البرلمان المصري من 2010 إلى 2015 (1-3)


تعتبر الانتخابات البرلمانية التي أجريت في مصر مؤخرا الثالثة التي تجري خلال خمس سنوات، في ظل مناخات سياسية وأطر قانونية ودستورية ونظم حكم مختلفة، حيث جرت انتخابات 2010 في عهد الرئيس المخلوع مبارك، وأعقبها بشهر واحد ثورة 25 يناير، بينما جرت انتخابات 2012 بعد تولي المجلس العسكري شئون الحكم، في حين أجريت الانتخابات الأخيرة بعد الانقلاب على أول رئيس مدني منتخب. وسوف نقارن بين الاستحقاقات الثلاثة من حيث المناخ السياسي، والبيئة التشريعية، والمشاركة، والنتائج، ونبدأ بانتخابات 2010.
المناخ السياسي
جرت انتخابات مجلس الشعب 2010 في مناخ سياسي تصدره الحديث عن خلافة الرئيس المخلوع مبارك، وظهور محمد البرادعي كلاعب في الحياة السياسية المصرية بعد أن أعلن رغبته في الترشح بشروط على منصب الرئاسة تسمح بإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية حرة ونزيهة.
وقد تبنى مطالب البراد عي مجموعة من القوى السياسية والشخصيات العامة، التي شكلت في الأعوام السابقة للانتخابات حركات تدعو إلى مواجهة مشروع التوريث لنجل الرئيس مبارك، وتبنت تلك الشخصيات تكوين الجمعية الوطنية للتغيير، وكان من أبرز مطالبها المطالبة بإعمال المراقبة الدولية على الانتخابات الرئاسية والتشريعية.
دعت الجمعية الوطنية للتغيير وحركة شباب 6 أبريل قوى المعارضة المصرية الرسمية لمقاطعة الانتخابات، وشكلت أحزاب المعارضة الرئيسية ” الوفد – التجمع – الناصري – الجبهة الديمقراطية ” ما يسمى بائتلاف أحزاب المعارضة، وقد طالبوا ببعض الضمانات لإجراء انتخابات تشريعية حرة ونزيهة في عريضة تطالب بإجراء الانتخابات بالقائمة النسبية، وتنقية الجداول الانتخابية، وعودة الإشراف القضائي الكامل، وإعادة النظر في مهام اللجنة العليا للانتخابات.
المشاركة في الانتخابات
بالإضافة إلى الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم (منحل حاليا بحكم قضائي)، فقد شارك بالانتخابات العديد من أحزاب المعارضة على الرغم من صدور دعوات المقاطعة. فمن المشاركين أحزاب الوفد الجديد، والتجمع الوطني التقدمي الوحدوي، والسلام الديمقراطي و العربي الديمقراطي الناصري، والجيل الديمقراطي، والأحرار الاشتراكيين، والغد (جبهة موسى مصطفى)، وشباب مصر، و الخضر، والجمهوري الحر، والدستوري الاجتماعي الحر، و التكافل الاجتماعي، ومصر العربي الاشتراكي، ومصر 2000، و الشعب الديمقراطي، إضافة إلى جماعة الإخوان المسلمين، بينما أعلن كل من حزبي الوسط والغد (جبهة أيمن نور) مقاطعتهما للانتخابات.
البنية التشريعية المنظمة للانتخابات
تناول دستور 1971 الذي تم تعديله عام 2007 تنظيم الانتخابات العامة (شعب – شورى) في عدة مواد وأعطى بموجبها سلطة مطلقة للمجلس التشريعي في تحديد النظام الذي يجري على أساسه الانتخابات، وهو ما مكن المشرع من اختيار النظام الفردي في الانتخابات التشريعية، كما ترك له حرية تحديد نسبة تمثيل المرأة في المجلسين دون إلزامه بذلك، وهو ما سمح للمشرع بتغيير النظام الانتخابي وقت ما يشاء.
وجاءت المادة 62 من الدستور مخالفة للتعهدات التي أطلقتها السلطة التنفيذية، أثناء تسويقها لهذه التعديلات حيث ادعت أن الغرض من التعديلات هو السماح بتمثيل أفضل للأحزاب والأقباط والمرأة، والقضاء على نفوذ العصبيات والقبليات، وسطوة رأس المال والتعصب الديني وهو ما يعني سن تعديل دستوري يجبر المشرع على إصدار قوانين تسمح بتمثيل تلك الفئات عن طريق نظام القائمة النسبية، بينما أجريت انتخابات(2010 ) بالنظام الفردي الذي يقلل من فرص مشاركة الأقباط والأحزاب، ويعظّم من دور العصبيات والقبليات ونفوذ وسطوة راس المال، أما المادة 88 فقد ألغت الإشراف القضائي على اللجان الفرعية، واقتصر على اللجان العامة، وبذلك ألغت التعديلات الدستورية الضمانة الوحيدة لنزاهة العملية الانتخابية يوم الاقتراع.
أعلنت اللجنة العليا للانتخابات نتيجة الجولة الأولى من الانتخابات في يوم 30 نوفمبر/تشرين الثاني2010، وأعلن المتحدث باسم اللجنة أن نسبة المشاركة في الجولة الأولى بلغت 35%، كما أعلن أنه تم إلغاء النتائج في دائرة بيلا في محافظة كفر الشيخ، وأيضًا إبطال الأصوات في 1053 صندوقًا على مستوى الجمهورية. وكانت نتيجة الجولة الأولى التي أعلنت أدت إلى سيطرة مرشحي الحزب الوطني الحاكم على أغلب المقاعد من الجولة الأولى، ودخول مرشحيه الآخرين بجولة الإعادة ، أدى ذلك إلى إعلان انسحاب حزب الوفد ومرشحي الإخوان من جولة الإعادة وذلك احتجاجًا على ما رأوه من تزوير وأعمال عنف صاحبت الجولة الأولى.
جولة الإعادة
أعلنت اللجنة العليا للانتخابات نتيجة جولة الإعادة في 6 ديسمبر/كانون الأول2010، كما أعلنت عن إبطال 257 صندوقًا في جولة الإعادة. وزادت النتيجة من حصيلة الحزب الوطني في السيطرة على مقاعد المجلس حيث حصد 420 مقعدا، كما حصل حزب التجمع على خمسة مقاعد، بينما حصلت أحزاب الجيل الديمقراطي والغد (جبهة موسى مصطفى)، والسلام الديمقراطي والعدالة الاجتماعية على مقعد لكل منهم، كما فاز 6 مرشحين من حزب الوفد الذي كان قد أعلن انسحابه من جولة الإعادة، كما فاز النائب مجدي عاشور من جماعة الإخوان، والذي راجت شائعات حول اختطافه من قبل الجماعة لمنعه من خوض الإعادة بعد مقاطعة الجماعة لها، إلا أنه نفى ذلك، وبلغ عدد النواب الذين فازوا كمستقلين 68 نائبًا، ينتمي 53 منهم للحزب الوطني.
حل المجلس
في 13 فبراير/شباط 2011 وبعد تنحي مبارك عن الحكم استجابة لمطالب ثورة 25 يناير وتولي المجلس الأعلى للقوات المسلحة حكم البلاد صدر إعلان دستوري تم بموجبه تعطيل العمل بالدستور وحل مجلسي الشعب والشورى بالإضافة إلى مجموعة أخرى من الإجراءات.