ماذا يعني سقوط الفاشر في أيدي قوات الدعم السريع؟

دمار في منطقة السوق بالفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور بالسودان (غيتي - أرشيفية)

اعترف الجيش السوداني بالانسحاب من مقر الفرقة السادسة في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، في حين أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على مقر الفرقة، وقالت إنها ألحقت خسائر فادحة في صفوف الجيش السوداني خلال معاركها للسيطرة على المدينة الواقعة غربي السودان.

ورغم إعلان الجيش السوداني أنه يواصل تصديه لهجمات الدعم السريع على الفاشر في 5 محاور، فقد سارع الباشا طبيق، مستشار قائد قوات الدعم السريع، إلى تأكيد سيطرة قوات الدعم على المدينة.

ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في إبريل/نيسان 2023، لم تعد مدينة الفاشر مجرد عاصمة لولاية شمال دارفور، بل صارت قلب الصراع وميزانا يحدد اتجاهاته ومآلاته.

تقع المدينة ذات الثقل التاريخي والسياسي والثقافي عند تقاطعات جغرافية استراتيجية تربط السودان بتشاد وإفريقيا الوسطى وليبيا، مما يجعل السيطرة عليها ورقة تفاوضية تتجاوز الداخل إلى أبعاد إقليمية ودولية.

معركة فاصلة

يرى مراقبون أن حسم المعركة في الفاشر لن يكون مجرد انتصار عسكري، بل خطوة فارقة قد تحدد مستقبل البلاد، إما عبر تعزيز وحدتها أو الدفع بها نحو واقع انقسامي جديد.

وقال الخبير الأمني والعسكري محمد الشريف إن معركة الفاشر “هي معركة نفسية أكثر من كونها للسيطرة على الأرض”، مضيفا أن “سقوط الفاشر في أيدي الدعم السريع قد يفتح الباب أمام جرائم حرب وإبادة عرقية، نتيجة الشحن والعداوات التاريخية بين الأطراف”.

وأوضح الشريف في حديث للجزيرة مباشر أن “نجاح قوات الدعم السريع في السيطرة على المدينة سيرفع معنويات مقاتليها، لكنه قد يفجّر أيضا ضغوطا دولية لإطلاق عملية تفاوض شاملة، خاصة إذا استُخدم المدنيون دروعا بشرية”.

وأفاد الخبير العسكري بأن “الدعم السريع فقدَ الكثير من تماسكه في الجبهات الأخرى، لذلك يركز على الفاشر كورقة ضغط حاسمة”.

الأطراف السياسية

قال حاكم إقليم دارفور في حكومة السلام التابعة لتحالف التأسيس بقيادة الدعم السريع، الهادي إدريس، في تصريح خاص للجزيرة مباشر “أهمية الفاشر تكمن في أنها العاصمة التاريخية والسياسية للإقليم”. وأضاف “معركة الفاشر وجودية بالنسبة لنا، وسننتصر فيها”.

وشدَّد رئيس حركة تحرير السودان ووالي وسط دارفور، مصطفى تمبور، على أن الفاشر تمثل “الثقل السياسي والعسكري لدارفور، والصلة بين الإقليم وشمال السودان والدول الإفريقية المجاورة”.

وأضاف تمبور للجزيرة مباشر أن “الدفاع عن الفاشر مسألة وطنية لا يمكن التهاون فيها”، وأن “الفاشر لن تسقط في أيدي الدعم السريع مع الصمود”.

بدوره، رأى رئيس تحرير صحيفة “التيار” عثمان ميرغني أن التصعيد العسكري يعكس “سعي الدعم السريع لتوسيع نطاق سيطرته وسط مقاومة شرسة من الجيش”.

وحذر ميرغني، في تصريح للجزيرة مباشر، من أن تجاهل النداءات الإنسانية “يضاعف حجم الكارثة”، في ظل حصار خانق على المدينة منذ يونيو/حزيران 2024 جعل الغذاء والدواء عملة نادرة.

وضع كارثي

إلى جانب المعركة العسكرية، تعيش المدينة كارثة إنسانية متفاقمة، فقد أكدت خديجة موسى، المديرة العامة لوزارة الصحة بشمال دارفور، أن “المستشفيات شبه معطلة والأدوية نفدت والآلاف محاصرون بلا غذاء ولا ماء”.

وأضافت في تصريحات للجزيرة مباشر “نستقبل يوميا ما بين 100 و200 إصابة، ونكفّن الموتى بما يرتديه الأطباء أثناء العمليات”.

الصورة نفسها أكدها الدكتور عثمان سليمان شالوكا، مقرر لجان مقاومة الفاشر، موضحا للجزيرة مباشر أن “أكثر من 73 طفلا دون الخامسة و22 من كبار السن لقوا حتفهم خلال 40 يوما فقط بمعسكر أبو شوك، نتيجة الجوع والمرض وانعدام الرعاية الصحية”، وسط قصف مدفعي طال حتى مخيمات النازحين.

تبدو الفاشر اليوم مرآة لصورة الحرب السودانية، من صراع على الموارد وتنافس على الرمزية ورهانات إقليمية ودولية. لكن يبقى السؤال مفتوحا: هل ستظل الفاشر ساحة لتصفية الحسابات العسكرية، أم تتحول إلى بوابة لحوار يعيد رسم خريطة الاستقرار في السودان؟

المصدر: الجزيرة مباشر

إعلان