فايننشال تايمز: صور مقاتلي حماس الذين عادوا فوق الأرض في غزة صدمت الإسرائيليين

مشهد تسليم أسيرات الاحتلال الثلاث بمثابة رسالة تحدٍّ لإسرائيل

من تسليم أسيرات الاحتلال الثلاث ضمن المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار (الأناضول)

سلطت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، الضوء على صور مقاتلي المقاومة الفلسطينية الذين ظهروا في قطاع غزة عقب دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة وإسرائيل حيز التنفيذ يوم الأحد 19 يناير/كانون الثاني الجاري.

وذكرت الصحيفة، في تقرير، اليوم الثلاثاء، أن مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الذين عادوا إلى فوق الأرض عقب وقف إطلاق النار في غزة وأكدّوا سلطتهم، صدمت الإسرائيليين وأثارت تساؤلات جديّة حول فعالية الحملة الشرسة التي شنتها إسرائيل على القطاع المحاصَر.

وأضاف التقرير أنه بعد ساعات من بدء وقف إطلاق النار الأحد، ظهر العشرات من المقاتلين الملثّمين من كتائب القسام -الذراع العسكري لحماس- بأقنعتهم السوداء المميزة وعصابات الرأس الخضراء، لتسليم 3 أسيرات إلى الصليب الأحمر.

استعراض للقوة وتحدٍّ لإسرائيل

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قد تعهّد بـ”تدمير” حماس في أعقاب هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وبدلًا من ذلك، بعد 15 شهرًا من خوض “حرب عصابات” تحت الأرض، أصبح مسؤولو حماس ومقاتلوها ورجال الشرطة في الأيام التي تلت الاتفاق من بين أنقاض القطاع المحطم، على استعداد على ما يبدو لحكم غزة مرة أخرى.

وقال إسماعيل الثوابتة، المتحدث باسم حكومة غزة “نحن نعمل وفقًا لخطة طوارئ. لا يمكننا ترك شعبنا في فراغ لإرضاء نتنياهو”. وأضاف أن سلطات القطاع تخطط لاجتماعات لاستعادة التعليم وإعادة فتح المساجد للصلاة وتحسين الخدمات الصحية في المستشفيات التي قُصِفت بشكل متكرر.

في هذا السياق، قال مخيمر أبو سعدة، الأستاذ في جامعة نورث وسترن في الولايات المتحدةحماس لم تنتهِ على الرغم من خسائرها العسكرية”، موضّحًا أن الطريقة التي تم بها تسليم الأسيرات كانت “استعراضًا للقوة وعملًا من أعمال التحدي لإسرائيل”، وأردف “لقد ترك اتفاق وقف إطلاق النار ترتيبات غامضة لليوم التالي ولحكم غزة”.

صور صدمت الإسرائيليين

في إسرائيل، صدمت صور مقاتلي حماس الذين عادوا فوق الأرض وفرضوا سلطتهم، الرأي العام في تل أبيب، وأثارت تساؤلات جدية حول فعالية الحملة الشرسة التي شُنت على غزة.

وفي حين قال بعض المحللين الإسرائيليين إن موكب المسلحين الملثمين كان حيلة إعلامية لإخفاء خسائر حماس، رأى آخرون في ذلك دليلًا على افتقار حكومة نتنياهو إلى التخطيط الاستراتيجي.

ورفضت إسرائيل النظر في دورٍ بعد الحرب في غزة للسلطة الفلسطينية التي تمارس حكمًا ذاتيًّا محدودًا في أجزاء من الضفة الغربية المحتلة.

حماس لا تزال واقفة على قدميها

وقال المحلل الإسرائيلي آفي يساخاروف “غزة مدمرة، لكن حماس لا تزال واقفة على قدميها. والسبب في ذلك هو عدم اهتمام الحكومة الإسرائيلية بمناقشة أي خيار آخر لنظام بديل في غزة“.

وخلّفت الحرب الإسرائيلية على غزة ما يقرب من 47 ألف شهيد، وفقًا لمسؤولي الصحة الفلسطينيين، وتدمير مساحات شاسعة من أراضي القطاع. وأشارت الصحيفة إلى أن حماس تعرّضت لخسائر هائلة حيث فقدت العديد من كبار قادتها بمن فيهم زعيمها يحيى السنوار، إلى جانب ما يقدر بالآلاف من مقاتليها.

ولكن المسؤولين الدوليين يحذرون من أن ضراوة الحملة الإسرائيلية والمعاناة المدنية ربما تكون قد اجتذبت أعضاءً جددًا إلى حماس، حيث صرح وزير الخارجية الأمريكي المنتهية ولايته أنتوني بلينكين الأسبوع الماضي بأن واشنطن تعتقد أن الحركة جنّدت عددًا من المسلحين يساوي تقريبًا عدد من فقدتهم.

استعادة النظام في غزة

ومنذ يوم الأحد، سعت السلطات في غزة إلى استعادة القانون والنظام والسيطرة الإدارية على القطاع، وجرى نشر الشرطة على بعض الطرق والدوّارات، بينما تحاول المجالس المحلية فتح الشوارع المغلقة بالحطام الخرساني واستعادة الخدمات.

وقال التقرير إنهم يبدو أنهم حققوا بعض النجاح، حيث دخلت مئات الشاحنات منذ وقف إطلاق النار، ويقول مسؤولو المساعدات إن وجود الشرطة ساعد على ردع اللصوص الذين هاجموا في الأشهر الأخيرة عمليات التسليم بشكل متكرر، وفقا للصحيفة.

التحديات أكبر بكثير

واستدرك التقرير: “لكن من يحاول حكم غزة سيواجه تحديات أكبر بكثير، فالبنية التحتية المدمرة وملايين الأطنان من الأنقاض سوف تتطلب استثمارات ضخمة لإزالة الأنقاض والبدء في إعادة البناء”.

بالنسبة ليحيى السراج، الذي يرأس مجلس مدينة غزة، فإن الأولوية الآن هي إزالة الأنقاض التي تسد الشوارع، لكنه قال إن 80% من المعدات الثقيلة التي تملكها البلدية مثل الجرافات قد دُمّرت، وقال “إنها مشكلتنا الأكبر”.

ورغم مع دخول المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار التي تستمر 6 أسابيع، حيز التنفيذ، فلا يزال يتعين على المفاوضين الانتهاء من المرحلة الثانية والثالثة المحتملتين من الاتفاق لإنهاء الحرب بشكل دائم، قبل بدء إعادة الإعمار.

وفي ختام التقرير، يقول أبو سعدة وآخرون إن التمويل بالحجم المطلوب من غير المرجح أن يأتي إذا ظلت حماس في السلطة، نظرًا إلى المعارضة الإسرائيلية والأمريكية لذلك.

المصدر : فايننشال تايمز

إعلان