الهند.. إلغاء شهادات المدارس الدينية يلقي بمستقبل 37 ألف طالب مسلم إلى المجهول

كان سبتين رضا، الطالب في جامعة فاروقية بولاية أوتار براديش شمالي الهند، يحلم بأن يصبح مدرسًا بعد حصوله على شهادة “كامل” (البكالوريوس) و”فاضل” (الماجستير) من مدرسة دينية إسلامية تمولها الحكومة. لكن حلم رضا تحطم عندما ألغت حكومة ولاية أوتار براديش الشهادتين من دون أن توفر أي بدائل للطلبة الذين كانوا يدرسون بها.
وقال رضا للجزيرة مباشر من مسقط رأسه بمدينة فاراناسي جنوب شرقي ولاية أوتار براديش “لقد ألغت الحكومة شهاداتنا، وفي هذا خسارة كبيرة لنا. هذه الشهادات لم تعد ذات قيمة، ولا نعلم ما إذا كان سيُتخذ أي إجراء لمساعدتنا. لستُ الوحيد الذي يعاني هذا الوضع”.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsالشرطة الهندية تعتقل 4 مسلمين بتهمة “التجمع لصلاة الجمعة” (فيديو)
قتلى وجرحى جراء التدافع خلال مهرجان للهندوس في الهند (فيديو)
ألف يوم في الزنزانة.. قصة عالم هندي مسلم يعاني ويلات السجن بعد احتجاجه على الإساءة إلى النبي محمد
وأشار رضا إلى أن هذا الإجراء يعني أن خريجي هذه المدارس لن يتمكنوا من الحصول على وظائف بعد الآن.
ويُعَد رضا واحدًا من بين نحو 37 ألف طالب سيتأثرون بإلغاء شهادتي “كامل” و”فاضل” في ولاية أوتار براديش شمالي الهند.
ويوجد حاليًّا نحو 28 ألف طالب يدرسون في السنوات الأولى والثانية والثالثة من منهج “كامل”، ونحو 9 آلاف طالب مسجلين في السنوات الأولى والثانية من منهج “فاضل”، في نحو 16 ألفًا و46 مدرسة دينية إسلامية يعترف بها مجلس تعليم المدارس الدينية في أوتار براديش.
قرار مفاجئ
جاءت التعليمات بتنفيذ السياسة الجديدة بشكل مفاجئ في رسالة بعث بها “آر بي سنغ”، المسؤول بمجلس تعليم المدارس الدينية في أوتار براديش، إلى جميع مسؤولي رعاية الأقليات في الولاية، يأمرهم بوقف تدريس شهادتَي “كامل” و”فاضل” في المدارس الدينية.
وجاء في الرسالة “بعد أن قضت المحكمة العليا في الولاية بعدم دستورية شهادتَي كامل وفاضل، لا يمكن تدريس هاتين الشهادتين في المدارس الدينية. القضية المتعلقة بالطلبة المسجلين في هذه الدورات لا تزال منظورة أمام المحكمة العليا، وسيُتخذ القرار بناءً على حكم المحكمة”.
لكن بداية الأزمة تعود إلى مارس/آذار 2024، عندما ألغت المحكمة العليا في مدينة الله آباد، بولاية أوتار براديش، قانون مجلس تعليم المدارس الدينية في الولاية الذي صدر عام 2004، والذي وضع الإطار القانوني للمدارس الدينية في الولاية.

تجاهل حكم المحكمة العليا
ورغم أن المحكمة العليا في الهند ألغت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي حكم المحكمة العليا في ولاية أوتار براديش، وأكدت أن القانون مازال ساريًا، فقد تجاهلت محكمة الولاية ذلك، وأعلنت أن شهادتَي “كامل” و”فاضل” غير دستوريتين، بحجة أن المعاهد الإسلامية لا يمكنها منح شهادات رسمية، لأن ذلك يُعَد انتهاكًا لقانون لجنة المنح الجامعية في الهند.
من جهتها، تسعى المنظمات الإسلامية للحصول على ترتيبات بديلة من حكومة حزب بهاراتيا جاناتا للطلبة المتضررين بعد صدور القرار بإلغاء شهادات المدارس الدينية.
وقالت رابطة معلمي المدارس العربية (تاما)، وهي منظمة طعنت في حكم محكمة الولاية لدى المحكمة العليا الهندية، إنها ستلجأ مرة أخرى إلى القضاء إذا لم تتخذ السلطات إجراءات بديلة للطلبة المتضررين.
وقال الأمين العام للرابطة ديوان زمان خان للجزيرة مباشر “الطلبة الذين خاضوا بالفعل امتحانات هذه الشهادات لم يعد بإمكانهم فعل أي شيء الآن. شهادة ‘كامل’ مدتها ثلاث سنوات. ومستقبل الطلبة الذين أكملوا السنة الأولى أو الثانية من هذه الدورة أصبح معلقًا. وإذا لم تتخذ الحكومة قرارًا في هذا الصدد، فسنرفع دعوى قضائية للمصلحة العامة”.
الحاجة إلى ترتيبات بديلة
وأوضح خان أن المحكمة العليا للهند كانت قد وجهت في قضية سابقة بضرورة إيجاد ترتيبات بديلة للطلبة في حال إلغاء أي شهادات، وهي القضية التي استندت إليها محكمة الولاية في قرارها بإلغاء شهادتَي “كامل” و”فاضل”، وأكد خان أنه لهذا السبب ينبغي على محكمة الولاية إصدار قرار مماثل في هذا الصدد.
بدوره، دعا الطالب رضا، الذي التحق بالسنة الأولى من شهادة “فاضل” في مارس 2024 بعد إنهائه شهادة “كامل” التي استمرت ثلاث سنوات، إلى ربط هذه الشهادات بأي جامعة وطنية.
وقال رضا للجزيرة مباشر “شعرنا بالإحباط عندما سمعنا عن إلغاء الشهادات. لقد ذهبت جهودنا هباءً، لقد خضنا الامتحانات بعد جهد كبير. وعندما تضيع جهودك فإن الأمر يكون مؤلمًا للغاية. هذا ظلم”.
وأضاف رضا “يجب على الحكومة ربط هذه الشهادات بأي جامعة. هذا سيساعدنا كثيرًا. الحكومة قادرة على اتخاذ هذه الخطوة، ويجب أن تهتم بالأمر. هناك الآلاف من الطلبة المتضررين من هذا القرار، ومستقبلهم جميعًا في خطر.”
سياسات معادية للمسلمين
يأتي قرار ولاية أوتار براديش وسط مناخ عام من السياسات المعادية للمسلمين في الهند، منذ وصول حزب بهاراتيا جاناتا اليميني المتطرف إلى الحكم بزعامة رئيس الوزراء ناريندرا مودي عام 2014.
وفي ولاية أوتار براديش، يقود حكومة الولاية يوغي أديتياناث، المعروف بسياساته وتصريحاته المعادية للمسلمين، وهو ما جعل القادة المسلمين لا يعلقون الكثير من الآمال عليه لاتخاذ خطوات لصالح طلبة المدارس الإسلامية.
وقال خان للجزيرة مباشر “من المؤسف أن الحكومة لا تأخذ مشكلاتنا على محمل الجد. لقد كسبنا قضيتنا في المحكمة العليا، لكن قضية شهادتي ‘فاضل’ و’كامل’ لم تُحسم. لو كانت الحكومة جادة في الأمر، لكانت قد ربطت هذه الدرجات بجامعة خواجة معين الدين الجشتي للغات. نحن نبذل جهودًا كبيرة، لكن من سوء حظنا أن الحكومة تتجاهل قضايانا”.