مصر.. جدل واسع بشأن مشاركة الأكاديمي البريطاني رفائيل كوهين في جائزة نجيب محفوظ

أثار إعلان الجامعة الأمريكية بالقاهرة عن مشاركة الأكاديمي البريطاني رفائيل كوهين ضمن أسماء لجنة تحكيم “جائزة نجيب محفوظ للأدب” لهذا العام، موجة واسعة من الجدل في الأوساط الثقافية المصرية والعربية.
فمنذ الإعلان عن كوهين (يهودي الديانة) المعروف بدراساته في الأدب العربي، تداولت وسائل إعلام محلية معلومات عن ترحيله من مصر في وقت سابق لأسباب أمنية. وقد أثار ذلك تساؤلات حول خلفيته وهويته، وحدود المقبول في الانفتاح الأكاديمي داخل المؤسسات الثقافية المصرية.
اقرأ أيضا
list of 4 items- list 1 of 4تفاكر.. مصطفى المرابط يناقش كتاب “الفيلسوف ابن ساعته”
- list 2 of 4المخرجة شيرين دعيبس تروي رحلتها لإيصال فيلمها إلى العالم والترشح للأوسكار (فيديو)
- list 3 of 4شاهد: مقتنيات توت عنخ آمون تُعرض أول مرة في المتحف المصري الكبير
- list 4 of 4بأصالة تراثها وإبداع حرفييها.. الخليل على قائمة المدن المبدعة في اليونيسكو (فيديو)
وقالت أم كلثوم نجيب محفوظ، ابنة الأديب الراحل، في تصريح صحفي إن معيار قبولها أو رفضها لانضمام رفائيل كوهين إلى لجنة تحكيم جائزة نجيب محفوظ، يتوقف على موقفه من العدوان الإسرائيلي على غزة.
وأوضحت أن “تأييده لما يجري هناك سيجعل مشاركته في اللجنة خطأ فادحا من جانب الجامعة الأمريكية”، لكنها لا ترى مانعا من وجوده إذا كان يدعم السلام ويرفض حرب الإبادة ضد الفلسطينيين.

وعبّر عدد من المثقفين عن استغرابهم اختيار شخصية مثيرة للجدل ضمن لجنة تحمل اسم رمز مصري كبير.
وتساءل الناقد يوسف نوفل في تصريحات لمواقع محلية “هل ضاقت بنا السبل حتى نختار شخصًا مثيرًا للجدل في لجنة تحمل اسم نجيب محفوظ؟”، معتبرًا أن الاختيار غير موفق في ظل الحساسية الثقافية والسياسية المرتبطة بالموضوع.
في المقابل، قال عضو لجنة التحكيم الناقد والكاتب سيد محمود، إن اللجنة “تفرق بين اليهودي والصهيوني”، موضحًا أن كوهين “باحث في الأدب العربي وله إسهامات أكاديمية وترجمات معتبرة”، مشددًا على أن اللجنة “لا تضم أي عضو يحمل توجهًا صهيونيًّا، وأن ما يهمها هو الكفاءة العلمية والأدبية فقط”.
ودافع الكاتب السوداني حمور زيادة، وهو عضو آخر في اللجنة، عن وجود كوهين، قائلًا في تصريح صحفي: “ديانته لا تعنيني إطلاقا، ولم أفكر فيها، فانتقاد عقيدة عضو في اللجنة أمر مخيف وغير مقبول”. وأضاف أن تقييم الأعضاء يجب أن يكون بناءً على العمل الأكاديمي وليس الانتماء الديني.

أما الجامعة الأمريكية بالقاهرة، فقد أصدرت بيانًا رسميًّا نُشر عبر وسائل إعلام، نفت فيه ما تردد عن انتماء كوهين للصهيونية، موضحة أنه بريطاني الجنسية ويقيم في القاهرة منذ عام 2006، وله سجل في العمل الأكاديمي في مجال الأدب العربي.
وأكدت أن اختيار أعضاء اللجنة يتم وفقًا لـ”المعايير العلمية والثقافية البحتة، بعيدًا عن أي اعتبارات سياسية أو دينية”.
وأضاف البيان أن كوهين كان ناشطًا في حركة التضامن العالمية (International Solidarity Movement)، وهي منظمة مدنية مؤيدة للسلام وحقوق الفلسطينيين.
في المقابل، رأى عدد من المثقفين أن اختياره يمثل استفزازًا للوجدان الثقافي العربي، لا سيما أن الجائزة تحمل اسم نجيب محفوظ، رمز الأدب المصري والعربي، الذي ارتبط فكره بالدفاع عن القيم الإنسانية والاستقلال الثقافي.
ورأى آخرون أن المسألة تتجاوز الشخص ذاته لتفتح نقاشًا أوسع بشأن الفصل بين الدين والسياسة في المجال الأكاديمي.
وكشف تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع القضية انقسامًا واضحًا بين من يرى أن الانفتاح الأكاديمي يجب أن لا يخضع للقيود الأيديولوجية، ومن يرى أن الرمزية الثقافية العربية لها خصوصية لا تحتمل المساومة.
وأُطلقت جائزة نجيب محفوظ للأدب عام 1996 بمبادرة من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، تكريمًا للأديب المصري الحائز جائزة نوبل في الأدب عام 1988.
وتهدف الجائزة إلى الاحتفاء بالأدب العربي المعاصر وتشجيع ترجمته إلى الإنجليزية، بما يسهم في تعريف القارئ الغربي بالإنتاج الأدبي في المنطقة. وخلال ما يقرب من 3 عقود، أصبحت الجائزة من أبرز المنصات الأدبية في العالم العربي، إذ منحت لعدد من الكتّاب من مختلف الدول العربية، من بينهم علاء الأسواني، وإبراهيم عبد المجيد، وميرال الطحاوي، وخيري شلبي، وجمال الغيطاني، مما عزز مكانتها كجسر بين الأدب العربي والمؤسسات الثقافية الدولية.
غير أن الجائزة ظلت أيضًا محل جدل ثقافي متكرر، سواء بسبب طبيعة الجهة المنظمة أو معايير الاختيار أو رمزية اسم نجيب محفوظ نفسه، الذي يُعد أحد أعمدة الهوية الأدبية المصرية والعربية.