وول ستريت جورنال تكشف: هكذا خططت إسرائيل لاغتيال حسن نصر الله
“خصم مرعب”
أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، اليوم السبت، مقتل حسن نصرالله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، بالغارات التي شنتها القوات الإسرائيلية، أمس الجمعة، على الضاحية الجنوبية من بيروت.
وأضاف المتحدث باسم جيش الاحتلال “قضينا كذلك على قائد جبهة الجنوب في حزب الله علي كركي وقادة آخرين خلال الهجوم على المقر المركزي للحزب”.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsما هي قوات اليونيفيل؟ مهامها وعددها والاعتداءات الإسرائيلية عليها
إسرائيل تعلّق على استهدافها قوات “يونيفيل” في لبنان وسط تنديد دولي واسع
مسؤول كبير بحزب الله يكشف كيفية التعامل مع الجواسيس في لبنان (فيديو)
وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية في تقرير لها، اليوم السبت، أن إسرائيل نقلت معركتها مع حزب الله اللبناني إلى عتبة بيروت، عبر سلسلة من الهجمات الليلية على الضاحية الجنوبية للمدينة في أعقاب غارة جوية ضخمة استهدفت اغتيال حسن نصر الله.
وقالت مصادر مطلعة للصحيفة، إن قادة آخرين في الجماعة وأعضاء في الحرس الثوري الإيراني كانوا أيضًا في الموقع.
وغطى الدخان جزءًا كبيرًا من جنوب المدينة مع بزوغ فجر السبت، حيث تصاعدت أعمدة رفيعة من مواقع الضربات بينما ألقى السكان نظرة أولى على نتائج القصف.
خصم مرعب
وأظهرت صور بثتها وسائل إعلام محلية، مشاهد دمار كبير في الشوارع السكنية والتجارية، مع سيارات محترقة، وحطام متناثر على الطرقات، وحرائق ما زالت مشتعلة.
كما امتلأت مناطق أخرى من المدينة بشكل غير معتاد بالسكان الفارين من الأحياء الجنوبية بعد أن طلب منهم جيش الاحتلال إخلاء منازلهم قبل موجة القصف التي تبعت الهجوم على مقر الحزب.
وأشارت الصحيفة إلى أن الهجوم دمر جزءًا من حي، في محاولة لاغتيال نصر الله الذي قاد الجماعة ثلاثة عقود وبنى حزب الله ليصبح “خصمًا مرعبًا”. وذكرت القوات الإسرائيلية أن المقر الرئيسي لحزب الله كان مخبأً تحت تلك المباني.
إنهاك فرق الإنقاذ
وفي وقت لاحق، أشارت القوات الإسرائيلية إلى أنها تخطط لتنفيذ عمليات جديدة تستهدف ثلاثة مبانٍ تُستخدم لما وصفته بالقدرات الاستراتيجية لحزب الله تحت الأرض. وأفاد بعض السكان بتلقيهم مكالمات آلية من إسرائيل تحتوي على تحذير بإخلاء المنطقة.
وبدأت الضربات بعد 90 دقيقة من التحذير. وقال جيش الاحتلال إنه شن ثلاث موجات من الهجمات على بيروت طوال الليل وحتى صباح السبت الباكر. وبعد منتصف الليل بقليل، أعلنت إسرائيل أنها استهدفت صواريخ مضادة للسفن كانت مخزنة تحت ثلاثة مبانٍ سكنية. وبعد أقل من ثلاث ساعات، قالت إنها ضربت منشآت لإنتاج وتخزين الأسلحة، إضافة إلى ما وصفته بمراكز قيادة رئيسية لحزب الله.
وقال علي الحراكة -وهو مسؤول بلدي في منطقة حارة حريك- للصحيفة، إن فرق الدفاع المدني التي كانت تجري عمليات إنقاذ أُنهكت بعد الرد على الضربات خلال الليل، لكنه توقع أن يعودوا للعمل مع بزوغ النهار في المدينة.
“اختراق” حزب الله
من جانبها، دعت وزارة الصحة اللبنانية المستشفيات في المناطق المجاورة إلى التوقف عن استقبال الحالات غير الطارئة لإفساح المجال للمرضى الذين يتم إجلاؤهم من مستشفيات الضاحية الجنوبية.
ووفقا للصحيفة، تعد هذه السلسلة من الهجمات التي استهدفت نصر الله وجنوب بيروت أكثر التحركات الإسرائيلية عدوانية حتى الآن في إطار أسبوعين من العمليات الاستخبارية الدقيقة والاغتيالات والقصف العنيف، بهدف منع حزب الله من شن هجمات عبر الحدود اللبنانية على داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأوردت وول ستريت جورنال أن “مقتل نصر الله ضربة هائلة ليس فقط للجماعة التي يقودها، بل أيضًا لداعمها الرئيسي، إيران، كما أنه أقوى إشارة حتى الآن على أن حزب الله قد تم اختراقه بشكل كامل من قبل الاستخبارات الإسرائيلية”.
حسن نصر الله لا يمكن استبداله
وتأمل إسرائيل أن يؤدي مقتل نصر الله إلى إضعاف كبير للجماعة، ويجنب الحاجة إلى غزو بري لوقف هجمات حزب الله بالصواريخ والطائرات المسيّرة عبر الحدود. وقال مسؤول إسرائيلي رفيع، للصحيفة “قيادته القوية مختلفة، بعض الأشخاص لا يمكن استبدالهم”.
