وسط ترقب لرد أنصاره.. قرار قضائي جديد في تركيا بشأن إمام أوغلو

أصدرت النيابة العامة في مدينة إسطنبول التركية قرارا يحظر استخدام أي صور أو مقاطع فيديو أو صوت أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول المحبوس حاليا على ذمة تحقيقات تتعلق بالفساد، في وسائل المواصلات العامة بالولاية.
ويشمل القرار عددا من رؤساء البلديات الصغرى داخل ولاية إسطنبول، ويستند القرار إلى أن هذه الإعلانات لها طابع الدعاية والتشجيع على الاجتماعات والمظاهرات غير القانونية “وفقا للمادة 27 من القانون رقم 2911 والمادة 42 من القانون رقم 5326” وفرض العقوبات اللازمة.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsروسيا وأوكرانيا تتبادلان مجموعة من الأسرى المصابين والأحدث سنا (فيديو)
رسالة حاسمة من أردوغان للشرع بشأن الاحتلال الإسرائيلي لأراض سورية (فيديو)
تركيا تبدأ عقد الحرب على المثلية.. أردوغان يراها تهديدا للأسرة ويصفها بـ”الفاشية الجديدة”
وبينما يرى مؤيدو حزب الشعب الجمهوري المعارض -الذي ينتمي إليه إمام أوغلو- في هذه القرارات محاولة من الحكومة لإبعاد رئيس بلدية إسطنبول عن المنافسة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، قال الكاتب والمحلل السياسي التركي باتوهان طاكيش، في تصريحات للجزيرة مباشر، إنه يجب التذكير بأن هذا القرار “صادر عن هيئة قضائية وليس عن الهيئة الحاكمة للدولة، كما أن القرار يمثل جزءا من تحقيق قانوني”.
وأكد طاكيش أن القضاة والمدعين العامّين الذين يتولون القضية “ليسوا سياسيين؛ فهم يبنون قراراتهم على القانون لا على المناخ السياسي. لذا، فمن غير المرجَّح أن يأخذوا في الاعتبار العواقب السياسية لأحكامهم”.
وفي حين يُتوقع أن يحشد هذا القرار مؤيدي المعارضة حول إمام أوغلو، إذ سيعُدونه محاولة لإسكاته، فإن طاكيش شدَّد على أن “القرار مجرد متطلب إجرائي بموجب القانون التركي”.
وعن عواقب هذا القرار على المستقبل السياسي لحزب الشعب الجمهوري، أكد طاكيش أن الحزب سيخرج من هذه العملية سعيدا وحزينا في آن واحد. فمن ناحية، توفر القضية سببا لتوحد الحزب خلف شخصية سياسية طال انتظارها، عبر تنصيب إمام أوغلو قائدا لهم. ومن ناحية أخرى، يحتاج الحزب كي يفوز في الانتخابات إلى دعم واسع من الناخبين، وهو ما يبدو مستحيلا حاليا، بسبب ارتباط إمام أوغلو بقضايا الفساد الجاري التحقيق فيها.
من جانبه، رأى المحلل السياسي التركي إسلام أوزكان أن التوقيت السياسي لاتخاذ مثل هذا القرار لافت للنظر، وقد يُفهم منه أنه محاولة لاستبعاد إمام أوغلو من الانتخابات الرئاسية المقبلة، إذ أظهرت استطلاعات الرأي -وفق أوزكان- صعود شعبية إمام أوغلو منذ اتهامه في القضية.
وقال أوزكان للجزيرة مباشر إن الهدف من هذه القضية هو “إضعاف موقع إمام أوغلو بوصفه منافسا محتملا قويا في الانتخابات الرئاسية القادمة، ويعكس نمطا متكررا من استخدام القضاء أداة ضغط سياسي”.
وعن قرار النيابة العامة، توقع الكاتب أن يثير هذا القرار الرأي العام بشأن الرقابة السياسية، وأن يخضع للتقييم من منظور الديمقراطية، وسيادة القانون، والحقوق والحريات العامة.
وأضاف أوزكان أن قرار النيابة العامة بشأن منع صور إمام أوغلو و”فيديوهاته” بذريعة التحريض على التجمهر غير القانوني، يُعَد انتهاكا واضحا لمبادئ الديمقراطية وحرية التعبير، إذ إن الأنظمة الديمقراطية تقوم على سيادة القانون، ولا يجوز للسلطات القضائية ان تتدخل في المساحات العامة بهذا الشكل، ما لم يكن هناك تهديد حقيقي وواضح للأمن العام، وهو أمر لم يتم إثباته في هذه الحالة، على حد قوله.
وشدَّد المحلل السياسي التركي على أن “القرار يضيّق بشكل تعسفي على حق المسؤولين المنتخبين في التواصل مع المواطنين، ويمنعهم من استخدام أدوات الإعلام والتعريف بمشروعاتهم وسياساتهم، وهو ما يخالف المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمادة 10 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان”.
ورأى أوزكان أن القرار “يحمل طابعا سياسيا أكثر من كونه قانونيا”، معللا ذلك بأنه “يستهدف رئيس بلدية معارض للحكومة، ومثل هذه القرارات تُستخدم أدوات تقييد للحياة السياسية، وتُضعف التعددية التي هي جوهر النظام الديمقراطي”.
وأردف أوزكان “القرارات التي تتخذها الجهات القضائية يجب أن تكون مبنية على معايير موضوعية وشفافة، وألا تُستخدم لتصفية الحسابات السياسية أو كأداة تقييدية ضد المعارضين. وفي غياب تبرير قانوني قوي، فإن القرار يُعَد مخالفا لمبدأ الحياد القضائي”.
لكن باتوهان طاكيش استبعد أن تكون القرارات المتخذة بحق إمام أوغلو ذات دوافع سياسية تهدف إلى إبعاده عن المنافسة في الانتخابات الرئاسية، مشيرا إلى الاعتقاد الواسع في المجتمع التركي بانتشار الفساد في البلديات.
ورغم اعتراف طاكيش بأن القضية لها أبعاد سياسية “لأن إمام أوغلو شخصية سياسية عامة في نهاية المطاف” فإنه أكد أنه “ليس الرئيس رجب طيب أردوغان هو من سيحقق في الفساد، بل هي مسؤولية القضاء”.