“صدمة فوق صدمة”.. تقرير يكشف حالة “الجبهة النفسية” في إسرائيل بعد الحرب مع إيران

إسرائيليون يندفعون نحو ملجأ بعد انطلاق صفارات إنذار من غارة جوية (الفرنسية)

شهدت إسرائيل تصاعدا غير مسبوق في الطلب على خدمات الدعم النفسي منذ بدء المواجهة الأخيرة مع إيران، في ظل مؤشرات على تفكك داخلي متسارع على مستوى الصحة النفسية.

فقد كشفت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، في تقرير موسع نُشر اليوم الأربعاء، أن منظمات الدعم النفسي في البلاد سجلت ارتفاعا بنسبة 200% في طلبات المساعدة، مقارنة بالفترة السابقة، التي شهدت بدورها زيادة بعد عملية طوفان الأقصى.

وتشير الأرقام إلى أن منظمة “عيران”، وهي منظمة شبه أهلية متخصصة في تقديم الإسعاف النفسي الأولي، تلقت منذ بدء الحملة على إيران نحو 10 آلاف طلب دعم، ما استدعى تعزيز خطوط المساعدة بمتطوعين من داخل إسرائيل ومن دول مثل الولايات المتحدة وأستراليا.

تمثل الملاجئ جزءا أساسيا من البنية التحتية الدفاعية التي تعتمد عليها إسرائيل
تمثل الملاجئ جزءا أساسيا من البنية التحتية الدفاعية التي تعتمد عليها إسرائيل (الفرنسية)

ذكريات صادمة

وتقول شيري دانييلز، المديرة المهنية للمنظمة “معظم الطلبات تتعلق بالقلق العميق. يتصل بنا أشخاص يعيشون وحدهم، أو من ذوي الإعاقة، أو مسنون يشعرون بأنهم عاجزون عن الوصول إلى ملاجئ آمنة”.

وتبدو التأثيرات النفسية أكثر حدة لدى بعض فئات المجتمع؛ فالناجون من هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول، وجنود الاحتياط، والعائلات التي تعيش بدون ملاجئ مناسبة، يشكلون الجزء الأكبر من المتصلين.

بعضهم، وفقًا لدانييلز، يعاني من عودة الذكريات الصادمة، وآخرون يطلبون المساعدة لتهدئة أطفالهم أو آبائهم كبار السن.

وتضيف: “يشعر الناس بعدم الأمان، وانعدام السيطرة، وفقدان الأمل. الحرب متعددة الجبهات، وهناك شعور شامل بالعجز”.

عدد الملاجئ في إسرائيل يقدّر بنحو مليون ملجأ
عدد الملاجئ في إسرائيل يقدّر بنحو مليون ملجأ (AP)

غير قادرين على التحدث من شدة الذعر

وأكدت مديرة خطوط الدعم في جمعية “نتال” الإسرائيلية للدعم النفسي، جيلي غميش، أن اليوم الأول من التصعيد وحده شهد نحو 300 مكالمة.

وتقول: “نتلقى مكالمات من أمهات مع أطفالهن في الملاجئ، من أشخاص يعيشون بمفردهم، ومن ذوي إعاقة لا يستطيعون الوصول إلى أماكن محصنة. بعضهم يتصل أثناء صفارات الإنذار، غير قادرين حتى على التحدث من شدة الذعر”.

وفي مشهد يعكس هشاشة المنظومة المجتمعية، أورد التقرير شهادات عن بلدات لا تتسع ملاجئها لكل السكان، مما يضطر البعض للبقاء خارجها. أحد المتصلين عبّر عن قلقه حين قال إن النساء والأطفال يُفضلون الدخول إلى الملاجئ، فيما يُترك بعض الرجال في الخارج.

كما أبلغ سكان في مناطق مثل بني براك عن صدمة كبيرة إثر سقوط صواريخ في مواقع كانوا يعتقدون أنها بعيدة عن دائرة الاستهداف.

تُعدّ الملاجئ في إسرائيل خط الدفاع الأخير في حال فشل منظومات الدفاع الجوي
تُعدّ الملاجئ في إسرائيل خط الدفاع الأخير في حال فشل منظومات الدفاع الجوي (AP)

صدمة متراكمة

وقال مختصون نفسيون إن المواجهة مع إيران تميزت بطابعها غير المتوقع وغير المحدد زمنيا، ما يزيد من منسوب القلق في المجتمع الإسرائيلي.

تقول دانييلز: “الناس يجدون صعوبة في تفعيل آليات التكيف المعتادة. هذا التهديد يبدو غريبا وغير مألوف، وهو ما يعمق الشعور بالإرهاق والانهيار”.

بدورها، تصف جيلي غميش هذا التصعيد بأنه “طبقة إضافية من الصدمة المتراكمة”، إذ يعيش المواطنون حالة “صدمة فوق صدمة”، ويجدون أنفسهم عالقين في مواجهة مستمرة لا تمنحهم فرصة للاستراحة النفسية أو التنظيم الداخلي.

وخلص التقرير إلى أن إسرائيل تخوض اليوم جبهة نفسية لا تقل تعقيدا عن المواجهات الميدانية، وأن أي إهمال لهذه الجبهة قد يؤدي إلى نتائج اجتماعية طويلة المدى. الحرب مع إيران لا تُقاس فقط بالصواريخ، بل بالأرواح المنهكة والعقول المتعبة التي تبحث عن ملجأ لا تحميه الخرسانة، بل الطمأنينة، بحسب التقرير.

المصدر: صحيفة معاريف الإسرائيلية

إعلان