ووفقًا للتقرير فقد أشرف نصر الله على تحوّل حزب الله إلى “أقوى مليشيا غير حكومية في العالم” من حيث التسليح، ونجح في دمجه في النظام السياسي اللبناني. ومع ذلك، وجد نفسه في الأسابيع الأخيرة في عزلة متزايدة بسبب حملة الاغتيالات التي تشنها إسرائيل ضد قيادييه.
فقد اغتالت إسرائيل هذا الصيف مساعده الأبرز، فؤاد شكر، الذي أفلت من الملاحقة الأمريكية أربعة عقود، عبر غارة جوية استهدفت شقته في الطوابق العليا من مبنى سكني في الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث استُدعي بمكالمة هاتفية قبل وقت قصير من ذلك.
محاولة إضعاف حزب الله
وفي الأسبوع الماضي، انفجرت آلاف أجهزة الاتصال اللاسلكي والبيجر التابعة لحزب الله في وقت متزامن تقريبًا؛ مما أسفر عن استشهاد 37 شخصًا وإصابة نحو 3000 آخرين. وبعد ذلك بوقت قصير، استشهد أكثر من 12 قائدًا عسكريًّا من النخبة في حزب الله بغارة جوية على بيروت. كما اغتيل هذا الأسبوع قائد صواريخ حزب الله وقائد في وحدة الطيران التابعة للجماعة بضربات على الضاحية الجنوبية.
وتأتي هذه التحركات في إطار حملة إسرائيلية تهدف إلى إضعاف حزب الله ودفعه بعيدًا عن الحدود دون الحاجة إلى شن غزو بري. وقال مسؤول إسرائيلي رفيع، في هذا الصدد “تفضيلنا هو عدم القيام بغزو بري، قد يكون هذا تحولًا مهمًّا”.
وبدأ حزب الله إطلاق النار عبر الحدود بعد فترة وجيزة من هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول التي قادتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على جنوب إسرائيل، والتي أسفرت عن مقتل 1200 شخص. ومنذ ذلك الحين، تبادل الطرفان القصف يوميًّا تقريبًا؛ مما أدى إلى إخلاء مناطق على جانبي الحدود وزيادة المخاوف من تصعيد قد يتطور إلى حرب شاملة.
وصباح السبت، سقط صاروخ من نوع أرض أرض أطلق من لبنان في وسط الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث تردد صدى انفجاره في تل أبيب والمدن المجاورة. وقال جيش الحتلال إنه سمح للصاروخ بالسقوط في منطقة مفتوحة وفقًا لبروتوكولات الاعتراض.
وكثفت إسرائيل هجماتها خلال الصيف، وازدادت حدة الهجمات خلال الأسبوعين الماضيين، مع تصاعد الضغط على الحكومة لإعادة السكان الذين تم إجلاؤهم من الشمال إلى منازلهم.
وجاءت الضربة التي استهدفت نصر الله حوالي الساعة 6:20 مساءً بالتوقيت المحلي، بعد وقت قصير من خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث قال “لن نقبل بجيش إرهابي متمركز على حدودنا الشمالية قادر على تنفيذ مجزرة أخرى على غرار هجوم 7 أكتوبر”.
نتنياهو أمام قاعة شبه فارغة
وجاء خطاب نتنياهو أمام قاعة شبه فارغة بعد انسحاب عشرات الدبلوماسيين مع بدء كلمته، وجاءت تصريحاته وسط جهود دبلوماسية تقودها الولايات المتحدة لمنع اندلاع حرب شاملة.
وحذر وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، من العواقب إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وقال أوستن لشبكة “سي إن إن” أمس الجمعة “ستكون الحرب الشاملة بين حزب الله اللبناني وإسرائيل مدمرة لكلا الجانبين”، وأضاف أن أعداد الضحايا قد تكون مساوية أو تتجاوز ما شوهد في غزة.
وتحدث أوستن مع نظيره الإسرائيلي مساء أمس، ووصف مسؤول أمريكي المكالمة بأنها كانت متوترة جزئيًّا بسبب عدم إبلاغ إسرائيل الولايات المتحدة مسبقًا بالضربة.
200 ألف نازح
ووفقًا لوزارة الصحة اللبنانية، قتلت الضربات الإسرائيلية أكثر من 600 شخص في لبنان منذ يوم الاثنين، من بينهم عشرات النساء والأطفال، وأصابت نحو 2000 شخص.
وأفادت المنظمة الدولية للهجرة بأن أكثر من 200 ألف شخص قد نزحوا في لبنان نتيجة الصراع مع إسرائيل منذ أكتوبر، بما في ذلك حوالي 100 ألف شخص نزحوا حديثًا خلال الأسبوع الماضي، وبعضهم نزحوا للمرة الثانية.
كما استهدفت الطائرات الإسرائيلية مواقع في منطقة البقاع، ومدينة صور الساحلية، وجنوب لبنان خلال الليل. ومن جانبه، أطلق حزب الله عشرات القذائف على شمال إسرائيل صباح السبت، ووصل بعضها إلى مناطق بعيدة عن الحدود، وفقًا لما ذكره الجيش الإسرائيلي.