نيويورك تايمز تكشف كواليس الساعات الأخيرة قبل إعلان اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

كشفت صحيفة (نيويورك تايمز) في تقرير مطول عن كواليس اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، الذي جاء نتيجة جهود وساطة قادها رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بالتعاون مع بريت ماكغورك كبير مفاوضي الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن، وستيف ويتكوف ممثل الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب.
وأوضحت الصحيفة أن المفاوضات شهدت عقبات عدة في اللحظات الأخيرة، بعدما اضطر الوسطاء إلى التعامل مع مطالب مفاجئة من الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، قبل التوصل إلى اتفاق في الساعات المتأخرة من مساء الأربعاء.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsأسرى غزة المحررون: نحن الذين لن ننسى ولن نغفر.. وإسرائيل تحت أقدامنا (فيديو)
عائلات الأسرى الإسرائيليين: لن نسمح لنتنياهو بعرقلة الاتفاق بسبب حساباته السياسية والشخصية (فيديو)
“الوقت ينفد”.. رسالة من أسير إسرائيلي قبل إفراج المقاومة عنه (فيديو)
عقبات اللحظات الأخيرة كادت تُفشل الصفقة
وحسب التقرير، فإن مفاوضي حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بقيادة أحد القادة السياسيين البارزين، وافقوا على إسقاط مطلب رئيسي كان العقبة الأخيرة أمام وقف إطلاق النار، ما دفع الصحفيين إلى التجمع في قاعة المؤتمر الصحفي بانتظار إعلان الاتفاق.
لكن في اللحظات الأخيرة، قدَّم الوفد الإسرائيلي مطلبًا جديدًا، إذ أصر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على الحصول على توضيحات بشأن أسماء مجموعة الأسرى الفلسطينيين الذين سيُطلَق سراحهم خلال الهدنة، مما أخّر إعلان الاتفاق رسميًّا.

“ماراثون” دبلوماسي لإنجاز الاتفاق
وفي وقت كان مساعدو الوسطاء يحاولون تجاوز العقبات الأخيرة، جلس رئيس الوزراء القطري في مكتبه برفقة ماكغورك وويتكوف، على أمل ألا تذهب جهودهم سدى بعد أيام من الاجتماعات المكثفة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الدور القطري كان محوريًّا في دفع المحادثات إلى الأمام، إذ ركز الوزير القطري على إقناع حماس بتقديم تنازلات رئيسية، بينما عمل المبعوثان الأمريكيان على دفع القيادة الإسرائيلية إلى قبول الصفقة، مستغلين علاقاتهم المختلفة بالجانب الإسرائيلي.
وأضاف التقرير أن إعادة انتخاب ترامب في نوفمبر/تشرين الثاني أسهمت في إعطاء زخم جديد للاتفاق، بعدما عيَّن ويتكوف مبعوثًا خاصًّا له للشرق الأوسط، رغم افتقاره إلى الخبرة الدبلوماسية.
الأيام الأخيرة قبل الاتفاق
وبدأت المفاوضات الحاسمة يوم الأحد الماضي، حين اجتمع الوفدان الإسرائيلي والفلسطيني في الدوحة، لكنهما لم يتحدثا بشكل مباشر، بل كان التواصل عبر مسؤولين قطريين ومصريين ينقلون الرسائل بين الجانبين.
ووفق التقرير، ساعد ماكغورك في صياغة الاتفاق النهائي، بينما أدى ويتكوف دورًا محوريًّا في إقناع إسرائيل بالموافقة، في حين كان رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري يعمل على إقناع حماس.
وخلال الأيام التالية، عُقدت اجتماعات مكثفة في الدوحة والقدس، إذ توجه ويتكوف إلى القدس السبت الماضي، في زيارة قالت الصحيفة إنها أحدثت اختراقًا كبيرًا.

الضغط الأمريكي على نتنياهو
وفي اجتماع نتنياهو مع كبار المسؤولين الإسرائيليين، انضم ماكغورك عبر الهاتف، وضغط كلا المبعوثين على رئيس الوزراء الإسرائيلي للتخفيف من العقبات الأخيرة.
ووفق التقرير، حذر ماكغورك نتنياهو من أن هذه الفرصة قد تكون الأخيرة للتوصل إلى اتفاق، بينما مارس ويتكوف ضغطًا إضافيًّا، مؤكدًا أن ترامب يريد إتمام الصفقة.
بعد ذلك، أصدر نتنياهو أوامره لكبار مفاوضيه الأربعة بالسفر إلى الدوحة، حيث استضاف رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري “ماراثونًا” من الاجتماعات، امتدت حتى الساعات الأولى من الصباح، بمشاركة مفاوضي حماس والمسؤولين الإسرائيليين وضباط المخابرات المصرية والأمريكيين.
التوصل إلى اتفاق نهائي
وفي حديثه للصحيفة، قال وزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية الدكتور محمد الخليفي “كنا نتفاوض كلمة بكلمة، جملة بجملة، وصيغة بصيغة. كان الأمر مرهقًا عقليًّا وجسديًّا”.
وأكد التقرير أن الإنجاز تحقق عندما عرض رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري على الأمريكيين صيغة وسطية، تتضمن زيادة طفيفة في عدد الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم وتقليص عمق المنطقة العازلة. ووافق نتنياهو وفريقه على هذه التسوية، مما مهد الطريق لإعلان الاتفاق.

عقبات اللحظات الأخيرة قبل الإعلان
بعد ذلك، ضغطت إسرائيل للحصول على توضيحات إضافية بشأن الأسرى الفلسطينيين، مما أدى إلى تأخير الإعلان الرسمي لساعات إضافية، لكن في النهاية، أُبرم الاتفاق وأُعلِن التوصل إليه في مؤتمر صحفي.
ورغم التأخير والمطالب المتغيرة، فقد شعر المبعوثان الأمريكيان بالثقة الكافية لإبلاغ رئيسيهما بالتوصل إلى وقف إطلاق النار.
وفي ختام التقرير، وصفت الصحيفة الاتفاق بأنه “إحدى أكثر الشراكات الثنائية غرابة في التاريخ الدبلوماسي”، إذ تعاون ثلاثي غير متوقع (رئيس وزراء قطر ومبعوث بايدن وممثل ترامب) لإنجاز هدنة قد تغيّر مسار الصراع في غزة.