نيويورك تايمز: ترامب فاجأ نتنياهو بـ”خطة غزة” وإعلانها صدم كبار المسؤولين الأمريكيين

نتنياهو علمها قبل دقائق من المؤتمر الصحفي

وفقا للصحيفة، أخبر ترامب نتنياهو بخطته قبل دقائق فقط من ظهورهما المشترك أمام وسائل الإعلام (رويترز)

فاجأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كبار المسؤولين في البيت الأبيض والحكومة الأمريكية بإعلانه عن اقتراح يقضي بتولي الولايات المتحدة السيطرة على قطاع غزة، وذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الثلاثاء.

ورغم أن ترامب قرأ خطته من ورقة مكتوبة، مما أعطاها طابعًا رسميًّا، فإن مصادر مطلعة على المناقشات كشفت لصحيفة نيويورك تايمز أن الإدارة الأمريكية لم تقم بأي تخطيط فعلي لدراسة جدوى الفكرة، إذ لم تُعقد أي اجتماعات مع وزارة الخارجية أو وزارة الدفاع، ولم تُشكّل أي فرق عمل لدراسة تفاصيل التنفيذ، بما في ذلك تقدير عدد القوات المطلوبة أو التكاليف المحتملة.

نتنياهو فوجئ بالإعلان قبل دقائق من المؤتمر الصحفي

ووفقًا لمصادر مطلعة، لم يكن ترامب قد أبلغ حتى أقرب حلفائه الإسرائيليين بنيته الإعلان عن هذه الخطة؛ فقد أخبر نتنياهو بخطته قبل دقائق فقط من ظهورهما المشترك أمام وسائل الإعلام. وجاء هذا الإعلان بمثابة مفاجأة تامة للوفد الإسرائيلي الذي لم يكن مستعدًّا للتعامل مع تداعياته السياسية.

وعلى عكس الإعلانات الكبرى المتعلقة بالسياسة الخارجية التي اعتاد رؤساء الولايات المتحدة إصدارها بعد تحضيرات مكثفة، لم تكن فكرة السيطرة على غزة جزءًا من أي نقاش علني قبل يوم الثلاثاء.

ورغم ذلك، كشفت مصادر في إدارة ترامب أن الرئيس كان يناقش هذه الفكرة بشكل سرّي منذ عدة أسابيع، وأن تفكيره تسارع بعد عودة موفده الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، من غزة، حيث وصف له الأوضاع المأساوية هناك.

المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت
المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت (الفرنسية)

ضغوط على البيت الأبيض

ولم تمر الفكرة دون ردّ، حيث قوبلت برفض واسع من دول عربية عدة، أبرزها السعودية، الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة.

وفي محاولة لاحتواء تداعيات التصريحات، سعت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، خلال مؤتمر صحفي عقدته، أمس الأربعاء، إلى تخفيف حدة تصريحات ترامب وتوضيح بعض الجوانب المثيرة للجدل في الخطّة.

وأكدت ليفيت، أن ترامب كان يقترح فقط أن تستضيف الأردن ومصر الفلسطينيين بشكل مؤقت، مشيرة إلى أن الرئيس لم يلتزم بإرسال قوات أمريكية إلى غزة، رغم قوله “سنفعل ما هو ضروري، وإذا لزم الأمر، سنفعل ذلك”. كما حاولت التقليل من أهمية فكرة الاستثمار المالي الأمريكي في القطاع، رغم أن ترامب ألمح إلى “ملكية طويلة الأمد”.

وفي الساعات التي تلت الإعلان، بدا واضحًا أن كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية يفتقرون إلى تفاصيل واضحة حول الخطّة، مما يكشف عن غياب التنسيق والاستعداد الكافي.

محاولات لتبرير الفكرة

وظهر مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز في مقابلة على قناة “سي بي إس نيوز” للدفاع عن الخطّة، واصفًا إياها بأنها “مجرد أفكار لخطة” وليست خطة مكتملة.

وقال والتز “حقيقةً لا يوجد حل واقعي لدى أي طرف، وقيام الرئيس ترامب بطرح أفكارا جديدة وجريئة، لا ينبغي أن يُنتقد. أعتقد أن ذلك سيدفع المنطقة بأكملها لتقديم حلولها الخاصة إذا لم تعجبهم خطة ترامب”.

ورغم الضغوط العلنية التي مارسها ترامب على الأردن ومصر لاستقبال الفلسطينيين من غزة، رفض قادة البلدين هذا المقترح بشدة.

يُشار إلى أن أي ترحيل قسري للفلسطينيين يُعتبر انتهاكًا للقانون الدولي، إلا أن ترامب أصرّ على أن الفلسطينيين سيقبلون بمغادرة أراضيهم لأنها أصبحت غير صالحة للسكن، مضيفًا أنهم ربما يستطيعون العودة لاحقًا.

مايك والتز دونالد ترامب مستشار الأمن القومي
مايك والتز المرشح لمنصب مستشار الأمن القومي (رويترز)

فكرة “خيالية”

وكشفت نيويورك تايمز أن عدة مسؤولين رفيعي المستوى في الإدارة الأمريكية، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، أعربوا عن دهشتهم من الخطة، واعتبروها فكرة “خيالية” حتى بالنسبة لترامب. وأشاروا إلى أنهم لا يزالون يحاولون فهم مصدر هذا الاقتراح، في ظل غياب أي مداولات رسمية بشأنه داخل الإدارة.

وتتناقض خطة ترامب مع انتقاداته المتكررة للرؤساء الأمريكيين السابقين بشأن تدخّلهم في مشاريع بناء الدول في الشرق الأوسط. والأكثر إثارة للجدل أن هذا الاقتراح جاء في وقت يسعى خلاله ترامب إلى إغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، المسؤولة عن تقديم المساعدات التنموية الخارجية.

تناقضات ترامب

وأشارت الصحيفة إلى أنه لطالما أظهرت مواقف ترامب تناقضًا واضحًا اتجاه قضايا التدخّل الخارجي. ففي بداية حرب العراق، أيّد التدخل العسكري قبل أن ينتقده لاحقًا.

وخلال حملته الانتخابية عام 2011، دعا إلى أن تستولي الولايات المتحدة على النفط العراقي، كما دعم فكرة استخدام الجيش الأمريكي لاستخراج المعادن الحيوية من مناطق النزاعات.

وبدأت تتجلى “نزعات ترامب الإمبريالية”، وفقا للصحيفة، بشكل أوضح خلال ولايته الثانية، حيث أعلن عن رغبته في شراء جزيرة غرينلاند، ولم يستبعد استخدام القوة العسكرية رغم وجود قاعدة أمريكية هناك.

كما صرّح برغبته في استعادة قناة بنما، واقترح أن تصبح كندا الولاية 51 للولايات المتحدة. كذلك، أشار إلى أن أمريكا تستحق الحصول على موارد أوكرانيا الطبيعية كتعويض عن المساعدات العسكرية المقدمة لها في مواجهة روسيا.

المصدر : نيويورك تايمز