أهالي معتقلين مصريين يطلقون مبادرة للإفراج عنهم مقابل اعتزالهم السياسة.. هل تستجيب السلطة؟

قوات أمن مصرية تحرس أحد مداخل سجن طرة في العاصمة المصرية القاهرة، أغسطس/آب 2015 (أسوشيتد برس)

حظيت مبادرة “أسر سجناء مصر السياسيين” التي أطلقها أهالي السجناء بدعم كبير منذ انطلاقها، إذ لاقت ترحيبًا ومؤازرة من مختلف أطياف المجتمع.

وتهدف المبادرة إلى الإفراج عن المحبوسين السياسيين مقابل تعهدات وضمانات بأن المفرج عنهم لن يشاركوا في أي نشاط سياسي.

تأتي هذه المبادرة في محاولة لكسر الجمود الذي يحيط بملف الإفراج عن المحبوسين احتياطيًّا والسجناء السياسيين في مصر، وتزامنًا مع الجلسات الجديدة للحوار الوطني.

خطوة مهمة

اتخذت مبادرة “أسر سجناء مصر السياسيين” خطوة مهمة بالتواصل رسميًّا مع “لجنة الحوار الوطني”، فضلًا عن شرح تفاصيل المبادرة وأهدافها للجهات المسؤولة، وطلب تبنيها رسميًّا ضمن الحوار الوطني.

وكشف عضو لجنة العفو الرئاسي كمال أبو عيطة للجزيرة مباشر أن اللجنة أُخطرت بالمبادرة وتفاصيلها، التي وصفها بالإيجابية، من أجل رفعها إلى المسؤولين.

وجرى تفعيل لجنة العفو الرئاسي في 24 من إبريل/نيسان 2022 بالتزامن مع دعوة الرئيس السيسي لبدء أول حوار وطني منذ وصوله إلى الرئاسة في 2014.

ويسعى أهالي المحبوسين من خلال هذه المبادرة إلى إيصال أصواتهم إلى الجهات المعنية، وبذل جهد جماعي لتحرير ذويهم من السجون.

كما تُطرح المبادرة الجديدة مع تصاعد الانتقادات لجمود ملف الإفراج عن السجناء السياسيين، إذ لم تثمر الجهود السابقة في إطلاق سراح أعداد كبيرة منهم.

ردود الفعل والتوقعات

ونجحت المبادرة في الحصول على دعم أعضاء في لجنة “الحوار الوطني” و”لجنة العفو الرئاسي” وعدد من الشخصيات السياسية والحقوقية والبرلمانية، وتم إرسالها إلى المسؤولين الأمنيين على الملف.

كما جمعت أكثر من 7000 توقيع خلال أسبوع، معظمهم من أهالي السجناء من مختلف المحافظات، وسط توقعات بانضمام المزيد.

وتباينت ردود الفعل بشأن المبادرة، إذ أعرب البعض عن تفاؤلهم بإمكانية نجاحها في تحقيق الإفراج عن المزيد من السجناء، بينما عبّر آخرون عن مخاوفهم من أن تظل المبادرة مجرد وعود دون تحقيق نتائج ملموسة.

المبادرة بين يدَي السلطة

مجددًا، قال كمال أبو عيطة “المبادرة الخاصة بأهالي المحبوسين تم استقبالها وعرضها على الجهات المختصة، ولم يتم الرد رسميًّا عليها حتى الآن، ونرى أنها مبادرة جيدة”.

وأضاف في تصريحات للجزيرة مباشر “أرى أنه يجب إخلاء سبيل أغلب المحبوسين فورًا بمجرد قراءة ملفاتهم، ومن واقع حضوري كمحامٍ وأتولى الدفاع عن بعضهم، لا يوجد أي مبرر من مبررات الحبس الاحتياطي”.

ورأى أبو عيطة أن أصداء المبادرة تتسع بانضمام المزيد من الشخصيات إليها، قائلًا “أود أن أشير هنا إلى أن المبادرة لها أصل في القانون وهو الإفراج عن المحبوسين بإجراءات احترازية، وملف الحبس الاحتياطي موجع للمصريين ولأسرهم في ظل الظروف الصعبة وتكاليف المعيشة المرتفعة”، في إشارة إلى أن الأسر لا تجد مصاريف الانتقال إلى السجون.

ورجّح أبو عيطة -عضو لجنة العفو الرئاسي ووزير القوى العاملة الأسبق- أن تجد مبادرة العفو الرئاسي صدى إيجابيًّا لدى المسؤولين، ويشير إلى أن المستفيد الأكبر من هذه المبادرة هو السلطة، حيث ستسهم في تهدئة حالة الغضب الشعبي من استمرار حبس آلاف الأشخاص.

وضع صفري في ملف الإفراجات

في السياق، قالت إحدى زوجات المحبوسين منذ سنوات للجزيرة مباشر “لم أنضم إلى المبادرة ولم أوقع عليها حتى الآن، ولكني أرحب بها في إطار الوضع الصفري الذي نعيش فيه، ولا توجد أي حلول لمعاناة المعتقلين وأهاليهم”.

وقللت الزوجة -فضلت عدم ذكر اسمها- من سقف توقعاتها من تلك المبادرة، قائلة “لا أعوّل كثيرًا على نجاح المبادرة، لأنها ليست الأولى، كانت هناك محاولات وتصريحات بُذلت في هذا الصدد من دون أي نتيجة”.

تحديات أمام تطبيق المبادرة

بدوره، قدَّر المدير التنفيذي للشبكة المصرية لحقوق الإنسان، أحمد العطار، عدد المحبوسين احتياطيًّا بأكثر من 20 ألفًا على الأقل، وقال إن “مبادرة أسر سجناء مصر السياسيين تمثل بصيص أمل جديد لعائلات السجناء السياسيين”.

لكن العطار أشار في حديثه للجزيرة مباشر إلى أن “التحديات تبقى كبيرة، لأن هذا مرهون بتغيير جذري في موقف السلطة، وهو أمر مستبعد في الوقت الراهن”.

حجب الأرقام

ويُقدَّر عدد المحبوسين في مصر بعشرات الآلاف معظمهم رهن الحبس الاحتياطي، ويمتد حبس عدد كبير منهم منذ عام 2013، ولا يوجد حصر رسمي بأعدادهم.

ولطالما انتقدت المنظمات الحقوقية ومن بينها منظمة “هيومن رايتس ووتش” السلطات المصرية، وطالبتها بزيادة الشفافية عبر نشر أعداد المحتجزين والسجناء في البلاد.

وأشارت هذه المنظمات إلى أن ذلك ينبغي أن يتضمن الإفصاح عن أعداد الأشخاص الذين اعتُقلوا في السنوات الأخيرة في إطار قمع المعارضة في مختلف أنحاء البلاد.

وأشارت المنظمات الحقوقية الدولية إلى أن آخر تقرير سنوي عن عدد السجناء في مصر أصدره “قطاع مصلحة السجون” التابع لوزارة الداخلية يعود إلى التسعينيات.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان