تحقيق لواشنطن بوست ينسف رواية إسرائيل حول مقتل الأمريكية عائشة نور
استعان بفيديوهات وشهادات حصرية

أجرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية تحقيقًا موسعًا، حول حادثة اغتيال الناشطة الأمريكية من أصل تركي عائشة نور، التي قتلتها قوات الاحتلال أثناء مشاركتها في حملة تطوعية لدعم الفلسطينيين في مواجهة العدوان الإسرائيلي على أراضيهم.
تحدثت صحيفة واشنطن بوست مع 13 شخصًا من شهود العيان ومن سكان المنطقة، واستعرضت أكثر من 50 مقطع فيديو وصورة قدمتها حصريًا حركة التضامن الدولية، وهي المنظمة التي تطوعت فيها عائشة نور، ومنظمة فزعة (Faz3a) وهي منظمة فلسطينية للدفاع عن حقوق الفلسطينيين.
اقرأ أيضا
list of 4 items- list 1 of 4المقاومة تعلن موعد تسليم جثة أسير إسرائيلي عُثر عليها بجنوب غزة
- list 2 of 4نازحون يسكنون داخلها.. صور جوية تظهر آثار الدمار الواسع في مقبرة غزة القديمة (فيديو)
- list 3 of 4حين يصبح النجاح ثأرًا.. وصايا الراحلين تقود أبناء غزة إلى التفوق في الثانوية العامة (فيديو)
- list 4 of 4تواصل البحث عن جثث أسرى إسرائيليين في حي الزيتون وسط ظروف ميدانية معقدة (فيديو)
وشكّك التحقيق في رواية إسرائيل حول مقتل عائشة، وبيّن أن الاشتباكات هدأت وأن المحتجين تراجعوا قبل وقوع الحادثة بنحو عشرين دقيقة.
#واشنطن_بوست تفند رواية #إسرائيل عن مقتل الناشطة الأمريكية #عائشة_نور.. وناشطون: “يا لها من مفاجأة!”#هاشتاج pic.twitter.com/NOKAv1hKKF
— برنامج هاشتاج (@ajmhashtag) September 12, 2024
عائشة نور.. بداية رحلة الشهادة
في صباح يوم 6 سبتمبر/أيلول، قال ناشطون إن عائشة نور وأربعة متطوعين آخرين استأجروا سيارة أجرة في رام الله، وقادوا السيارة حوالي 30 ميلًا شمالًا إلى منطقة بيتا في نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة، التي أقام فيها المستوطنون اليهود مجموعة من المنازل والمخيمات على قمة تل قريب أصبح بؤرة استيطانية يهودية.
ويقيم السكان الفلسطينيون صلاة الجمعة أسبوعيًا على التل المقابل للمستوطنة كعمل احتجاجي رمزي، ويقوم جيش الاحتلال بالحضور إلى المنطقة بشكل أسبوعي ويحاول منع صلاة الجمعة، وقمع المصلين بالغاز المسيل للدموع والرصاص.

التجمع للصلاة وبداية الأحداث
قالت هيلين، الناشطة الأسترالية التي تم تعيينها مرافقًا لعائشة نور لمراقبة مظاهرة الجمعة، إن عائشة كانت تشارك في الصلاة، وكان موقع صلاة الجمعة، عبارة عن حديقة تضم أرجوحة للأطفال ومنزلقًا على قمة تلة شديدة الانحدار، وكان الجنود الإسرائيليون متمركزين على طول محيط المكان.
وبدأ القرويون بالتجمع سيرًا على الأقدام وبالسيارات والاختلاط بالمتطوعين. بدأت الصلاة بعد الساعة 12:30 ظهرًا بقليل، واصطف الرجال في صفوف، وكانت عائشة جالسة على جانب الطريق، ورفعت يديها للصلاة، وتُظهِر مقاطع الفيديو التي التقطها النشطاء مشهدًا هادئًا لها أثناء الصلاة.
وبمجرد انتهاء خطبة الصلاة حوالي الساعة 1:05 ظهرًا، ووفقًا لمقاطع الفيديو وشهود العيان، فقد ابتعد السكان الأكبر سنًا بسياراتهم، واتخذ الشباب والأطفال مواقعهم على الطريق المؤدي إلى أسفل الحديقة.

تصاعد الأحداث وفرار الناشطين
قال شهود عيان إن الاشتباكات بدأت بوتيرة منتظمة بين جنود مدججين بالسلاح ومحتجين فلسطينيين، وقال سكان وناشطون إن قوات الاحتلال استخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريق الحشد، ثم لجأت على الفور تقريبًا إلى استخدام الذخيرة الحية.
وقال جوناثان بولاك، وهو ناشط إسرائيلي قديم في حركة “فزعة”، والذي يحضر مظاهرات بيتا بشكل متكرر وكان هناك في ذلك اليوم “كان الجنود الإسرائيليون مستفزين للغاية”.
وكان أليكس تشابوت، وهو متطوع أمريكي آخر يعمل مع “فزعة”، متأخرًا عن موعده، وعندما بدأ في الصعود إلى منطقة الصلاة، أخرج هاتفه ليبدأ التصوير، وكانت الساعة 1:14 ظهرًا، وفقًا لمراجعة صحيفة واشنطن بوست لبيانات الفيديو.
وفي أحد مقاطع الفيديو يصرخ أحد الأشخاص “غاز، غاز، غاز” وتظهر الإطارات المشتعلة في الطريق.
وقال شابوت (43 عامًا) وهو يصور المشهد وهو يتراجع إلى أسفل التل “الجنود اختفوا عن الأنظار”. ثم استدار ليركض، ثم توقف على مقربة من طفل يستخدم مقلاعًا.
وقالت هيلين إن عائشة كانت قد بدأت بالفعل “العودة إلى الطريق، خلف الأولاد، وخلف المتطوعين الآخرين”.
وقال ناشطون وفلسطينيون آخرون إنهم اختبأوا خلف الأشجار والصخور والمدرجات، بينما وضع آخرون حواجز في نقاط مختلفة على الطريق، بما في ذلك الصخور وحاوية قمامة. وهذا كان تكتيكًا شائعًا يستخدم لمحاصرة القوات الإسرائيلية، التي تداهم القرية بعد صلاة الجمعة.
وتظهر صورة التقطت في الساعة 1:21 ظهرًا أربعة جنود إسرائيليين على الأقل على قمة التل، ويُظهر مقطع فيديو وصور في الدقائق القليلة التالية جنودًا يتخذون مواقع على أرض مرتفعة، بما في ذلك على سطح منزل -ذي “الموقع استراتيجي”- علي معالي، أحد سكان بيتا، وبالقرب من مركبة عسكرية.

إطلاق الرصاص الحي
في مقطع فيديو تم تصويره في الساعة 1:22 ظهرًا يظهر الطريق بجوار بستان الزيتون، ويُسمع صوت طلق ناري، وفيه يقول أحد الناشطين خارج الكاميرا باللغة اليابانية “إنهم يطلقون النار ببنادق عادية”.
وقال ستيفن بيك، خبير الطب الشرعي الصوتي الذي عمل مستشارًا لمكتب التحقيقات الفدرالي وراجع اللقطات لصحيفة واشنطن بوست، إن الصوت الذي سمع في الفيديو كان متسقًا مع طلق ناري، وهو ما أكده خبير صوتي ثانٍ، هو روب ماهر.
وبعد دقيقة واحدة، اتصلت الناشطة البريطانية بعائشة للتحقق من مكانها، وفقًا لسجل المكالمات الذي اطلعت عليه صحيفة واشنطن بوست. وأخبرتها عائشة نور أنها وصلت بالفعل إلى بستان الزيتون أسفل التل، ونها قالت لها “ابقي هناك”.
وقالت هيلين أنها اتخذت موقفها خلف شجرة، وكان عائشة على يسارها، وقالت إن الدقائق القليلة التالية كانت “هادئة”، و”كانت لدينا فرصة لالتقاط أنفاس عميقة، والوقوف على مسافة اعتقدنا أنها آمنة”. وقال فلسطينيون ومتطوعون إن المشهد ظل هادئًا نسبيًا لمدة 20 دقيقة تقريبًا بعد ذلك.

ولكن أحد الجنود على السطح كان “يوجه بندقيته في اتجاهنا”، كما يتذكر بولاك، الذي كان يقف بجوار حاوية قمامة تم نقلها إلى منتصف الطريق في أسفل التل. وقال هو ونشطاء آخرون إنه كان أقرب شخص إلى القوات الإسرائيلية في ذلك الوقت، على بعد ما يزيد قليلًا عن 200 مترًا؛ وكانت عائشة أبعد بنحو 30 مترًا.
وقال إنه رأى وميضًا من فوهة البندقية وسمع طلقتين ناريتين، وقال علي معالي إنه سمع من شرفة منزله صوت “قوي” لإطلاق نار من الأعلى، وإن التأثير “هز المنزل”، وسمعت هيلين، وهي تقف بجانب عائشة، “صوت انفجار كبير للذخيرة الحية”.
"قناص استهدفها بشكل مباشر".. صحفي من #نابلس يكشف تفاصيل جديدة في اغتيال الاحتلال للمتضامنة الأمريكية من أصل تركي عائشة نور#الجزيرة_مباشر pic.twitter.com/Rj5tTa4FC1
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) September 7, 2024
طلق ناري وسقوط عائشة
ولم يتم التقاط لحظة إطلاق النار في أي من اللقطات التي استعرضتها صحيفة واشنطن بوست. وقال ناشطون وسكان إنه لم يحدث شيء يذكر في ذلك الوقت لتصويره.
وقال المتطوع الأمريكي تشابوت الذي ظن أنه سمع صوت رصاصة واحدة تنطلق من حاوية القمامة أمامه “يقول بعض الناس إن هناك رصاصتين، ويقول آخرون إن هناك ثلاث رصاصات. لقد كانت حالة من الفوضى”.
وفي الساعة 1:48 ظهرًا، بدأ التصوير، وسمع صراخ امرأة غير مرئية في الفيديو تقول “طلق ناري!” وتتوسل لطلب سيارة إسعاف.
وفي بستان الزيتون، رأت هيلين عائشة تسقط على وجهها على الأرض بجانبها، فقامت المرأة الأكبر سنًا بقلبها على جانبها. وقالت إن الدم كان يتدفق من الجانب الأيسر من رأس عائشة، وكانت فاقدة للوعي.

رواية الاحتلال
جاء في التحقيق الأولي الذي أجراه جيش الاحتلال في وفاة عائشة “أنه من المرجح للغاية أنها أصيبت بشكل غير مباشر وغير مقصود بنيران الجيش الإسرائيلي التي لم تكن موجهة إليها، بل كانت موجهة إلى المحرض الرئيسي لأعمال الشغب”.
ولكن الطلقات النارية التي أطلقت على الناشطين، بما في ذلك تلك التي أودت بحياة عائشة، جاءت بعد نحو 20 دقيقة من انسحابهم إلى أسفل التل، على مسافة تزيد على ملعبين لكرة القدم من أقرب جنود إسرائيليين.
ولم يرد جيش الاحتلال الإسرائيلي على أسئلة الصحيفة حول هوية “المحرض”، أو لماذا تم تبرير إطلاق النار الحي في ظل هذه الظروف.
إعلان استشهاد عائشة نور
في مقطع فيديو تم تصويره الساعة 1:49 ظهرت عائشة وهي تنزف ويحيط بها المسعفون. ويصرخ أحدهم “أحضروا نقالة بسرعة”، ونقلوا عائشة إلى سيارة إسعاف.
ثم أعلنوا وفاتها حوالي الساعة 2:35 بعد الظهر في مستشفى رفيديا، بحسب مدير المستشفى فؤاد نافع، بعد محاولات عدة للإنعاش.
وطالبت أسرة عائشة، بإجراء تحقيق مستقل وشفاف في مقتلها، وهي متطوعة من أجل السلام.