ترامب يأمر بوقف جميع المساعدات العسكرية عن أوكرانيا وسط تصاعد التوتر مع زيلينسكي

قالت وكالة بلومبرغ، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمر بوقف جميع المساعدات العسكرية عن أوكرانيا، وهو ما يزيد الضغط على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بعد خلاف حاد بينهما في البيت الأبيض، وسط تساؤلات حول مستقبل دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا في ظل الحرب المستمرة مع روسيا.
ونقلت الوكالة عن مسؤول رفيع في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، قوله إن واشنطن لن تستأنف المساعدات العسكرية لأوكرانيا إلا بعد أن يقتنع ترامب بأن القادة الأوكرانيين يظهرون التزامًا جادًّا بالسلام. كما أوضح مسؤول في البيت الأبيض أن الإدارة ستراجع المساعدات العسكرية للتأكد من أنها تسهم في حل النزاع بشكل فعّال.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsخلال اتصال هاتفي.. بوتين يوافق على مقترح ترامب بشأن أوكرانيا
زيلينسكي يتهم بوتين بالكذب بشأن حصار القوات الأوكرانية في كورسك
ترامب دعاه لتفادي “مذبحة مروعة”.. بوتين يشترط استسلام القوات الأوكرانية في كورسك وإلقاء سلاحها (فيديو)
ويشمل قرار وقف المساعدات جميع المعدّات العسكرية الأمريكية التي لم تصل بعد إلى أوكرانيا، مثل الأسلحة التي كانت في طريقها جوًّا أو بحرًا أو المنتظرة في بولندا، ولم يتضح بعد حجم الأسلحة المتأثرة بهذا القرار.
ترامب يسعى لاتفاق سريع
ويسعى ترامب إلى التوصل إلى اتفاق سريع لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا. إلا أن زيلينسكي، خلال اجتماع في المكتب البيضاوي الأسبوع الماضي، طلب ضمانات أمنية لحماية أي اتفاق مع روسيا، وهو ما دفع ترامب إلى الرد بغضب، قائلًا له “عد عندما تكون مستعدًّا للسلام”.
وقد أسفر هذا التوتر عن إلغاء خطط لاتفاق حول الموارد المعدنية، كان يُعتبر خطوة تمهيدية لوقف إطلاق النار.
ودفع قرار ترامب الحلفاء الأوروبيين إلى التحرّك السريع لوضع خطط لضمان استمرار إمداد أوكرانيا بالأسلحة، إضافة إلى نشر قوات حفظ سلام ضمن أي اتفاق محتمل. إلا أن أوروبا تفتقر إلى العديد من الأسلحة والقدرات العسكرية التي توفّرها الولايات المتحدة حاليًّا؛ مما يعزز المخاوف من أن مخزون الأسلحة قد لا يستمر حتى الصيف المقبل.
ضربة لجهود التهدئة
ويُعد قرار ترامب تحوّلًا في جهود التهدئة بين الجانبين الروسي والأوكراني. فعلى الرغم من أنه كان قد ترك الباب مفتوحًا للتوصل إلى اتفاق حول المعادن في وقت سابق، فإن قادة أوروبا عبّروا عن أملهم في إنقاذ الاتفاق رغم التصعيد الحالي.
وأكد ترامب أن المساعدات العسكرية لأوكرانيا قيد التقييم، مشيرًا إلى أن بلاده قد حصلت على “صفقة رائعة” مع أوكرانيا. وأضاف أنه يجب على زيلينسكي أن يُظهر مزيدًا من التقدير للمليارات التي قدمتها الولايات المتحدة لدعم أوكرانيا في مواجهة روسيا.
وقال نائب الرئيس جي دي فانس في تصريح له، إن روسيا و أوكرانيا سيضطران إلى تقديم تنازلات، مشيرًا إلى أن ترامب سيكون أول من يتواصل مع الطرفين عندما يكونان مستعدين للحديث عن السلام.

