تونس.. سعيّد يتهم “لوبيات” باختراق رئاسة الحكومة ويقيل كمال المدوري ويعيّن سارة الزعفراني خلفا له (فيديو)

أقال الرئيس التونسي قيس سعيد رئيس الوزراء كمال المدوري، وعيَّن وزيرة التجهيز والإسكان سارة الزعفراني الزنزري خلفا له، حسب ما أعلنته الرئاسة، صباح الجمعة، من دون توضيح أسباب هذا الإجراء.
وقالت الرئاسة التونسية في بيان عبر صفحتها على فيسبوك إن سعيّد “قرر إنهاء مهام كمال المدوري رئيس الحكومة، وتعيين سارة الزعفراني الزنزري خلفا له”.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsالأمم المتحدة تدعو تونس لوقف “اضطهاد” المعارضة والإفراج عن المعتقلين
عائلات المعتقلين السياسيين في تونس يطالبون بمحاكمات علنية لذويهم (فيديو)
تونس.. وقفة تضامنية تزامنا مع بدء محاكمة المعتقلين في قضية “التآمر” (فيديو)
ولم توضح الرئاسة سبب إقالة المدوري الذي تولى مهام رئاسة الحكومة في أغسطس/آب 2024 خلفا لأحمد الحشاني.
وأشارت الرئاسة التونسية إلى أن سعيّد “قرر أيضا تعيين صلاح الزواري خلفا لوزيرة التجهيز والإسكان بينما أبقى سائر الوزراء في مناصبهم”.
وفي 6 فبراير/شباط الماضي، أقال سعيّد -في منتصف الليل أيضا- وزيرة المالية سهام نمسصية، وعيَّن مكانها القاضية مشكاة سلامة الخالدي.
ورئيسة الحكومة الجديدة (62 عاما) التي تتحدث العربية والفرنسية والإنجليزية والألمانية هي ثاني امرأة تقود الحكومة في تونس بعد نجلاء بودن التي شغلت المنصب من أكتوبر/تشرين الأول 2021 حتى أغسطس 2023.
وأقيلت بودن في فترة تأزم فيها الوضع الاقتصادي والاجتماعي خصوصا مع فقدان الكثير من السلع الأساسية كالخبز المدعوم، وعُيّن المسؤول السابق في البنك المركزي أحمد الحشاني الذي أقيل بدوره الصيف الماضي.
والزعفراني كانت وزيرة للتجهيز والإسكان منذ عام 2021، وهي حاصلة على درجة الماجستير في الجيوتقنية.
وكان سعيّد قد أعرب عن عدم رضاه في الأسابيع الماضية وفي مرات عديدة عن أداء الحكومة.
وهذه هي المرة الرابعة التي يقيل فيها الرئيس التونسي رئيس الوزراء، فمنذ إجراءاته الاستثنائية في 25 يوليو/تموز 2021، تُعَد الزعفراني رابع رئيس للحكومة بعد نجلاء بودن وأحمد الحشاني وكمال المدوري.
وقبل قرار الإقالة، قال الرئيس التونسي خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي، مساء الخميس، وفق فيديو بثته الرئاسة التونسية، الجمعة “آن الأوان لتحميل أي مسؤول المسؤولية كاملة مهما كان موقعه وطبيعة تواطئه”.
وأضاف سعيّد “يكفي من الخلل، ومن عدم تحمُّل المسؤولية، ويكفي من التنكيل بالمواطنين. عصابات إجرامية تعمل في المرافق العمومية”، في إشارة إلى تردي الخدمات العمومية وتواتر شكايات التونسيين.
كما لفت إلى ما وصفه بـ”اللوبيات الفاسدة (قوى ضغط لم يحددها) والكارتالات” التي اخترقت رئاسة حكومة بلاده و”تجد في قصر الحكومة من يخدمها ويحميها”، وفق قوله.
وكان رئيس الحكومة المقال كمال المدوري بين الحضور في اجتماع مجلس الأمن، وفق فيديو الرئاسة التونسية، مما يدل على أن إقالته لحقت الاجتماع.
