطين وقوته”.
وأكد أن ريشة الكاريكاتير أرّخت للقضية الفلسطينية في مرحلة من أهم مراحلها وأكثرها خطورة وهي مرحلة العدوان على غزة، مضيفا: “من أراد أن يعرف ماذا حدث في غزة منذ بداية العدوان حتى هذا اليوم فليتابع أعمال الكاريكاتير فسيجد الصورة أكثر وضوحًا وصدقًا”.
واختتم حديثه معبرا عن أمله العودة مرة أخرى إلى أرض فلسطين التي احتضنت رفات والديه وأجداده، ليرسم كاريكاتير النصر.