شبكة الجزيرة تحيي اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب (فيديو)

نظم مركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسان بالشراكة مع قناة الجزيرة مباشر ندوة فكرية موسعة بعنوان “إفلات قتلة الصحفيين من العقاب: حجب للحقيقة وإمعان في الصمت”، وذلك بمناسبة اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين.

وشارك في الندوة نخبة من رؤساء الاتحادات والنقابات الصحفية، ومديري تحرير الصحف، وخبراء القانون الدولي، إضافة إلى مراسلين ميدانيين من شبكة الجزيرة، ناقشوا واقع استهداف الصحفيين وغياب العدالة الدولية، وسبل تفعيل المساءلة القانونية للقتلة ومن يقف وراءهم.

اقرأ أيضا

list of 4 itemsend of list

تجارب عن قرب

وخلال الندوة، استعرض كل من إسماعيل أبو عمر وفادي الوحيدي من غزة، ونجوان سمري من فلسطين، ونورا الجابر ابنة الشهيد علي الجابر، وأدهم أبو الحسام من دمشق، ومؤمن الشرافي من غزة، تجاربهم الميدانية في تغطية الحروب، وما واجهوه من أخطار وإصابات كادت تودي بحياتهم أثناء أداء رسالتهم الصحفية.

القاتل معروف.. والعدالة غائبة

وقال رئيس اتحاد الصحفيين العرب مؤيد اللامي، إن “قتلة الصحفيين غالبا ما يكونون معروفين، لكنهم يفلتون من العقاب بفضل حماية سياسية توفرها لهم قوى كبرى”، مشيرا إلى أن “ما حدث في غزة مثال صارخ على عجز المجتمع الدولي عن محاسبة القتلة رغم وضوح الأدلة”.

وقال اللامي إن محكمة العدل الدولية والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية لم تنجح في كبح القتلة “لأن من يقتل الصحفيين يملك القوة والنفوذ القادرين على تعطيل إجراءات العدالة”.

وأضاف أن الاتحاد العربي للصحفيين يواصل جهوده من أجل “جر المجرمين إلى العدالة الدولية”، مؤكدا “لن نيأس حتى نرى القتلة خلف القضبان”.

وفي رده على سؤال حول تعريف “الصحفي”، أوضح اللامي أن الصحفي هو من يعمل في مؤسسة إعلامية معترف بها، لكنه شدد على أن “الواقع الإعلامي تغير مع تطور التكنولوجيا”، إذ برز “الصحفي الحر (الفريلانسر) والمواطن المشارك في توثيق الأحداث”، وهؤلاء “قد لا يكونون مسجلين رسميا، لكن حياتهم ثمينة لأنهم يسهمون في نقل الحقيقة ويضحون من أجلها”.

رؤساء تحرير الصحف القطرية
رؤساء تحرير الصحف القطرية

غياب الإرادة السياسية.. وتواطؤ المنظمات

من جهته، وصف جابر الحرمي رئيس تحرير صحيفة الشرق القطرية الإفلات من العقاب بأنه “وصمة عار في جبين العدالة الدولية”، مؤكدا أن القتلة “لم يعودوا يختبئون بعد جرائمهم بل يتجولون في المحافل الدولية دون خجل، ويلقون خطابات في الأمم المتحدة نفسها التي يفترض أن تحمي الصحفيين”.

وأشار الحرمي إلى أن ما يجري في غزة –حيث استشهد أكثر من 260 إعلاميا خلال عامين– “يمثل جريمة ضد الضمير الإنساني العالمي”، متهما الدول الكبرى بانعدام الإرادة السياسية لمحاسبة المسؤولين، قائلا “هناك أحكام وإدانات واضحة، ومع ذلك لم تُرفع الحصانة السياسية عن القتلة”.

جابر الحرمي رئيس تحرير صحيفة الشرق
جابر الحرمي رئيس تحرير صحيفة الشرق

الصحفي في فلسطين مستهدف ومطارد

المراسل الميداني لقناة الجزيرة إلياس كرام روى من واقع تجربته الممتدة لأكثر من عقدين في تغطية النزاعات أن الخطر على الصحفيين في فلسطين “وجودي ومستمر”. وقال “نعيش حالة دائمة من الترقب والخطر، نلاحق من الجيش الإسرائيلي والشرطة والمستوطنين، حتى إن بعضهم كان يحمل السلاح ويتعمد تهديدنا أثناء التغطية في غلاف غزة”.

وأضاف كرام أن الإعلام الإسرائيلي “يتبنى رواية الاحتلال ويحرض على الصحفيين الفلسطينيين، وخصوصا الجزيرة التي تعتبرها إسرائيل هدفا إعلاميا يجب إسكات صوته”. وأشار إلى أن هذا التحريض “بلغ مستويات قياسية خلال الحرب على غزة”.

استهداف الصحفيين جريمة حرب

بدوره، قال رئيس قسم الشراكات والبحوث بمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسان، الدكتور حسن المجمر، إن القانون الدولي الإنساني يعتبر الصحفيين مدنيين، واستهدافهم “يصنف كجريمة حرب”، لكنه أوضح أن النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لم يتضمن نصا صريحا يجرم الاعتداء على الصحفيين، “وهذا ما نطالب بتعديله في نظام روما الأساسي”.

