أهالي “رُبّ ثلاثين” في جنوب لبنان يتحدون الاحتلال والدمار ويتعهدون بالبناء والإعمار (شاهد)

رغم الخراب الذي ضرب بلدة “رُبّ ثلاثين” في قضاء مرجعيون بجنوب لبنان بسبب عدوان الاحتلال الإسرائيلي، فإن فرحة أهالي البلدة كانت لا توصف، بعدما دخلوها برفقة الجيش اللبناني هذا الأسبوع.

وبدأت الوحدات الهندسية في الجيش اللبناني بعملية مسح ميداني في البلدة بحثًا عن الألغام والقذائف غير المنفجرة التي خلّفتها القوات الإسرائيلية التي احتلتها لشهور وعاثت فيها فسادًا، هي وغيرها من بلدات جنوب لبنان وحوّلت منازلها إلى ركام.

وتُعد بلدة “رُبّ ثلاثين” من البلدات الملاصقة تمامًا لبلدة العديسة الحدودية، وجزء منها قريب جدًا من الشريط الحدودي مع إسرائيل، لذا فإن العودة إليها تؤكد إصرار الأهالي على تمسّكهم بالأرض رغم كل تهديدات الاحتلال، ومحاولة جعلها أرضًا محروقة بلا سكّان.

فرحة العودة رغم الركام

وواكبت “الجزيرة مباشر” مشهد عودة الأهالي إلى بلدة “رُبّ ثلاثين”، حيث خطا الأهالي فوق الركام، متجاوزين الدمار الذي خلّفه الاحتلال.

وقالت الشابة لمياء حسن فقيه، وهي تمسح الغبار عن ذكريات الطفولة بين الجدران المتصدّعة “عودتنا اليوم ممزوجة بغصّة، فقد رحل جدّي محمود حسن فقيه قبل أن يشهد هذا اليوم، وهو الذي كان يعشق الأرض”.

ورغم ألم الفقد، لم تُخفِ لمياء شعور الفخر والاعتزاز، إذ أضافت “حين وصلتُ إلى بيتنا، لم ألتفت إلى الجدران المتشقّقة أولًا، بل سارعتُ نحو رُكني المفضّل، أخذتُ ثيابي، وصورة السيّد حسن نصر الله التي بقيت شاهدةً على صمودنا. هنا، حيث بدأ الدمار، تبدأ إعادة البناء، وتبدأ الحياة من جديد”.

(الجزيرة مباشر)

دموع فرح

ومن جانبها قالت الطفلة نور فقيه، وعيناها تلمعان بدموع الفرح “لقد مسحتُ دمعتي، ولكن هذه المرة كانت دموع الفرح. عدتُ إلى بلدتي، إلى المكان الذي كنتُ أنام فيه مطمئنّة على مخدّتي، وأحلم بعالمي الصغير بين ألعابي”.

وبحسرة لا تخلو من ألم، عبّرت زهراء فقيه عن حزنها لغياب جدّها في لحظة العودة، متمنية لو كان موجودًا ليرى عودتهم.

إحدى بنات البلدة، قالت أيضًا للجزيرة مباشر “شعوري لا يُوصف. إنه مزيج من الفرح والفخر، فقد عدنا أخيرًا إلى أرضنا وإن كانت مدمّرة، لكنها ستظلّ لنا، ولن نتركها أبدًا. هذه الأرض ليست مجرد حجارة، إنّها هويّتنا وجذورنا، وسنعيد إعمارها”.

طمس معالم البلدة ومبانيها

ولم تكن الجولة داخل البلدة أمرًا سهلًا، فقد جرف الاحتلال الشوارع وغيّر معالمها تمامًا، كما طال الدمار مبنى البلدية وسيارات الشرطة، في محاولة لطمس كل أثر للحياة.

ويواصل الجيش اللبناني انتشاره في قرى جنوب لبنان تطبيقًا للقرار الأممي 1701، بانتظار الانسحاب الكامل لجيش الاحتلال في 18 فبراير/شباط الجاري، وتستعدّ وحداته العسكرية وآلياته لدخول باقي البلدات في قضاء مرجعيون، بعد الانسحاب الإسرائيلي منها، تمهيدًا لعودة الأهالي إليها.

وفي 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أنهى وقف لإطلاق النار قصفًا متبادلاً بين (حزب الله) وجيش الاحتلال كان قد بدأ في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتحول إلى حرب واسعة في 23 سبتمبر/أيلول الماضي.

وخلّف العدوان الإسرائيلي على لبنان نحو 3800 شهيد، ونحو 16 ألف جريح، أغلبهم من المدنيين، كما خلّف دمارًا واسعًا في جنوب البلاد، ومنذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار، ارتكب جيش الاحتلال ما لا يقل عن 672 خرقًا، مما أسفر عن عشرات الشهداء والجرحى في لبنان، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان