راهبة أمريكية تروي مواقفها مع قوات الاحتلال في الضفة.. وهكذا ترى حركة حماس (فيديو)

حذرت راهبة أمريكية، عاشت 10 سنوات في الأراضي الفلسطينية المحتلة وشاهدت عن قرب انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي، مما يجري للفلسطينيين اليوم في الضفة الغربية، واصفة ممارسات الاحتلال هناك بأنها “قتل صامت”.
وقالت الراهبة الأمريكية أجابيا ستيفانوبوليس، في مقابلة مع الجزيرة مباشر، إن على المجتمع الدولي ألا ينخدع بفكرة أن وقف إطلاق النار في غزة يعني نهاية معاناة الفلسطينيين أو توقف الإبادة الجماعية، مؤكدة أن الاحتلال يمارس سياسات “القتل البطيء” في الضفة الغربية وسط غياب تغطية إعلامية كافية، وخصوصا في وسائل الإعلام الغربية.
وتحدثت ستيفانوبوليس، وهي راهبة أرثوذكسية أمريكية من نيويورك خدمت في كنيسة ومدرسة بمدينة العيزرية قرب القدس المحتلة منذ عام 1996، عن مشاهداتها خلال السنوات التي قضتها بين بيت لحم والقدس الشرقية، وكيف استُبعدت من منصبها وأُجبرت على مغادرة فلسطين عام 2006.
“شعرت بأنهم سيقتلونني”
ووصفت ستيفانوبوليس أحد المواقف المتكررة التي تعرضت لها عند حاجز عسكري في بيت لحم، قائلة “كان هناك جندي إسرائيلي، وكثيرا ما كانوا يتعمدون إرباكنا ويلعبون هذه اللعبة. لا تعرف إن كانوا يسمحون لك بالمرور أم ينتظرونك لتتحرك ثم يمنعونك. في أحد الأيام ظننت أنه أشار لي بالعبور، فتحركت، وشعرت للحظة أن السلاح فوق رقبتي وأنني قد أُقتل. هذا كان يحدث باستمرار”.
وأضافت أن مثل هذه المواقف كانت تتكرر يوميا، وأن إطلاق النار على المدنيين لم يكن أمرا نادرا، مشيرة إلى “حوادث كانت تُقتل فيها نساء حوامل أثناء محاولتهن الوصول إلى المستشفيات عبر الحواجز”.

“الضفة تعيش إبادة جماعية بطيئة”
ومع اندلاع الانتفاضة الثانية وبداية بناء الجدار الفاصل بين العيزرية والقدس الشرقية، تأثرت المدرسة التي كانت تديرها الراهبة الأمريكية بشكل مباشر.
وقالت “بعد عام 2000 أصبح الوصول إلى الكنيسة والمدرسة صعبا للغاية، فسافرت إلى واشنطن لشرح تأثير الجدار في المجتمع المسيحي هناك، لكن عند عودتي عام 2005 جرى استدعائي من قِبل رئيسة الدير وأُبلغت بأن أحد مسؤولي بلدية القدس سأل عن سبب زيارتي لواشنطن. وبعدها مُنعت من إدارة المدرسة، وأُجبرت على مغادرة فلسطين”.
وتعيش ستيفانوبوليس اليوم في نيويورك، لكنها تزور الأراضي الفلسطينية مرتين سنويا.
وتقول إنها كانت في الضفة الغربية قبل أسابيع فقط، ووصفت الوضع الحالي بأنه “الأسوأ منذ الانتفاضة الثانية”، موضحة أن “الاحتلال توسَّع في بناء المستوطنات، وزاد من عدد الحواجز والقيود على الحركة”.
وأكدت الراهبة الأمريكية أن الضفة الغربية تشهد حاليا عملية تهجير صامتة لعشرات الآلاف من الفلسطينيين في الضفة، وخصوصا في طولكرم وجنين.
وأضافت أنها دأبت على زيارة المكان التي قُتلت فيه الصحفية شيرين أبو عاقلة وإحياء ذكراها، لكنها فوجئت في زيارتها الأخيرة بمحو الاحتلال ملامح المكان بالكامل، واصفة ما يجري بـ”محو للتاريخ الفلسطيني القديم والجديد في آن واحد”.
وتابعت “قلت لأمي قبل 20 عاما إن ما يحدث هو إبادة جماعية ببطء، واليوم لا يزال الأمر مستمرا بوتيرة أكبر. العالم يظن أن الأمور تحسنت باتفاق وقف إطلاق النار، لكن الاحتلال ما زال قائما بأشكال أخرى، وهو ما أسميه القاتل الصامت”.

