هتافات عنصرية وأطفال ماتوا عطشا.. الغارديان تنقل شهادات من هجوم قوات الدعم السريع على مخيم زمزم شمال دارفور

نشرت صحيفة الغارديان البريطانية تقريرًا مفصَّلًا يوثق الهجوم الذي شنته قوات الدعم السريع السودانية على مخيم زمزم، أكبر مخيم للنازحين في السودان، وهو ما وصفته بأنه مأساة إنسانية عميقة، حيث قُتل خلال الهجوم الذي استمر ثلاثة أيام أكثر من 400 شخص، بينهم نساء وأطفال، في حين نزح عشرات الآلاف، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة.
تفاصيل الهجوم
وبحسب الغارديان، بدأت قوات الدعم السريع، يوم الجمعة الماضي، هجماتها على المخيم الذي كان يؤوي نحو 700 ألف شخص. وتميز الهجوم -وفقًا للصحيفة- باستخدام القصف العنيف ومدافع مضادة للطائرات مثبَّتة على شاحنات صغيرة، قبل اقتحام المخيم وسط هتافات عنصرية، وإطلاق النار على الضحايا داخل منازلهم.
وأوضحت الصحيفة أن المقاتلين زعموا أنهم يبحثون عن مقاتلين للجيش السوداني داخل المخيم.
محمد، أحد المنظمين المجتمعيين في المخيم، قال للصحيفة إنه حاول التسلل إلى مركز طبي تديره منظمة “ريليف إنترناشونال”، والذي تعرَّض لهجوم في المراحل الأولى من القتال يوم 11 إبريل/نيسان، مما أسفر عن مقتل تسعة من العاملين، بينهم صديقه.
وأضاف “كان المقاتلون وحشيين وغير إنسانيين، يهتفون أثناء قتل السكان في أماكن سكنهم. سلوكيات يصعب وصفها”، مشيرًا إلى أنه أصيب بطلق ناري في ساقه أثناء محاولته الهرب، قبل أن يسحبه أحد السكان إلى مأوى مؤقت حيث استخدموا الملح وأوراق النباتات لعلاج جرحه.
الرحلة نحو المجهول.. فرار النازحين
مع تصاعد الهجوم، اضطر الآلاف من سكان مخيم زمزم إلى الفرار مشيًا على الأقدام اتجاه مدينة الفاشر على بُعد 14 كيلومترًا، أو منطقة طويلة التي تقع على بُعد 60 كيلومترًا غربًا.
وأفادت الصحيفة بأن النازحين حملوا ما استطاعوا جمعه على ظهورهم أو على الحمير والجمال، بينما سرد شهود عيان مشاهد مأساوية لأشخاص ينهارون من الإعياء تحت حرارة الشمس الحارقة.
ماريون رامشتاين، منسقة مشروعات منظمة “أطباء بلا حدود” في شمال دارفور، أكدت أن 10 آلاف نازح وصلوا إلى منطقة طويلة خلال أول 48 ساعة من الهجوم، معظمهم في حالة جفاف وإرهاق شديدين.
وقالت رامشتاين “بعض الأطفال ماتوا عطشًا عند وصولهم بعد يومين من السير دون ماء تحت الشمس الحارقة”. وأضافت أن ازدحام المستشفيات أجبر الأطفال على مشاركة الأسرَّة في ظروف صحية صعبة.
أوضاع مأساوية في الفاشر وطويلة
في مدينة الفاشر، قال أحد الناجين من مخيم زمزم للصحيفة إن الجرحى ينتظرون العلاج في ظروف قاسية، حيث يستخدم البعض النار لكَيّ الجروح بسبب نقص المعدات الطبية.
وأوضحت طبيبة في المدينة للغارديان أن الحصار المفروض على الفاشر منذ أكثر من عام أدى إلى نقص حاد في الإمدادات، مضيفة أن قوات الدعم السريع “تقصف المدينة على مدار الساعة، وتنهب القرى وتقتل السكان”.
أما في منطقة طويلة، فأفاد أحد النازحين بأن آلاف العائلات وصلت في حالة جوع وعطش، وكثير منها تحمل إصابات خطرة إثر الهجوم. وأضاف أن المقاتلين كانوا يعترضون السيارات وينهبونها، بينما “اختفى كثير من الشباب أو قُتلوا”، مؤكدًا أن العائلات النازحة باتت تعيش في العراء بلا ماء.
ووفقًا لتقرير الغارديان، فإن قوات الدعم السريع تستخدم مَن تبقى مِن سكان زمزم دروعًا بشرية لمنع الجيش السوداني من شن هجمات مضادة. وقالت مصادر محلية إن المقاتلين يوقفون الناس على الطرق، ويختارون من يُسمح لهم بالمرور بناءً على لون بشرتهم. وأضاف محمد “الهدف هو الإبادة الجماعية وتهجير أي قبيلة لا ترتبط بالدعم السريع”.
الدمار الذي خلَّفته الحرائق
أفاد مختبر الأبحاث الإنسانية بكلية ييل للصحة العامة، مستخدمًا صور الأقمار الصناعية، بأن النيران التي اندلعت خلال الهجوم دمرت نحو 1.7 كيلومتر مربع من مخيم زمزم، ما يعادل مساحة 24 ملعب كرة قدم، بين 11 و16 إبريل.