منسق مكافحة العنصرية في هولندا: التمييز ضد المسلمين صار سلوكا يوميا والمحجبات يتحملن العبء الأكبر (فيديو)

حذر رابين بالدوسينغ، المنسق الوطني لمكافحة التمييز والعنصرية في هولندا، من تزايد مظاهر التمييز ضد المسلمين في المجتمع الهولندي، معتبرًا أن هذا التمييز لم يعد استثناءً بل تحول إلى سلوك يومي يهدد قيم الديمقراطية وسيادة القانون في البلاد.
نتائج “صادمة للغاية”
وفي حوار خاص مع الجزيرة مباشر، أشار بالدوسينغ إلى تقرير بحثي حديث أعدته جامعة أوتريخت ومركز ريجيوبلان، بناءً على طلبه الشخصي، كشف أن الكراهية اتجاه المسلمين أصبحت جزءًا من الحياة اليومية، في الأسواق، وأماكن العمل، وحتى المؤسسات الحكومية.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsمحمد إقبال.. كيف تعامل الإعلام الهندي مع مقتل معلم مسلم في قصف باكستاني؟
بسبب التوتر بين نيودلهي وإسلام آباد.. المسلمون الهنود يدفعون الثمن وعلماء يدينون هجوم باهالغام
والد الطفل الفلسطيني القتيل وديع: لن يعيد لي الحكم ابني
وقال بالدوسينغ إن نتائج التقرير “صادمة للغاية”، حيث تظهر أن المسلمين يواجهون تمييزًا ممنهجًا في كافة جوانب حياتهم، وعبر عن قلقه العميق من أن تصبح هذه الكراهية جزءًا من البنية الاجتماعية والمؤسساتية في هولندا.
النساء المحجبات في المواجهة
وأشار بالدوسينغ إلى أن النساء المسلمات، وخصوصًا المحجبات، يتحملن العبء الأكبر من هذا التمييز، موضحًا أن ملابسهن وهوياتهن الواضحة تجعلهن عرضة أكثر من غيرهن للاعتداءات اللفظية والجسدية في الأماكن العامة.
وأكد بالدوسينغ أن النساء المسلمات يواجهن معاناة مضاعفة سواء في سوق العمل أو خلال تعاملاتهن اليومية، مشددًا على أن معاملة النساء والأقليات تشكل مقياسًا حقيقيًّا لمدى نضج أي مجتمع ديمقراطي. وأضاف “الوضع الراهن في هولندا يشير إلى تراجع مقلق عن مبادئ الانفتاح والمساواة التي طالما تميّز بها بلدنا”.
تأثير الخطاب السياسي لليمين المتشدد
وعن دور السياسيين، أشار بالدوسينغ إلى أن التصريحات التي يطلقها بعض السياسيين اليمينيين في البرلمان ساهمت بشكل مباشر في تعزيز مشاعر الكراهية والعنصرية ضد المسلمين.
وأوضح أن بعض السياسيين يستخدمون لغة تحريضية تصور المسلمين باعتبارهم تهديدًا للنسيج الاجتماعي، رغم مساهمة المسلمين في جميع قطاعات المجتمع، من الجامعات إلى المستشفيات إلى مجالات ريادة الأعمال.
وانتقد بالدوسينغ ما وصفه بـ”التعامل الانتقائي مع قضايا التمييز”، حيث يتم أحيانًا التعامل مع معاداة السامية باعتبارها أكثر خطورة من التمييز ضد المسلمين، محذّرًا من أن هذا النهج يهدد وحدة المجتمع الهولندي.
وأضاف أن هذه التصريحات لم تؤدّ إلى انقسام داخل المجتمع فقط، بل أثّرت أيضًا في المناقشات السياسية حول قضايا التمييز، مشيرًا إلى رفض بعض النواب مناقشة التقرير البحثي بحجّة عدم تمثيله للواقع.
الحرب في غزة وتأثيرها في الداخل الهولندي
وفي سياق آخر، تحدث بالدوسينغ عن تداعيات الحرب في غزة والأحداث التي شهدتها أمستردام على تصاعد التوترات داخل المجتمع الهولندي.
وأوضح أن التطورات في الشرق الأوسط انعكست بقوة على الرأي العام الهولندي، وخصوصًا بعد مظاهرات كبرى شهدتها المدن الهولندية بشأن الحرب على غزة. لكنه شدد على ضرورة ألا تؤثّر الأوضاع الخارجية في الالتزام الداخلي بمبادئ المساواة وعدم التمييز.
وأشار إلى أن أحداث أمستردام الأخيرة أظهرت أن هولندا بحاجة ماسة إلى إعادة التأكيد على مبادئها الدستورية، وعلى ضرورة التصدّي لكافة أشكال التمييز دون تمييز أو تدرّج.
جهود لمكافحة التمييز
وعن الإجراءات المتّخذة لمواجهة هذه الظواهر، أكد بالدوسينغ أن عمله لا يقتصر على إدانة التمييز، بل يشمل أيضًا وضع سياسات عملية لمعالجته.
وقال إنه أطلق مبادرات للحوار المجتمعي شملت عقد أكثر من 200 جلسة نقاش في مختلف المدن الهولندية، إضافة إلى تحفيز المؤسسات المالية لمراجعة سياساتها بعد الكشف عن تمييز تعرّض له المسلمون في العمليات البنكية.
كما عمل على إدراج قضايا التمييز ضد المسلمين على جدول الأعمال السياسي والاجتماعي، ساعيًا إلى تحويل النقاش النظري إلى خطط عملية قابلة للتنفيذ.
رسالة إلى الهولنديين المسلمين
ووجّه بالدوسينغ رسالة إلى المسلمين في هولندا دعاهم فيها إلى التمسّك بحقوقهم باعتبارهم مواطنين كاملي المواطنة، وأكد أن على المسلمين أن يفخروا بهوياتهم الثقافية والدينية، وأن يروا فيها مصدر قوة لا ضعف، مشددًا على أهمية المساهمة الإيجابية في بناء مستقبل البلاد.
وقال مخاطبا المسلمين “لا تدعوا الخوف يسيطر عليكم. أنتم جزء أصيل من هذا المجتمع، ومستقبل هولندا لا يكتمل بدونكم. لنُواصل العمل معًا لبناء وطن أكثر عدلًا ومساواةً لكل من يعيش فيه”.