كيف تحوّل تاجر مخدرات إلى أداة إسرائيلية لتأسيس ميليشيا في غزة؟

أفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي، الأربعاء، بأن إسرائيل نقلت أسلحة متنوعة -تشمل بنادق “كلاشينكوف” صودرت من حركة المقاومة الإسلامية (حماس)-، إلى “ميليشيا” فلسطينية تتعامل معها يقودها ياسر أبو شباب، الذي كان قبل الحرب منخرطًا في تجارة المخدرات وجرائم التهريب.
وأشارت المصادر العسكرية الإسرائيلية إلى أن ميليشيا “أبو شباب”، الذي اعتُقل من قبل الحكومة الفلسطينية في غزة قبل الحرب بتهم تتعلق بنشاطاته الإجرامية، بدأت ممارسة نشاطها فعليا في مناطق سيطر عليها الجيش الإسرائيلي، لا سيما شرقي رفح، وذلك في أعقاب العمليات العسكرية الواسعة التي شهدتها المنطقة مؤخرا.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsنابلس.. شهيدان وعشرات الإصابات في اقتحام إسرائيلي واسع للبلدة القديمة (فيديو)
سرايا القدس تستولي على طائرة استخبارية إسرائيلية وترشق عسقلان بالصواريخ (فيديو)
قوات الشهيد عمر القاسم تعلن الاستيلاء على “متفجرات شديدة الانفجار” شرق غزة
وبحسب المعلومات التي نشرها مراسل إذاعة الجيش دورون كادوش، شاركت جهات أمنية وسياسية إسرائيلية في وضع هذه الخطة، حيث تم رفعها للمستوى السياسي الإسرائيلي الذي صادق عليها، دون الحاجة لموافقة مجلس الوزراء.
وكشفت التقارير أن تسليح “ميليشيا” أبو شباب، جاء بمبادرة مباشرة من أجهزة الأمن الإسرائيلية، وبموافقة القيادة السياسية.
وبيّنت المصادر لإذاعة الجيش أن تسليح هذه “الميليشيا” يشمل أسلحة خفيفة، بعضها تم الاستيلاء عليه من (حماس) خلال العمليات العسكرية، بينما تستهدف “الميليشيا” مهام محددة أبرزها: “حماية المساعدات التي تدخل قطاع غزة، ومواجهة حماس في المناطق التي انسحب منها الجيش”.
ونشر كادوش صورا لعناصر “ميليشيا ياسر أبو شباب” التي نُشرت في الأيام الأخيرة، وقال: “انتبهوا للخوذات والسترات الواقية التي تبدو جديدة، بعضها بلون الزيّ العسكري الزيتوني”، الذي يلبسه الجيش الإسرائيلي.
תמונות של אנשי המיליציה של יאסר אבו שבאב שפורסמו בימים האחרונים – שימו לב לקסדות ולאפודים שנראים חדשים… חלקם בצבע מדי זית.
עכשיו אפשר לעשות 1+1 pic.twitter.com/2Mem0x8xLn
— דורון קדוש | Doron Kadosh (@Doron_Kadosh) June 5, 2025
وتسربت مذكرة داخلية للأمم المتحدة، إلى صحيفة واشنطن بوست، وصفت أبو شباب بأنه “العنصر الأهم خلف نهب المساعدات بشكل منهجي” في منطقة كرم أبو سالم، وأن نشاطه يجري بـ”رعاية من الجيش الإسرائيلي”.
“الشاباك” وراء أبو شباب
وأفادت مصادر مطلعة لهيئة البث الإسرائيلية بأن فكرة تسليح “ميليشيا” محلية في رفح بقيادة ياسر أبو شباب انطلقت بمبادرة من جهاز الأمن العام الإسرائيلي “الشاباك”، وبالشراكة مع الجيش الإسرائيلي.
وكشفت المصادر أن تفاصيل العملية نوقشت في لقاء خاص جمع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع رئيس “الشاباك” المنتهية ولايته رونين بار.
وأوضحت المصادر أن الدائرة الأمنية الضيقة فقط كانت على علم بخطة التسليح، حيث ضمت كلًا من رئيس الوزراء، ووزير الدفاع، ورئيس “الشاباك”، ورئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، وقد تلقى نتنياهو عرضا شاملا حول العملية، تضمن دراسة دقيقة لمزاياها وعيوبها، قبل أن يتخذ قرار المصادقة النهائية عليها.
من هو ياسر أبو شباب؟
وياسر أبو شباب، فلسطيني من مواليد 1993 في رفح جنوب القطاع، ينتمي إلى قبيلة الترابين.
قبل اندلاع الحرب، كان أبو شباب منخرطًا في تجارة المخدرات وارتكاب جرائم التهريب، ما جعل اسمه مرتبطًا بعالم الجريمة المنظمة بعيدًا عن أي نشاط سياسي مشروع.
وقد ألقت الحكومة الفلسطينية في غزة القبض عليه في وقت سابق بتهم تتعلق بنشاطاته الإجرامية، ولا سيما تلك المرتبطة بتهريب المواد المخدرة والجرائم المالية.
ولم تطل فترة سجنه، إذ تمكن من الهروب بعد غارة جوية إسرائيلية استهدفت مقر الشرطة الفلسطينية في رفح، ما أسفر عن هدم السجن الذي كان محتجزًا فيه وفراره تحت غطاء القصف.
عقب هروبه، أسس ياسر أبو شباب ميليشيا حملت اسم “القوات الشعبية” في شرق رفح. غير أن الطابع العام لنشاط هذه المجموعة ظل أقرب إلى عالم الجريمة، مع غياب أي أيديولوجيا سياسية واضحة أو شرعية اجتماعية واسعة، كما أشارت تقارير إسرائيلية ومحلية إلى أن تاريخه كـ”تاجر مخدرات” سابق يثير الكثير من الشكوك حول أهداف المشروع وحدود ولائه.
وبدأ اسم ياسر أبو شباب يبرز في الساحة الأمنية عقب نشر كتائب القسام، لقطات مصورة توثق استهداف قوة خاصة إسرائيلية من وحدات “المستعربين” شرق مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة.

وبينت المشاهد تحركات لعناصر القوة الإسرائيلية قرب الحدود الشرقية للقطاع، حيث شوهدت وهي تداهم عددا من منازل المواطنين الفلسطينيين، قبل أن يباغتهم مقاتلو القسام بتفجير منزل كان معدا مسبقا لهذا الغرض، مما أسفر عن وقوع قتلى وجرحى في صفوف القوة المتسللة.
في أعقاب هذه العملية، أفاد مصدر أمني في المقاومة الفلسطينية للجزيرة بأن المجموعة التي استُهدفت كانت تضم عملاء مجندين لصالح الاحتلال، مكلفين بمهام تمشيط المناطق الحدودية وتعقب تحركات المقاومة، بالإضافة إلى الاستيلاء على المساعدات الإنسانية القادمة للقطاع.
وفي هذه المرحلة، تؤكد الروايات الإسرائيلية أن “ميليشيا ياسر أبو شباب” هي الجهة المحلية التي تتلقى دعما مباشرا من جيش الاحتلال، ولم تكشف عن تعاون جهات أخرى في غزة بالطريقة نفسها.
ردود فعل إسرائيلية
من جانبه قال زعيم حزب “إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان، إن الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو، قامت بنقل أسلحة إلى “عصابات إجرامية” داخل قطاع غزة، مضيفا أن هذه الخطوة نُفذت بتعليمات مباشرة من نتنياهو، وبعلم رئيس جهاز الأمن العام “الشاباك”، دون مصادقة المجلس الوزاري الأمني المصغر “الكابينت”.
وفي تصريحات نقلتها هيئة البث الإسرائيلية، أشار ليبرمان إلى أنه لا يستطيع أحد ضمان أن تلك الأسلحة التي تم تهريبها إلى غزة لن تُستخدم لاحقا ضد إسرائيل نفسها، محذرا من خطورة هذه السياسة على الأمن القومي الإسرائيلي.
ومن جانبه، هاجم زعيم حزب “الديمقراطيين الإسرائيليين” يائير غولان، نتنياهو، متهما إياه بتسليح “ميليشيات مسلحة” في قطاع غزة بدلا من السعي لإنجاز صفقة تُفضي إلى استعادة الأسرى، محذرا من أن هذه السياسة توجِد “قنبلة موقوتة” تهدد أمن إسرائيل على المدى القريب والبعيد.