“حماس ليست إرهابية”
ورأت ستيفانوبوليس أن إسرائيل نجحت في تصدير “رواية مضللة عن طبيعة الصراع”، وخدعت بها معظم الأمريكيين، لكن هذه الرواية بدأت تتهاوى بعد ما وصفتها بـ”الإبادة الجماعية” في قطاع غزة.
وقالت “يُقدَّم الصراع وكأنه ديني بين المسلمين واليهود، وتُوصف حماس بأنها منظمة إرهابية مثل داعش، لكن خلال سنواتي هناك لم أرَ ما يثبت ذلك”.
وأضافت “المسلمون والمسيحيون عاشوا في انسجام كامل. في المدرسة التي كنت أديرها، كان نصف المعلمين مسلمين والنصف الآخر مسيحيين، والطلاب من الجانبين”.
ورأت أن حماس امتداد طبيعي للمقاومة الفلسطينية، وأن “الإرهاب الحقيقي مصدره إسرائيل”.
وقالت “الانتفاضة الأولى بدأت في بيت ساحور، وهي بلدة مسيحية قرب بيت لحم، عندما قرر الفلسطينيون مقاومة الاحتلال الذي نهب أراضيهم. وتطورت حركات المقاومة على مدار السنين، وحماس ما هي إلا شكل من أشكال المقاومة ضد المحتل الذي يقتل الشعب وينهب أرضه”.
وأشارت إلى أنها شهدت بنفسها محاولات الفلسطينيين للمقاومة السلمية، وأضافت “في بداية الانتفاضة الثانية كنا مجموعة من القادة الدينيين، أساقفة وكهنة وأئمة، حاولنا السير من كنيسة المهد إلى أحد الحواجز، لكننا واجهنا دبابات وجنودا يصوبون أسلحتهم نحونا. إذا كان هذا يحدث لرجال دين، فماذا يمكن أن يحدث لأي فلسطيني يحاول الاعتراض؟”.
وانتقدت الراهبة الأمريكية تغطية وسائل الإعلام الغربية التي “تتبنى الرواية الإسرائيلية دون مساءلة أو تدقيق”.
وأضافت “حاولت شرح حقيقة ما يجري للمسؤولين في واشنطن. قلت لهم إن الفلسطينيين لا يريدون قتل أحد، بل الدفاع عن أرضهم. لكن الرد كان دائما واحدا: حماس خطر على المسيحيين”.
وتابعت “المفارقة أن هؤلاء لم يذهبوا إلى هناك أبدا، ولم يروا ما يحدث. أنا التي عشت هناك راهبة مسيحية، وأعرف الواقع على الأرض. الإعلام الأمريكي لا ينقل القصص الحقيقية، وهذا يجعل من الصعب على الناس أن يفهموا ما يجري”.
واختتمت ستيفانوبوليس حديثها، مؤكدة أن الحرب لن تنتهي إلا بإنهاء الاحتلال وقيام دولة فلسطينية مستقلة، مشددة على أن “الأمر لا يتعلق بالعقيدة اليهودية، بل بأطماع سياسية واضحة يقودها نتنياهو للبقاء في السلطة”.
وقالت إن الحل الوحيد يكمن في “وقوف قادة دول العالم بحزم وإنهاء الاحتلال، لأن الفلسطينيين قادرون على إدارة دولة مستقلة وإدارة أمورهم بنجاح إذا أتيحت لهم الفرصة لذلك”.
