عامان على كارثة الزلزال.. الخوذ البيضاء توثق ما حدث في 6 فبراير وتكشف عن “ملحمة إنسانية” (شاهد)

“الرغبة في الحياة تبقى هي الأقوى”

عامان على زلزال 6 فبراير المدمر (الدفاع المدني السوري)

أصدرت منظمة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) تقريرًا شاملًا في الذكرى الثانية لزلزال 6 فبراير/شباط 2023، الذي ضرب شمالي سوريا وجنوبي تركيا، يسلط الضوء على التداعيات الإنسانية الكارثية التي خلفها الزلزال، والجهود المكثفة التي بذلتها فرق الدفاع المدني في عمليات الإنقاذ والاستجابة، وتخفيف آثار الكارثة على المدنيين.

ووفقًا للتقرير، كان زلزال السادس من فبراير، كارثة غير مسبوقة فاقمت مأساة السوريين الذين عانوا لأكثر من عقد من تداعيات الحرب. ففي تمام الساعة 4:17 صباحًا، ضرب زلزال بقوة 7.8 درجات مناطق شاسعة من شمال غرب سوريا، تلاه زلزال آخر بقوة 7.6 درجات وعشرات الهزات الارتدادية؛ مما أسفر عن دمار واسع النطاق وتشريد آلاف العائلات.

ولم تقتصر الكارثة على الخسائر في الأرواح والممتلكات فحسب، بل كشفت عن هشاشة البنية التحتية وانعدام الجاهزية للتعامل مع مثل هذه الكوارث في ظل استمرار النزاع المسلح وتراجع الدعم الإنساني الدولي.

لحظة إنقاذ طفلة سورية غربي إدلب، بعد 36 ساعة من كارثة الزلزال (الدفاع المدني السوري)

“ملحمة إنسانية”

وأعلن الدفاع المدني السوري حالة الطوارئ القصوى فور وقوع الزلزال، حيث استجابت الفرق لـ182 موقعًا متضررًا ضمن 60 مجتمعًا محليًّا، وتمكنت من إنقاذ 2950 شخصًا من تحت الأنقاض، وانتشال جثامين 2172 ضحية.

وقد شارك أكثر من 3000 من كوادر الخوذ البيضاء، بينهم 2500 متطوع و300 متطوعة و200 موظف إداري، في هذه العمليات باستخدام معدات ثقيلة تم توفيرها أو استئجارها محليًّا. ورغم الإمكانيات المحدودة، شكلت جهود الدفاع المدني “ملحمة إنسانية حقيقية” أنقذت آلاف الأرواح.

ومع انتهاء المرحلة الأولى من عمليات الإنقاذ، انتقل الدفاع المدني السوري إلى مرحلة التعافي وإعادة الإعمار، حيث نفذ مشاريع واسعة شملت فتح الطرق المدمرة بطول تجاوز 800 كيلومتر، وإزالة أكثر من 442 ألف متر مكعب من الأنقاض، وتأسيس مراكز إيواء مؤقتة وتأهيل البنية التحتية الأساسية في المناطق المتضررة.

كما شملت الجهود إعادة تأهيل مدارس ومراكز صحية وشبكات مياه وصرف صحي؛ مما ساهم في تحسين ظروف الحياة لآلاف الناجين من الكارثة.

وضع إنساني معقد

وتضمن التقرير أيضا تفاصيل حول الدور الحاسم الذي أدّته المجتمعات المحلية والشركاء الدوليون في دعم استجابة الخوذ البيضاء، حيث أسهم المدنيون في عمليات الإنقاذ رغم محدودية الموارد، كما أدّت المنظمات الإنسانية الداعمة مثل المنتدى السوري والجمعية الطبية السورية الأمريكية، دورًا مهمًّا في توفير الدعم اللوجستي والمساعدات العاجلة.

ولم يغفل التقرير تسليط الضوء على استمرار معاناة السوريين جراء الحرب المستمرة، حيث تعرضت مناطق شمال غرب سوريا خلال العامين الماضيين لمئات الهجمات العسكرية من قبل نظام الأسد وروسيا؛ مما زاد من تعقيد الوضع الإنساني، إذ وثق الدفاع المدني أكثر من 1322 هجومًا خلال عام 2023 وحده، تسببت في مقتل وإصابة مئات المدنيين، من بينهم نساء وأطفال.

مبادرات لدعم الصحة النفسية

وفي سياق تعزيز الصمود المجتمعي، أطلقت “الخوذ البيضاء” مبادرات لدعم الصحة النفسية للسكان المتضررين، إضافة إلى برامج تدريبية لبناء قدرات المجتمعات المحلية على الاستجابة للكوارث.

كما شمل التقرير عرضًا لمشاريع البنية التحتية التي نفذتها المنظمة، بما في ذلك إعادة تأهيل الطرق والمدارس والمراكز الصحية وتوفير مياه الشرب النقية.

واختتم التقرير بالتأكيد على أن زلزال فبراير 2023 لم يكن مجرد كارثة طبيعية، بل كشف عن حجم المعاناة التي يعيشها السوريون نتيجة تضافر عوامل الحرب والكوارث الطبيعية. ورغم ذلك واصل السوريون كفاحهم من أجل البقاء، معتمدين على إرادتهم الصلبة وإيمانهم بحتمية التغيير وبناء مستقبل أفضل، حيث تظل الرغبة في الحياة أقوى من كل المآسي.

المصدر : الجزيرة مباشر

إعلان