“توقّفوا عن هذا السؤال”.. المسعف نوح الشغنوبي يفاجئ مذيعة الجزيرة مباشر ويحكي موقفين مؤثرين (شاهد)

فاجأ المسعف الفلسطيني نوح الشغنوبي، مذيعة الجزيرة مباشر، بطلب إلغاء أحد الأسئلة التي تتعلق بما يعانيه قطاع غزة المحاصَر من قتل وتدمير وتشريد، وناشد الصحفيين ووسائل الإعلام عدم طرح هذا السؤال ضمن تغطياتهم المقبلة.
وكان قد انتشر مقطع فيديو يشيد ببسالة وشجاعة نوح وهو أحد كوادر الدفاع المدني في غزة، حيث خاطر بحياته لإنقاذ أحد المصابين من تحت أنقاض مبنى دمره القصف الإسرائيلي جزئيًّا قرب مدرسة دار الأرقم بمدينة غزة شمالي القطاع، رغم تلقي إنذار بقصف جديد وشيك للمنطقة.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsإطلاق صاروخ فرط صوتي من اليمن وإسرائيل تحذّر السكان في الجنوب (فيديو)
عائلة أبو طعيمة تودّع الفتى الشهيد محمد بعد استهدافه بمسيَّرة إسرائيلية (فيديو)
جماعة أنصار الله: غارات للعدو الأمريكي استهدفت السفينة الإسرائيلية “غالاكسي ليدر”
بسالة وسط الموت
وشرح نوح عبر برنامج (هاشتاج)، ملابسات الواقعة التي جابت المنصات، وأهوال ما رآه في ذلك اليوم، وركّز على “مشهد فظيع جدا” لأطفال بلا رؤوس، وأشار إلى عشرات الإصابات الملقاة على أرض المدرسة في حين ترتفع النداءات الموجهّة إلى الدفاع المدني من كل الاتجاهات طلبًا للإنقاذ ولمحاولة السيطرة على حريق كبير اندلع في المكان.
وحكى نوح كيف أنه بلّل كل جسمه وملابسه بالمياه واخترق النيران ليجد ذلك الشاب “محمود” الذي انتشرت قصة إنقاذه، وقد علقت قدماه تحت عمود إسمنتي ضخم، وبسبب ضعف الإمكانيات لم يتمكن من إخراجه حتى إنه فكّر في بترهما لكنه حين نظر إلى الحزن في عينيه تراجع فغطّاه بلوح خشبي وبعض الحجارة على أمل أن يحميه ذلك من القصف الثاني.
وعندما ابتعد عنه، يقول نوح “أحسست أني جسد بلا روح فعدت على الفور وتمكّنت بمساعدة آخرين من إخراجه قبل أن يُعاد قصف المدرسة بلحظات”، وعن تلك اللحظة يقول “إنها لا توصف، حيث لا يعلم أي منّا هل سنكون في عداد الشهداء أم من الناجين؟”. أما محمود فقد خرج بعد نجاته في مقطع فيديو يصف عودة نوح إليه لإنقاذه كأنما دبّت فيه الحياة من جديد.
"كل تفكيري وروحي كانا مع المصاب داخل المدرسة.. لذا عدت لإنقاذه"
نوح الشغنوبي من #الدفاع_المدني في #غزة يروي تفاصيل إنقاذه مصابا رغم التهديد بقصف إسرائيلي pic.twitter.com/k5gUScEfXj— برنامج هاشتاج (@ajmhashtag) April 6, 2025
“موقفان لا أنساهما أبدا”
وفي هذا الصدد، تذكّر نوح موقفين أثّرا كثيرا فيه من بين آلاف الحالات التي صادفها خلال عمله وسط الحرب طوال سنة ونصف مع ضعف الإمكانيات ومنع دخول معدّات الإنقاذ، فأشار إلى واقعة استهداف في شارع الجلاء تم فيها إنقاذ طفلة وخالتها ثم ترجّته الصغيرة أن ينقذ أحدًا من أهلها على قيد الحياة لكنه عجز عن ذلك.
وفي اليوم التالي علموا بأن هناك صوت أنين طفل صغير تحت العمارة ذاتها فبدؤوا الحفر متتبعين مصدر الصوت المتقطع إلى أن اختفى بعد 6 ساعات تمامًا فعرفوا أنه مات، يقول نوح “صوته ما بيفارق مخيلتي ولا قلبي، ما بقدر أنساه”.
أصعب المواقف التي تعرض لها المسعف نوح الشغنوبي أثناء عمله مع الدفاع المدني في #غزة طوال فترة الحرب pic.twitter.com/dtlklVFZWX
— برنامج هاشتاج (@ajmhashtag) April 6, 2025
أما الموقف الثاني فكان استهدافا بصاروخ “زنانة” في حي الصبرة، وكان هناك مصابون عالقون في الطابق الرابع لكن الطابق الثالث كان مدمرًا، فتسلق اثنان من رجال الدفاع المدني وبدؤوا إنزالهم واحدا تلو الآخر وكانت من بينهم طفلة تشبّثت بنوح وهي تبكي نحو دقيقة من الصدمة.
وفجأة سمعوا صوت قصف اعتقدوا أنه استهدف العمارة المجاورة لكنهم فوجئوا بأن زميلهم في الأعلى وقف شاردًا وهو ممسك بكف زميله “علي” الذي انفصل عن جسده من شدة القصف ونزل إلى الأسفل بعد أن كان منذ ثوانٍ معدودة على بعد متر من رفقيه.
يقول نوح معلّقًا “كل مرة بنقول هذا الحدث هو الأصعب، بعدين ظرف الحرب بتخلينا نشوف ما هو أصعب وأصعب”، معبّرًا عن بالغ صدمته ووجعه على زملائه الذين أعدمهم الاحتلال بـ”مجزة المسعفين” في رفح وهم يقدمون خدمات إنسانية للمدنيين العزل.
"توقفوا عن هذا السؤال.. لماذا أوجه رسالة للعالم الذي خذلنا؟".. كلمات نوح الشغنوبي من #الدفاع_المدني في #غزة للعالم pic.twitter.com/eQrglpVPvd
— برنامج هاشتاج (@ajmhashtag) April 6, 2025
“بتمنى من أي صحفي أنه يلغي هذا السؤال”
وحين ختمت المذيعة بسؤاله “ما هي رسالتك إلى العالم؟”، فاجأها قائلًا “بتمنى من أي صحفي أنه يلغي هذا السؤال، لأنه بقي لنا سنة ونص بنناشد في العالم وبنفرجيهم على إيش بيصير فينا والإبادات اللي بنتعرض لها، وبنقول ياعالم وينكم؟”.
واستطرد “بتمنى تلغوه، لأنه ما فيه عالم، لأنه خذلنا بشكل كبير، خذلان العالم أوجع من الحرب نفسها، وين الأمة الإسلامية؟ حصار، جوع، وتدمير، والعالم متبلّد ومتخاذل بشكل كبير جدا. إن شاء الله ضميرهم يصحى”.
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد قصف، ظهر الخميس، مدرسة دار الأرقم، التي كانت تؤوي عددًا كبيرًا من العائلات النازحة؛ مما أسفر عن استشهاد أكثر من 30 فلسطينيًّا وإصابة أكثر من 100 آخرين، إضافة إلى تدمير جميع مرافق المدرسة.
وقتلت إسرائيل وأصابت مئات من الفلسطينيين منذ تجدد العدوان على القطاع فجر يوم 18 مارس/آذار الماضي، معظمهم من النساء والأطفال، في حين تجاوزت قائمة الشهداء 50 ألفًا والمصابين 115 ألفًا منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.