فنانة تُواجه “الإمبريالية الأمريكية”.. تعرف على زوجة زهران ممداني

في عام 2020 كانت الفنانة السورية الأمريكية راما دوجي قد تخرجت لتوها من الجامعة، وفي العام التالي انتقلت إلى الولايات المتحدة، وهناك بدأت تعمل في مجال الخزف والرسم، ثم التقت رجلاً عبر تطبيق مواعدة، وفي فبراير/شباط 2025 تزوجا، واليوم هي السيدة الأولى لمدينة نيويورك.
إنها القصة الاستثنائية، بحسب صحيفة “تايمز” البريطانية، لراما (28 عاما) المتزوجة من زهران ممداني (34 عاما) والتي أصبحت الآن من سكان قصر “غرايسي مانشن” (المقر الرسمي لعمدة نيويورك).
لم تكن راما فاعلة بقوة في حملة ممداني، وفي مايو/أيار الماضي، حين انتقل من مرشح هامشي إلى منافس محتمل في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، كتب منشوراً على “إنستغرام” يشيد بها، ردا على اتهامات منظّري المؤامرة بأنه “يُخفي زوجته”.
حينها قال ممداني: “عادةً أتجاهل ذلك، سواء كانت تهديدات بالقتل أو دعوات لترحيلي. لكن الأمر مختلف عندما يتعلق بمن تحب. قبل 3 أشهر تزوجت حب حياتي، راما، في مكتب كاتب المدينة”.
وأرفق ممداني المنشور بصور لحفل الزواج في دائرة الزواج التابعة لمدينة نيويورك، كما التقط صديق مصوّر لهما صورا في الحي الصيني، وصورة لهما كعروسين يركبان مترو الأنفاق المزدحم.
وعلّقت راما على المنشور ساخرة: “يا إلهي، أنا حقيقية”.
اعتزاز بالهوية السورية
وُلدت راما في هيوستن بولاية تكساس لأبوين سوريين، والدها مهندس كمبيوتر ووالدتها طبيبة. كانوا يقضون الصيف في دمشق، بحسب منشور لها على إنستغرام.
انتقلت العائلة إلى دبي عندما كانت في 9 من العمر، وهناك كانت تميل إلى اعتبار نفسها “فتاة أمريكية تماماً”، كما قالت في بودكاست عام 2019، وقالت: “كنت نوعاً ما أنكر الجزء السوري مني، وكنت أقول للناس إنني أمريكية عندما كنت في التاسعة أو الثانية عشرة تقريباً، لأن ذلك كان يبدو شيئاً رائعاً”.
لكن ذلك تغيّر عندما انزلقت سوريا نحو الحرب الأهلية عقب اندلاع الثورة السورية عام 2011، وخصوصاً حين عادت إلى الدراسة الجامعية. وقد التحقت راما بجامعة فرجينيا كومنولث للفنون في قطر، لتكون قريبة من والديها، اللذين كانا يأملان أن تتجه لاحقاً نحو تصميم الديكور الداخلي، لكنها انتقلت في عامها الثاني إلى الكلية الرئيسية في ريتشموند بولاية فرجينيا.
وقالت في البودكاست: “أعتقد أن الأمر بات واضحا بالنسبة لي بمجرد انتقالي إلى الولايات المتحدة، حين أدركت الفرق أو كيف أنني لم أنتمِ تماماً”.
وأضافت: “بدأت أصنع أعمالاً حول الهوية، حول معنى أن تكون سوريا في الخارج، وتعمّقت في تلك المواضيع التي تعني لي الكثير”.
وفي خريف عام 2019، حضرت راما حفل زفاف في سوريا، فكانت زيارتها الأولى خلال عقد كامل. وأوضحت أنها بعد ذلك أصبحت “تقول إنها سورية وعائلتها سورية، لكنها في النهاية تعيش في الشتات، تعيش بعيداً عن الوطن”.
ولم تبدأ فعلاً بالشعور بذلك بشكل عميق إلا حين عادت إلى سوريا وتعرفت على بلدها وشعبه.
وفي خريف 2021 انتقلت راما إلى نيويورك، حيث أعلنت على حسابها على إنستغرام أنها “تشعر بأنها مستعدة لأن تعود بقوة إلى صناعة ونشر المزيد من الفن”، حيث بدأت في نشر العديد من التصميمات من بينها صور لشاب ملتحٍ تعرّفت عليه عبر تطبيق مواعدة.

دعم فلسطين
في عام 2020، نشرت راما على إحدى الصحف رسمًا لها عن “الحرب البيئية التي تمارسها إسرائيل على المزارعين الفلسطينيين ومحاصيلهم”، وكتبت على إنستغرام: “الرؤساء يأتون ويذهبون، لكن الإمبريالية الأمريكية لا تتغير أبدا”.
وأضافت: “أفكّر بالفلسطينيين، الذين يعانون مهما كان الرئيس الموجود في المنصب”. وفي نيويورك وجدت راما عملاً كرسّامة للمقالات في صحف ومجلات، كما شاركت في عمل فيلم قصير عن أم في غزة تضطر للتنقل مراراً مع أطفالها.
وفي إبريل/نيسان الماضي نشرت عملاً توضيحياً بعنوان “كيف تشعر عندما تستمتع بالربيع فيما أنت غاضب من حالة العالم”، يصوّر وردةً تتفتح لتكشف داخل بتلاتها وجهها الغاضب.
وقالت لمجلة “ذيس إز يونغ”: “الأوضاع قاتمة حالياً في نيويورك، يبقى فني انعكاساً لما يحدث حولي، لكن ما أشعر أنه ربما أكثر فائدة الآن من دوري كفنانة، هو دوري كمواطنة أمريكية. مع وجود عدد كبير من الناس الذين يُدفعون إلى الهامش ويُسكتون بالخوف، كل ما يمكنني فعله هو استخدام صوتي للحديث عما يجري في الولايات المتحدة وفلسطين وسوريا قدر ما أستطيع”.
ويزخر حساب راما على إنستغرام بالتصميمات التي تظهر اشتباكها مع قضايا العالم العربي ومعاناة شعوبه في فلسطين وسوريا والسودان وغيرها.
ارتباط وزواج
في أواخر 2024، خُطبت راما لممداني، الذي كان في ذلك الحين نائباً في المجلس التشريعي المحلي لولاية نيويورك، وبعد الزواج عاشا في شقة بحي أستوريا في منطقة كوينز بمدينة نيويورك.
وبحلول مايو/أيار أصبحت صور زفاف البلدية منشورة للعامة، وظهرت راما أمام سكان نيويورك على المسرح بجوار زوجها في يونيو/حزيران الماضي، بينما كان يحتفل بفوز مذهل في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي على منصب عمدة نيويورك.
حينها كتبت راما على إنستغرام: “لا يمكنني أن أكون أكثر فخراً”.
وتشارك راما كل شهر قائمة بالأمور التي تلهمها لصنع الفن: لوحات، منحوتات، كتب وأفلام، وأشياء تصادفها في المتاجر أو في الشارع. وربما تصبح هذه المنشورات، أمام تنامي جمهورها على إنستغرام، الطريقة التي يتعرّف من خلالها سكان المدينة على السيدة الأولى الجديدة لمدينة نيويورك.