وأكد المجمر ضرورة “أن تتولى أسر الصحفيين والشبكات الحقوقية رفع دعاوى قانونية أمام المحاكم الوطنية والدولية”، مشيرا إلى أن مركز الجزيرة للحريات يعمل على “تفعيل هذا المسار بالشراكة مع محامين ومنظمات دولية”، لافتا إلى أن “9 من كل 10 جرائم قتل صحفيين في الشرق الأوسط تمر بلا محاسبة”.

تضامن غائب وإعلام صامت

وفي سياق النقاش، عاد مؤيد اللامي ليشير إلى أن ضعف التضامن بين المؤسسات الإعلامية “أحد أسباب إفلات القتلة من العقاب”، مؤكدا أن بعض الصحفيين “يتبعون الأنظمة السياسية في بلدانهم فلا يتضامنون مع زملائهم خوفا من الرقابة”.

وكشف أن الاتحاد الدولي للصحفيين العرب طرد قبل نحو 14 عاما نقابة الصحفيين الإسرائيليين من عضويته “بسبب تحريضها ضد الصحفيين الفلسطينيين وتبريرها جرائم الاحتلال”، مؤكدا أن تلك الخطوة “كانت أول طرد لإسرائيل من منظمة مهنية أممية”.

كما حمّل الحرمي بدوره المؤسسات الإعلامية “جزءا من المسؤولية عن غياب الفعل الجماعي” قائلا “نكتفي بالبيانات في المناسبات ولا نمارس ضغطا حقيقيا على الأنظمة والمنظمات الدولية”.

نداء إلى الأجيال الجديدة

ووجه إلياس كرام رسالة إلى جيل الشباب قائلا إن “الخطر لا يجب أن يثنيهم عن ممارسة المهنة”، مشيدا بشغف الشباب الفلسطيني الذين “يعتبرون الصحافة واجبا وطنيا ورسالة إنسانية”، مؤكدا أن “ما قامت به الجزيرة في نقل الحقيقة جعلها نموذجا يحتذى للأجيال الصاعدة”.

محمد حجي رئيس تحرير صحيفة الوطن وفالح الهاجري رئيس تحرير صحيفة العرب
محمد حجي رئيس تحرير صحيفة الوطن وفالح الهاجري رئيس تحرير صحيفة العرب

الحصانة المزدوجة.. للقاتل لا للمقتول

النقاش توسع ليشمل قضية “الحصانة”، حيث اعتبر المشاركون أن القتلة –لا الصحفيين– هم من يتمتعون بها. وأوضح الدكتور حسن المجمر أن “القرارات الأممية تشجع على رفع الحصانة السياسية والقانونية عن مرتكبي الجرائم ضد الصحفيين”، مشيرا إلى أن من يقتل الصحفيين في مناطق النزاع “يستفيد من غطاء دولي يحول دون الملاحقة”.

وفي مداخلة لرئيس تحرير جريدة الوطن محمد حجي، دعا إلى “محاسبة الذات كمؤسسات إعلامية”، مؤكدا أن على القنوات والصحف “أن تمارس دورها في الضغط على الحكومات والمنظمات الدولية، لا أن تكتفي بالمطالبة عبر البيانات”.

أما رئيس تحرير صحيفة العرب فالح الهاجري فشدد على ضرورة “متابعة الجرائم من قبل الجهات المختصة، وعدم تركها للنسيان”، داعيا إلى “تحالف بين الإعلام والمجتمع المدني لخلق زخم دولي يحمي الصحفيين”.

حماية الصحفيين دفاع عن الديمقراطية

وفي كلمة مسجلة، قال رئيس شبكة الصحافة الأخلاقية آيدن وايت إن الإفلات من العقاب “لا يمس الصحفيين وحدهم بل يهدد الحقيقة والديمقراطية ذاتها”، داعيا إلى “تعاون عالمي أوسع لتأمين العدالة للضحايا وحماية حرية التعبير”.

وأكد أن “كل جريمة قتل صحفي يجب أن تنتهي بمحاكمة عادلة، لأن السكوت على الجريمة مشاركة فيها”.

نحو تحرك قانوني ومهني مشترك

واختتمت الندوة بدعوات لتفعيل آليات المحاسبة على المستويين الوطني والدولي، وإنشاء تحالف إعلامي وقانوني عابر للحدود لمتابعة ملفات استهداف الصحفيين، وتوحيد جهود النقابات والمؤسسات الإعلامية في توثيق الجرائم ورفع الدعاوى، إلى جانب الضغط على الأمم المتحدة ومجلس الأمن لتبني قرارات ملزمة بحماية الصحفيين.

وأكد المشاركون أن “الصمت الدولي على قتل الصحفيين هو خيانة للحقيقة”، وأن الإفلات من العقاب “لن ينتهي إلا بعمل جماعي حازم يوثق، ويقاضي، ويفضح كل من يحاول إسكات صوت الكلمة الحرة”.

المصدر: الجزيرة مباشر

إعلان