نبيل فهمي: لا يوجد مشروع عربي حقيقي لحل الصراع في الشرق الأوسط (فيديو)

عبّر وزير الخارجية المصري الأسبق نبيل فهمي عن أسفه العميق إزاء غياب مشروع عربي جاد لإنهاء الصراع في الشرق الأوسط، محذراً من أن السكوت العربي والدولي على جرائم إسرائيل في غزة لن يؤدي فقط إلى استمرار المأساة، بل سيمهّد الطريق لـ”إعادة ترسيم المنطقة على أساس الهيمنة الإسرائيلية والغربية”، حسب تعبيره.
غياب الرؤية العربية
وقال فهمي في حوار مع برنامج “المسائية” على شاشة الجزيرة مباشر، إن العالم العربي يفتقد اليوم لرؤية جماعية واضحة تجاه المستقبل، ولا توجد أطروحة عربية واحدة جادة لحل أزمة الشرق الأوسط، مضيفاً “أنا شخصياً لا أعرف مشروعاً عربياً واحداً شاملاً لإنهاء النزاع. في المقابل، هناك خمسة أو ستة تصورات غير عربية، بعضها تركي، وبعضها إيراني، وبعضها إسرائيلي، تُطرح بشكل ممنهج في المحافل الدولية”.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsالحرب الإسرائيلية الإيرانية.. هذا ما جرى في الاتصال الهاتفي بين السيسي وبزشكيان
محمود خليل بعد الإفراج عنه: محاولات إسكات الأصوات المؤيدة لفلسطين باءت بالفشل (فيديو)
مسؤول عسكري إيراني: إسرائيل تواجه نقصا حادا في الذخائر والمعدات العسكرية
وانتقد فهمي ما وصفه بـ”الاعتماد العربي المفرط على القوى الخارجية”، خاصة في الملفات الأمنية، قائلاً “كل العرب تقريباً، دون استثناء، اعتمدوا على الخارج لضمان أمنهم القومي، وعندما يتراجع اهتمام تلك القوى الخارجية، تظهر فجوة تملؤها أطراف إقليمية أخرى، وفي مقدمتها إسرائيل وتركيا وإيران”.
إسرائيل “خارج النص”
وحول العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، اعتبر فهمي أن إسرائيل اليوم “دولة خارجة عن النظام الدولي”، وتستخدم القوة العسكرية كوسيلة وحيدة لتحقيق أهدافها، قائلاً “إسرائيل لا تستمع إلى أي صوت، لا غربي ولا عربي ولا دولي. ومنذ بداية الحرب قُتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين، ودُمرت المدارس والمستشفيات والبنية التحتية، ولا أحد يحاسب. طالما لا توجد كلفة للخروج عن القانون، فلن يتوقف هذا النزيف”.
وأشار إلى أن الرد الوحيد القادر على كبح إسرائيل هو فرض ثمن سياسي ودولي واضح لتجاوزاتها، مؤكداً أن غياب المحاسبة سيؤدي إلى شرعنة القتل والقمع والاحتلال، وسيؤسس لفوضى دولية أخطر بكثير على المدى الطويل.
إسرائيل تستغل غياب الإرادة
وأكد الوزير الأسبق أن إسرائيل ليست مهددة بالحرب من دول الجوار، بل تستغل الموقف العربي المتردد لتوسيع سيطرتها في الإقليم.
وأضاف “إسرائيل تشعر أن لا أحد يريد الحرب، وهذا موقف عقلاني من العرب، لكن في المقابل يجب أن تشعر أيضاً أنها ستدفع ثمناً سياسياً واقتصادياً وأمنياً لأفعالها”.
وأوضح أن حالة “الإفلات من العقاب” التي تحظى بها إسرائيل لا تُشجعها فقط على الاستمرار في العدوان، بل تدفعها إلى محاولات مباشرة لتفكيك المنطقة وإعادة تشكيلها على أساس المصالح الإسرائيلية – الأمريكية، قائلاً “سكوتنا سيمنحهم القلم ليعيدوا رسم خريطة المنطقة بمعزل عنا”.
انقسام عربي وفرص ضائعة
وحول غياب التأثير العربي الحقيقي، قال فهمي إن العرب رغم اتفاقهم الظاهري في بعض القضايا، لا يمتلكون أدوات الفعل والتأثير، مضيفاً “لا يهمني أن يصدر قرار جماعي من جامعة الدول العربية، بل أن تتحرك الدول ذات النفوذ الحقيقي وتضغط من مواقعها”.
ودعا الدول العربية الكبرى، خصوصاً مصر، والسعودية، وقطر، والإمارات، والأردن، إلى اتخاذ مواقف سياسية أكثر صلابة، قائلاً “على مصر أن تُكمّل دورها السياسي والدبلوماسي، خاصة بعد تصريح الرئيس المصري أن المساس برفح هو مساس بالأمن القومي، وهو تصريح التقطته إسرائيل بجدية”.
زيارة ترامب
وفي تعليقه على زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة إلى الخليج، قال فهمي إنها تُؤكد مجدداً أن الولايات المتحدة تتحرك دائماً وفقاً لمصالحها، وليس من منطلقات أخلاقية أو استراتيجية مشتركة، مضيفا “زيارة ترامب لم تكن دعماً لقضية عربية أو موقف إنساني، بل جاءت ضمن توجه اقتصادي لاستثمار الذكاء الاصطناعي وبناء مراكز بيانات في الخليج. هذا تفكير براغماتي صرف”.
الطريق إلى الحل
أكد فهمي أن الحديث عن “وقف إطلاق النار” لا يعني بأي حال “حل الأزمة”، مشدداً على أن جذر الصراع هو استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وقال “طالما استمر الاحتلال، ستستمر المقاومة والعنف والدماء. لا يمكن بناء سلام حقيقي إلا بنهاية هذا الاحتلال. الأزمة لم تبدأ في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بل منذ 1948”.
القادم أسوأ إن لم نتحرك
في نهاية حديثه، وجّه فهمي رسالة تحذير صريحة إلى الأنظمة العربية والمجتمع الدولي قائلاً “السكوت على ما يحدث الآن سيجعلنا نقبل القتل كأمر عادي، ويُشجّع كل طرف في العالم أن يستخدم القوة لفرض الأمر الواقع. إذا لم نتحرك سياسياً وقانونياً ودبلوماسياً اليوم، سنجد أنفسنا غداً أمام شرق أوسط جديد ليس للعرب فيه أي دور”.
وختم بالقول “أخطر ما يمكن أن يحدث هو أن تُرسم خرائط المنطقة بأقلام غير عربية. وهذا ما يجري الآن”.