يسرائيل هيوم: اغتيال نصر الله غيّر قواعد اللعبة وتل أبيب باتت على مفترق طرق

“تحوّل دراماتيكي في ميزان القوى”

حسن نصر الله يظهر في فيديو بينما يرفع أنصاره أيديهم في الضاحية الجنوبية لبيروت خلال يوم عاشوراء (أسوشيتد برس)

أشار مقال تحليلي في صحيفة (يسرائيل هيوم) على خلفية اغتيال نصر الله وقادة حزب الله إلى أن إسرائيل باتت على مفترق طرق، وأن الاختيارات الإسرائيلية التي سيتم اتخاذها في الأيام والأسابيع المقبلة سيكون لها عواقب بعيدة المدى، فهي لن تحدد النتيجة المباشرة للصراع الحالي فحسب، بل وأيضًا شكل الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط لسنوات قادمة.

وأضاف الكاتب تسفيكا هايموفيتش، الذي كتب تحت عنوان “الضربة الإسرائيلية التي غيرت قواعد اللعبة”، أن توجيه ضربة قوية لحزب الله في هذه المرحلة، يمكن أن يؤدي إلى انهيار استراتيجية طهران الإقليمية التي تم وضعها بعناية، مما يجبرها على إعادة تقييم حساباتها الجيوسياسية.

منعطف حاسم

وتمثل العملية الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت قيادة حزب الله في بيروت منعطفًا حاسمًا في الصراع المستمر منذ عام والذي اجتاح الشرق الأوسط، وستعمل تداعياتها على إعادة تشكيل المشهد الجيوسياسي للمنطقة.

وفي سجلات الحرب، تبرز لحظات معيَّنة كنقاط انعطاف تغيّر مسار الصراع بشكل أساسي، فالهجوم على المركز العصبي لحزب الله في جنوب بيروت هو إحدى هذه اللحظات. إنه يشير إلى تحوّل استراتيجي، حيث استولت إسرائيل، بعد أشهر من ردود الفعل، على زمام المبادرة.

إن هذا الهجوم على المركز العصبي لحزب الله ، الذي بُني على مدى سنوات من العمل الاستخباري الدقيق، لا يهدف فقط إلى إضعاف قدرات حزب الله العسكرية، بل إلى تفكيك بنيته التحتية التشغيلية.

وتمتد آثار هذا الإجراء إلى ما هو أبعد من حدود لبنان، فمنذ نحو عقدين من الزمن، قامت إيران بتعزيز حزب الله بوصفه رادعها الأساسي ضد الهجمات المحتملة على برنامجها النووي، وركيزة أساسية في طموحاتها الأوسع في الشرق الأوسط.

وأضاف الكاتب “مع ذلك، فإن هذه الخطوة الجريئة تأتي مع أخطار كبيرة، إذ ستُختبَر مرونة الجبهة الداخلية لإسرائيل بشكل لم يسبق له مثيل، حيث تواجه أنظمة الدفاع الجوي لدينا تحديات غير مسبوقة”.

أنصار حزب الله اللبناني خلال كلمة للأمين العام للحزب حسن نصر الله (رويترز)

فرصتان مهمتان

إن احتمال التصعيد يلوح في الأفق بشكل كبير، وستكون الأيام المقبلة حاسمة في تحديد ما إذا كانت هذه العملية ستؤدي إلى حريق أوسع نطاقًا أو ستخلق فرصة للمبادرات الدبلوماسية.

توقيت هذه العملية ليس من قبيل الصدفة، وقبل أسبوعين، وسّعت الحكومة الإسرائيلية أهدافها الحربية لتشمل العودة الآمنة لسكان الشمال الذين نزحوا بسبب التوترات الحدودية. ورغم أن التحركات الأخيرة عُدَّت في البداية هدفًا غامضًا، فإنها أوضحت نية إسرائيل لإعادة هيكلة جوهرية للديناميكيات الأمنية على طول حدودها الشمالية. ويقدّم هذا التحول في الاستراتيجية فرصتين مهمتين:

أولًا: تعطيل محور النفوذ الإيراني برمته في المنطقة، فأصداء ضربة بيروت محسوسة حتى في طهران، مما قد يقوض تطلعات إيران الإقليمية على المدى الطويل. كما أن قوة التحالف الأمريكي الإسرائيلي ودعمه الواضح في هذه اللحظة سيكون حاسمًا في تشكيل رد إيران ومسار الصراع في المستقبل.

ثانيًا: أنه يجعل احتمال حل الصراع أقرب من أي وقت مضى في العام الماضي. ومن الممكن أن تؤثر هذه العمليات في ديناميات خارج لبنان، مما قد يؤثر في وضع الأسرى بقطاع غزة، ويغيّر حسابات قيادة حماس فيما يتعلق بشروط التفاوض.

 

وقد يزعم المنتقدون أن مثل هذا العمل العسكري الجريء يهدد بالمزيد من زعزعة الاستقرار في منطقة مضطربة بالفعل، إلا أن النهج المستهدف الذي تتبناه إسرائيل ـالتركيز على البنية الأساسية العسكرية لحزب الله مع تجنب أصول الدولة اللبنانيةـ يترك المجال لدبلوماسية ما بعد الصراع.

ويمكن لهذه الاستراتيجية الدقيقة أن تمهّد الطريق أمام اتفاق بوساطة أمريكية، ربما يشمل شركاء أوروبيين، يعالج المخاوف الأمنية الأساسية مع احترام السيادة اللبنانية.

وأوضح الكاتب “سوف يتوقف نجاح هذا المحور الاستراتيجي على عوامل عدة، منها قدرة السكان المدنيين في إسرائيل على الصمود في مواجهة الانتقام المحتمل، وفعالية أنظمتنا الدفاعية، وقدرتنا على ترجمة الإنجازات العسكرية إلى مكاسب دبلوماسية. وإذا أديرت هذه اللحظة ببراعة، فقد تؤدي إلى تحسّن جوهري في الوضع الأمني ​​لإسرائيل، وبالتالي الاستقرار الإقليمي”.

لحظة حرجة

وتابع “إن فرصة التغيير الإيجابي حقيقية، ولكن كذلك مخاطر التصعيد. إن الإبحار في هذا المشهد المعقد لن يتطلب الفطنة العسكرية فحسب، بل يتطلب أيضًا البراعة الدبلوماسية والبصيرة الاستراتيجية”.

وفي هذه اللحظة الحرجة، سيكون دعم وتفهّم المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة، أمرًا محوريًّا. وبينما تخوض إسرائيل أخطارًا محسوبة في سعيها إلى تحقيق الأمن على المدى الطويل، فإن صمود حلفائها سوف يشكل عاملًا حاسمًا في تحقيق شرق أوسط أكثر استقرارًا وسلامًا.

المصدر : يسرائيل هيوم

إعلان