أوروبا تقترح وقف إطلاق النار
ويجري رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، صياغة مقترح لوقف إطلاق نار مؤقت، بهدف تمهيد الطريق لمفاوضات أوسع حول اتفاق سلام دائم بين روسيا وأوكرانيا.
وبحسب بعض المراقبين، قد يكون تعليق المساعدات العسكرية جزءًا من استراتيجية ترامب للضغط على الأطراف المعنية للدخول في مفاوضات جادة، خاصة في ظل الظروف الحالية.
ويأتي هذا فيما شهدت أسهم الشركات الدفاعية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ ارتفاعًا ملحوظًا، وسط توقعات بأن الشركات الإقليمية ستستفيد من زيادة الطلب الأوروبي على الأسلحة.
ضغوط أوروبية على زيلينسكي
ويرى بعض القادة الأوروبيين أن ترامب يسعى للضغط على زيلينسكي، من خلال مطالبة أوكرانيا بالاعتذار والموافقة على اتفاق حول الموارد المعدنية، وتحث بريطانيا وفرنسا زيلينسكي على إصلاح علاقاته مع ترامب، مؤكدتين أنه لا يزال ملتزمًا بالبحث عن اتفاق سلام.
وتقترح بريطانيا وفرنسا هدنة أوّلية بين روسيا وأوكرانيا، تسمح بفرصة لصياغة اتفاق سلام دائم، في مبادرة تستهدف اختبار مدى جديّة روسيا في إنهاء عدوانها.
وفي تصريحات لبلومبرغ، قال توماس غراهام، الباحث في مجلس العلاقات الخارجية، إنه لا توجد مؤشرات واضحة على استعداد روسيا للتفاوض على اتفاق سلام. وأشار إلى أن روسيا لم تُبدِ أي رغبة في تقديم تنازلات حول النزاع.
ورغم التوتر بينه وبين ترامب، أعرب زيلينسكي عن استعداده للقاء ترامب مجددًا إذا تلقّى دعوة “جدّية”، محذرًا من أن الحرب مع روسيا لا تزال بعيدة جدًّا عن النهاية.
ترامب يهدد بتقليص الدعم الأمريكي
وانتقد ترامب تصريحات زيلينسكي حول الحرب، ووصفها بأنها “أسوأ تصريح ممكن”، مضيفا أن أمريكا لن تتحمل هذا الوضع لفترة أطول، في حين أكدت أوروبا في اجتماعها مع زيلينسكي أنها لا تستطيع القيام بالعمل بمفردها دون دعم الولايات المتحدة.
وتضمن قرار ترامب تجميد إرسال أسلحة حيوية لأوكرانيا، مثل الصواريخ المتعددة الإطلاق الموجهة، والأسلحة المضادة للدبابات، وغيرها من القدرات العسكرية المتطورة.
ويعد قرار ترامب بتجميد المساعدات العسكرية تحوّلًا في السياسة الأمريكية اتجاه أوكرانيا، خاصة في ظل المساعدات السابقة التي قدمتها الولايات المتحدة خلال الحرب ضد روسيا.

انقسامات داخل الحزب الجمهوري
ووفقا لصحيفة وول ستريت جورنال فقد أثار قرار تعليق المساعدات جدلًا داخليًّا في الحزب الجمهوري، حيث أيّده البعض وحذر آخرون من عواقبه.
وفي الوقت الذي عبر فيه النائب مايك لولر عن قلقه من أن إيقاف الدعم قد يعرض استقرار أوروبا للخطر، دعمت النائبة ماري ميلر القرار معتبرة أن أوكرانيا يجب أن تقاتل دون مساعدة أمريكية إذا أرادت الاستمرار في الحرب.
وحذر مؤيدو أوكرانيا من أن وقف المساعدات العسكرية قد يطيل الحرب بدلًا من تسريع السلام، معبرين عن قلقهم من أن ذلك قد يعزز موقف خصوم الولايات المتحدة. وكان لوقف تمويل مبيعات الأسلحة الجديدة تأثير كبير في قدرة أوكرانيا على التصدي للهجوم الروسي.
التحديات المستقبلية لأوكرانيا
ومع استمرار تعليق المساعدات، تواجه أوكرانيا تحديات كبيرة في الحفاظ على قدرتها العسكرية، إذ قد تفقد القدرة على تنفيذ ضربات بعيدة المدى أو حماية مواقعها الخلفية، حيث تعتمد بشكل كبير على الأسلحة الأمريكية المتطورة مثل أنظمة “HIMARS” و”ATACMS”.
وفي ضوء هذا القرار، قد تجد أوكرانيا صعوبة في تأمين الأسلحة اللازمة لحماية نفسها في المستقبل. ومع مرور الوقت، ستحتاج إلى إيجاد بدائل لتلبية احتياجاتها العسكرية من خلال أوروبا أو صناعتها الدفاعية المتنامية.
وفي آخر حزمة مساعدات كبيرة، قدمت إدارة بايدن معدات عسكرية لأوكرانيا في ديسمبر/كانون الأول الماضي، شملت أسلحة متطورة مثل أنظمة الدفاع الجوي وصواريخ ستينغر. ولكن لم تُعلن أي مساعدات جديدة منذ ذلك الحين.