وائل الدحدوح: لحظة فارقة غيّرت مجرى تغطية الأحداث في غزة (فيديو)
“ماذا لو توقّف صحفيو غزة عن التغطية؟”

قال وائل الدحدوح، مدير مكتب الجزيرة في غزة، إن “قسوة وهمجية التعامل من جانب الاحتلال الإسرائيلي في الحرب الدائرة حاليًّا في القطاع تختلف عن كل الحروب السابقة”.
وأضاف الدحدوح، خلال مداخلة في منتدى الصحافة، اليوم الأحد، أنه “في كل الحروب السابقة كنا نواجه الأخطار، وكنا نفقد بعض الزملاء وبعض المعدات بشكل محدود، وكانت الاستهدافات المباشرة للصحفيين تبدو وكأنها محسوبة، لكن في هذه المرة اختلف التعامل مع الصحفيين اختلافًا كاملًا في الكم والنوع”.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsسخرية واسعة بعد فوز مراسلة أمريكية “فبركت” قصصا صحفية بجائزة لـ”النزاهة” (شاهد)
“وضع يفوق التخيل”.. آلاف الأطفال في غزة يواجهون خطر الموت جوعا والمستشفيات مهدَّدة بالتوقف
أبو عبيدة يعلّق على الضربة اليمنية “الدقيقة” لمطار بن غوريون.. وحماس توجه نداء للأمة
لحظة فارقة
وأضاف أنه في هذه الحرب طلب الاحتلال للمرة الأولى إخلاء مدينة غزة عاصمة القطاع وشماله بالكامل من الصحفيين والمؤسسات الإنسانية ومن السكان، وطلب منهم التوجه إلى ما وصفها بـ”المناطق الآمنة” بوسط القطاع وجنوبه في خان يونس ورفح.
وأوضح الدحدوح أن “هذه اللحظة شكّلت فارقًا جوهريًّا لكل ما جاء بعدها من أحداث”، مضيفًا “كنا في أغلب الحروب السابقة نتواجد على الأقل في مكتب به الكثير من الإمكانيات والتجهيزات التي راكمناها عبر السنين، وهو ما يعطي العاملين درجة من القوة والأمان النفسي وقاعدة انطلاق لتغطية المهام”.
“فقدنا مكاتبنا ومنازلنا”
“لكن في هذه الحرب فقدنا المكتب الذي أسميه المنزل الأول للصحفي”، كما قال الدحدوح، مضيفًا “فقدنا أيضًا منازلنا بحيث أصبحنا نحن وأبناؤنا وعائلاتنا مشردين، وبالكاد يمكن أن نحصل على خيمة، ولا أحد يشعر بالأمان”.
وتابع “وصل الأمر إلى استهداف أسر الصحفيين بشكل مباشر، وهو ما يوضح أننا أمام حدث مختلف عن كل الاحداث السابقة، ويحمل في طياته أوجاعًا وأحزانًا وتحديات وعواقب مختلفة عن كل ما مضى”.
نموذج مختلف
وأكد أن “تجربة الصحفيين في غزة توضح أن الصحافة ليست فقط وظيفة وإنما رسالة، وهذا هو المفهوم الذي نقلته تجربة الصحفيين في غزة لكل العالم. العمل الصحفي في قطاع غزة يعني أن تضع روحك على كفك وتستمر”.
وشدَّد على أن “استمرار التغطية في قطاع غزة أمام كل هذه التحديات هو نموذج مختلف قدَّمه الصحفيون في غزة لكل العالم”.

في عين الخطر
وتابع الدحدوح “فقدنا كل التجهيزات ومنزل الأسرة بحيث أصبح الصحفي في غزة مثل أي مواطن. نازح مع المواطنين ومشرَّد معهم، ويفتقد الطعام والأمان، بل يفتقد مجرد الذهاب إلى الحمّام لقضاء الحاجة، وهي أبسط الحقوق، ومع ذلك يواصل العمل ليلًا ونهارًا”.
وعن قسوة ظروف العمل للصحفيين في غزة، قال الدحدوح “كنا نمضي الساعات في الاطمئنان على الأهل وتوفير بعض الطعام والشراب، ومواجهة انقطاع الاتصال والإنترنت، ولا حصول على أي مساعدة لوجستية تمكّن طاقم العمل من مواصلة مهامهم”.
وأشار إلى أن “كل هذا يحدث للصحفيين في غزة وهم في عين الخطر”، حيث عليهم العمل والتنقل وجمع الصور وتقديم التقارير وسط أخطار مستمرة.
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) May 4, 2025
“هذا هو التحدي”
وأضاف الدحدوح “منذ أن فُجعنا بهذه التحديات والأثمان الباهظة للحرب، كنا أمام سؤال جوهري: هل نستمر؟ هل نتعالى على كل هذه الجراح والآلام ونستمر في حمل الرسالة وتوصيل ما يحدث في قطاع غزة لكل العالم؟”.
وردًّا على سؤال بشأن شعور الصحفيين بجدوى تغطية ما يجري في قطاع غزة مع الصمت الدولي، أكد الدحدوح أنه “على المستوى الشخصي لم أتساءل قط عن جدوى تغطية ما يحدث من جرائم في قطاع غزة في ظل الصمت العالمي والتجاهل الدولي”.
وأوضح “كان السؤال معكوسًا بالنسبة لي: هب أن الصحفيين اقتنعوا بأنه لا جدوى من مواصلة المهمة، وهو ما قد يبدو منطقيًّا أمام ما يواجهونه من أهوال، ماذا سيحدث؟”.
ماذا لو توقّف الصحفيون في غزة عن أداء عملهم؟
وأجاب الدحدوح عن السؤال الذي طرحه، قائلًا “لو توقف الصحفيون في غزة عن أداء عملهم فإن هذا يعني أن الاحتلال سوف يتمكن من تحقيق هدفه وفرض إراداته على الصحفيين بعدم نقل ما يحدث في قطاع غزة إلى العالم”.
وتابع “كان السؤال دومًا: ما هو البديل؟ هل البديل أن ننزوي إلى خيمة لا تشكل حماية لأي صحفي أو أي إنسان؟ هل هذا هو الخيار الأمثل؟”.
وتزامن المنتدى مع اليوم العالمي لحرية الصحافة. وفي وقت سابق، أكد أمين نقابة الصحفيين الفلسطينيين عاهد فروانة أن أكثر من 630 من ذوي الصحفيين استشهدوا جراء الاستهدافات الإسرائيلية في قطاع غزة.
وأشار إلى أن الاحتلال اعتقل 177 صحفيًّا من غزة، ما زال 155 منهم معتقلين في سجون الاحتلال منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.