عامان على كابوس الحرب في السودان.. الأمم المتحدة تحذر من أزمة إنسانية غير مسبوقة
تهدد جيلا بأكمله

مع دخول الحرب بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع عامها الثالث، رسمت الأمم المتحدة صورة قاتمة للوضع في السودان، محذرة من تداعيات إنسانية كارثية تهدد جيلا بأكمله.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأطراف المتصارعة إلى وقف القتال فورًا، والشروع في عملية سياسية شاملة “لوضع السودان على طريق السلام والاستقرار”، وناشد المجتمع الدولي تكثيف جهوده “لإنهاء هذا النزاع المروع”.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsالسودان.. 93 ألف نازح وصلوا من مخيم زمزم إلى طويلة
الجيش السوداني يواصل تمشيط أم درمان ويعلن الاستيلاء على أسلحة للدعم السريع (فيديو)
هكذا تفاعل جمهور الجزيرة مباشر مع دخول الحرب في السودان عامها الثالث (فيديو)
انتهاكات جسيمة وصراع بلا رادع
ووصف مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك الصراع في السودان بأنه “اعتداء شامل على حقوق الإنسان وسط تقاعس عالمي”، مشيرًا إلى تجاهل الأطراف المتقاتلة لقوانين الحرب والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وأكد تورك أن مناطق مأهولة بالسكان تعرضت لهجمات منتظمة، وارتُكبت فيها انتهاكات جسيمة بحق المدنيين دون محاسبة.
أكبر أزمة نزوح في العالم
ويشهد السودان إحدى أكبر أزمات النزوح في العالم، إذ أكد المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي أن “ثلث سكان السودان نازحون”، مع نزوح أكثر من 12 مليون شخص داخليا وفرار نحو 3.8 ملايين لاجئ عبر الحدود. وحذّر غراندي من أن العدد قد يرتفع بنحو مليون شخص إضافي خلال 2025.

مأساة تلو الأخرى: الموت والجوع يهددان الملايين
وأطلق برنامج الأغذية العالمي تحذيرات مقلقة بشأن السودان، حيث يواجه نحو 25 مليون شخص -أي نصف سكان البلاد- جوعا شديدا.
وبيّن شون هيوز، منسق الطوارئ في برنامج الأغذية العالمي، أن “عشرات الآلاف من السودانيين قد يموتون هذا العام إذا لم تتمكن وكالات الإغاثة من الوصول إلى المحتاجين”، داعيًا المجتمع الدولي إلى توفير الموارد اللازمة لتجنّب كارثة أكبر.
الأطفال، بدورهم، يواجهون “تهديدًا مستمرًّا بالموت”، بحسب تحذيرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف). ففي مدينة الفاشر، يعاني نحو 825 ألف طفل من نقص حاد في متطلبات الحياة الأساسية وسط قصف مستمر. ووصفت إيفا هندز، المسؤولة في اليونيسف، الوضع هناك بأنه “يمثل الموت بأشكاله المختلفة للأطفال، سواء بسبب النزاع أو انهيار الخدمات الأساسية”.

مأساة النساء والفتيات: ولادة على الطرقات
في ظل النزاع المستعر، تعاني النساء والفتيات من تبعات الحرب بشكل خاص. وأشارت أرجنتينا ماتافيل بيتشين، من صندوق الأمم المتحدة للسكان، إلى أن نحو 300 ألف امرأة حامل يواجهن خطر الولادة في ظروف بالغة السوء، مضيفة أن “بعض النساء يلدن على قارعة الطريق أثناء الفرار من القصف”. وقد حذرت من تداعيات سوء التغذية بين النساء الحوامل، الذي يهدد الأجيال القادمة بمزيد من الأزمات الصحية والتعليمية.
كما أكدت بيتشين أن نحو 6.7 ملايين شخص يواجهون خطر العنف القائم على النوع الاجتماعي، حيث تعد النساء والفتيات النازحات عرضة أكثر لهذه الانتهاكات الوحشية.
آلاف المفقودين ودمار شامل
وفي سياق متصل، تتصاعد المخاوف بشأن آلاف الأشخاص الذين اختفوا خلال النزاع. تقديرات تشير إلى اختفاء نحو 50 ألف شخص، بحسب المجموعة السودانية للدفاع عن الحقوق، وقد وثقت منظمات محلية أكثر من ثلاثة آلاف إخفاء قسري، بينها إخفاء نساء وأطفال.
وأشار رضوان نويصر، خبير الأمم المتحدة المعني بالسودان، إلى أن الحرب خلفت انتهاكات مروعة، شملت التهجير القسري، وتدمير المناطق السكنية، والتجنيد القسري، والاعتداءات الجنسية.

خطر الذخائر غير المنفجرة
الأمم المتحدة حذرت أيضًا من انتشار الذخائر غير المنفجرة، التي تشكّل تهديدًا كبيرًا للمدنيين العائدين إلى ديارهم.
وأوضح صديق راشد، رئيس برنامج الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام، أن المخلّفات الحربية تلوّث المناطق السكنية بشكل عشوائي، داعيًا إلى دعم دولي لتطهير هذه المناطق قبل عودة السكان.
نداء عاجل إلى المجتمع الدولي
في ظل المأساة، وجهت كليمنتاين نكويتا سلامي، منسّقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان، رسالة إلى العالم، قالت فيها “نناشد المجتمع الدولي ألا ينسى السودان، وألا ينسى الرجال والنساء والأطفال الذين سقطوا ضحية هذا النزاع”. ودعت جميع الأطراف المسلحة إلى تسهيل وصول المساعدات الإنسانية وضمان سلامة المدنيين.