تمييز وإهانة وتهديد بالاغتصاب.. ليس سهلا أن تكوني صحفية مسلمة في الهند (فيديو)

في ظل موجة تمييز يواجهها المسلمون في الهند، وفق مراقبين، تواجه الصحفيات المسلمات عراقيل مضاعفة، خاصة أثناء ممارسة عملهن عند تغطية الأخبار في المناطق ذات الأغلبية الهندوسية.
فتتعرض كثيرات منهن للمضايقات اللفظية والتهديدات، وحتى الهجمات الإلكترونية، ما يعيق عملهن ويجبر بعضهن على تجنب التغطية الميدانية تمامًا، لكن الأمر لا يقتصر على المخاطر الميدانية، بل يمتد إلى داخل غرف الأخبار، حيث تواجه الصحفيات المسلمات تمييزًا مؤسسيًا يقلل من فرص حصولهن على وظائف في وسائل الإعلام الكبيرة.
الهوية وحدها قد تعرضني للخطر
سِمرا الأنصاري، صحفية مسلمة محجبة تعمل لدى المنصة الإعلامية الرقمية “مكتوب” المعروفة بتغطيتها لقضايا حقوق الإنسان التي تواجه قيودًا حكومية متكررة، شاركت تجربتها مع التحديات التي تواجهها في ميدان الصحافة.
وقالت للجزيرة مباشر، إن هذه المهنة صعبة ومليئة بالعقبات، مضيفة: “في كل مرة أخطط لتغطية قصة، أضطر إلى مراعاة سلامتي مرات عديدة وبعناية فائقة”.
وأوضحت أن مظهرها ولباسها يلعبان دورًا كبيرًا في كيفية تعامل الناس معها أثناء تأدية عملها الصحفي، موضحة “في المناطق ذات الأغلبية الهندوسية، تتضاعف هذه التحديات بشكل ملحوظ: “إن البيئة الاجتماعية والسياسية في بلدنا تؤثر بشكل عميق على عملي وتجربتي الشخصية”
وتابعت: “من الصعب جدًا العمل في هذا المجال، ولكن عندما تكون هويتي مسلمة، تزداد التحديات بشكل كبير. هذه الصعوبات تعود إلى انتشار الكراهية ضد الفئة المسلمة في مجتمعنا منذ سنوات طويلة”.
وأشارت إلى أن “الناس قد يهاجمونني في أي وقت، سواء ارتكبت خطأ أم لا”، مشددة على أن الهوية وحدها غالبًا ما تكون سببًا كافيًا لشن الهجمات، ولفتت إلى أن مثل هذه المواقف لا تقتصر على المجتمع فقط، بل تحدث أحيانًا من قبل عناصر الشرطة التي تتغير نبرتها عند سماع كلمة “مسلم”.
وكشفت الصحفية أنها اضطرت إلى التخلي عن تنفيذ مقترحات عدة لتغطية الأخبار، سواء خلال فترة الانتخابات أو بعدها، بسبب عدم قدرتها على ضمان سلامتها وسلامة فريق التصوير أثناء التغطية الصحفية، سواء خارج دلهي أو داخل المدينة.
يتغير كل شيء إذا كنت محجبة
من جانبها تروي الصحفية فاطمة زهرة، حوادث كراهية وتهديدات مؤلمة وُجهت إليها وإلى زميلاتها أثناء تغطيتهن قصصًا قد يجدها البعض في المجتمع الهندوسي مثيرة للجدل.
وقالت: “كلما وقع هجوم إرهابي، مثل الهجوم الأخير في باهالغام بكشمير، فإن تغطية الأحداث في مثل هذه الفترات، خصوصًا في المناطق ذات الأغلبية الهندوسية، تمثل تحديًا مؤلما، وإذا كانت الصحفية امرأة مسلمة ترتدي وشاحًا أو حجابًا، فإن ردود فعل الناس تختلف تمامًا، وغالبًا ما يرفضون التواصل أو المشاركة”.
وأضافت: “إذا غطت صديقة أو زميلة غير مسلمة القصة نفسها بدلا مني، تصبح العملية أسهل بكثير بالنسبة لها. تختفي نصف التحديات ببساطة لأنها ليست مسلمة. كوني امرأة ومسلمة في الوقت نفسه يجعلني أواجه حشودًا من الناس يوجهون لي مختلف أنواع الاتهامات، وهذا يؤثر بشكل كبير على صحتي النفسية، ويزيد من صعوبة إنتاج المحتوى الذي أسعى إلى نشره”.
ووصفت زهرة أنواع التهديدات التي تتعرض لها، التي تتراوح بين تهديدات بالاغتصاب وإهانة الجسد، وصولًا إلى تعليقات مهينة حول مظهرها، وقالت: “يقول الناس عبارات مثل: “أنتِ مسلمة، قد تكونين في خطر، أو المسلمون لا يعرفون شيئًا”. هناك العديد من هذه التصريحات، وقراءة مثل هذه التعليقات تُقوّض استقرارنا النفسي بشكل خطر.
لا بيانات رسمية والشرطة منحازة
من جانبه، سلّط الصحفي شمس تبريز، وهو مدير مؤسسة إعلامية مستقلة، الضوء على واقع صعب تعيشه الصحفيات المسلمات، مشيرا إلى غياب تام للبيانات الرسمية حول التهديدات والانتهاكات التي يتعرضن لها.
وقال تبريز “لا جهة حكومية تقوم بجمع أو نشر بيانات تتعلق بالانتهاكات التي تتعرض لها الصحفيات المسلمات رغم تصاعد وتيرة المضايقات”، مشيرًا إلى أن هذا الغياب يسهم في التستر على واقع أكثر قسوة.
واستشهد بتقرير حديث صادر عن الاتحاد الدولي للصحفيين كشف أن 64% من الصحفيات حول العالم تعرضن للإساءة عبر الإنترنت، تنوعت بين التهديد بالاغتصاب أو القتل، والإهانات الجنسية، والتنمر، والملاحقة، وانتحال الهوية، ومع ذلك، لم تُبلّغ 47% منهن عن هذه الوقائع، في ظل غياب أنظمة حماية فعالة داخل المؤسسات الإعلامية أو من قبل السلطات.
وفي السياق، قال تبريز إن الصحفيات، خصوصًا المسلمات، يواجهن واقعًا أكثر تعقيدًا، لا سيما عند تغطية قضايا حساسة مثل جرائم الكراهية أو انتهاكات حقوق الإنسان ضد الأقليات، ولفت إلى أن “الصحفية المسلمة، بمجرد ظهور هويتها الدينية عبر الحجاب أو الزي، تواجه رفضًا وتهميشًا، وأحيانًا هجمات لفظية وجسدية، حتى من الجهات الرسمية”.
وأوضح أن الشرطة لا تؤدي دورها بفاعلية، وغالبًا ما تخضع لضغوط سياسية، وتُظهر تحيّزًا واضحًا في تعاملها مع قضايا الصحفيات المسلمات، كما أن تمثيل النساء المسلمات في الإعلام لا يزال ضئيلًا، ومن تدخلن المهنة يواجهن عزلة مهنية وعقبات متواصلة.