وشدَّد سعيّد على أن “الاضطرابات” التي شهدتها البلاد في الفترة الأخيرة “تزامنت مع بداية محاكمة المتآمرين على أمن الدولة، والصورة لا تحتاج إلى توضيح”.
ومطلع مارس/آذار الماضي، انطلقت محاكمة نحو 40 من شخصيات سياسية وحقوقية وإعلاميين ومحامين في ما يُعرف بقضية “التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي”.
سعيّد يرفض الحوار الوطني
في السياق، عبَّر سعيّد عن رفضه أي دعوة للحوار الوطني، قائلا في الاجتماع “كما بالأمس غير البعيد، لمّا لم يجدوا إلى رئاسة الجمهورية طريقا أو منفذا، حوَّلت اللوبيات وحوَّل أعوانهم وجهتهم إلى القصبة (مقر رئاسة الحكومة) حتى تكون لهم مربعا ومرتعا متناسين أن الحكومة (وفق دستور 2022) مهمتها هي مساعدة رئيس الدولة على القيام بوظيفته التنفيذية”.
وأضاف الرئيس التونسي “البعض أصيب بداء عضال لا بد من وضع حد له، وهو دستور سنة 2014″، في إشارة إلى الصلاحيات الواسعة لرئيس الحكومة وفق ذلك الدستور.
وبشأن دعوات إلى الحوار أطلقها أعضاء بمجلس النواب وبعض السياسيين، قال سعيّد “دعت بعض الجهات المفضوحة والمأجورة إلى حوار وطني كأنه لا توجد وظيفة تشريعية بمجلسيها (النواب والوطني)”.
وأضاف متسائلا “ما هي المواضيع التي يريدون الحوار بشأنها؟ فشلت تلك الدعوة، ويعرفون مأتاها وأهدافها ودواعيها، لأن الشعب ألقى بمن بادر بها إلى مزبلة التاريخ”.
أوضاع سياسية واقتصادية مضطربة
وتعاني تونس صعوبات اقتصادية ومالية كبيرة، مع نمو محدود بنسبة 1.4% في عام 2024، ونسبة بطالة تبلغ 16% وديون تعادل نحو 80% من ناتجها المحلي الإجمالي.
ويتمتع الرئيس قيس سعيّد بسلطات كاملة تمكنه من إقالة الوزراء والقضاة. وفي أغسطس 2024، قام بتغيير شامل عيَّن خلاله المدوري رئيسا للحكومة، وهو موظف حكومي سابق متخصص في الشؤون الاجتماعية.
كذلك غيَّر 19 وزيرا، مبررا قراره بـ”المصلحة العليا للدولة” وضرورات لـ”الأمن الوطني”.
ويأتي هذا التعيين وسط جو سياسي مضطرب مع عشرات المعارضين المسجونين، بعضهم منذ عامين، إضافة إلى رجال أعمال وشخصيات إعلامية.
وبدأ سعيّد، في 25 يوليو 2021، فرض إجراءات استثنائية شملت: حل مجلسَي القضاء والنواب، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
ومنذ ذلك الحين، قام بتعديل الدستور لإعادة تأسيس نظام رئاسي حيث يتمتع فعليا بكل السلطات.
ومنذ ذلك الوقت، تندد المعارضة ومنظمات تونسية ودولية بتراجع للحقوق والحريات في تونس.
وتَعُد قوى تونسية هذه الإجراءات انقلابا على دستور الثورة (عام 2014) وترسيخا لحكم فردي مطلق، بينما تراها قوى أخرى مؤيدة لسعيّد تصحيحا لمسار ثورة 2011، التي أطاحت الرئيس زين العابدين بن علي.
وأعيد انتخاب سعيّد في 6 أكتوبر 2024 بأغلبية ساحقة (أكثر من 90%) في انتخابات سجلت مشاركة منخفضة جدا بلغت أقل من 30%.
ومنذ أكثر من عام، قطع سعيّد مفاوضات بدأها مع صندوق النقد الدولي الذي اقترح قرضا بقيمة مليارَي دولار في مقابل سلسلة من الإصلاحات، خصوصا في الدعم الحكومي لمنتجات الطاقة.