ماذا يتبقى من مصر بعد 6 شهور؟
“من فضلكم من فضلكم قفوا جنب بلدكم مصر ستة شهور فقط”
كان هذا نداء رأس النظام المصري عبدالفتاح السيسي للمواطنين ورجال الأعمال، يوم الأربعاء 28 ديسمبر/كانون أول الماضي، خلال افتتاح المرحلة الأولى للمزارع السمكية في محافظة الإسماعيلية.
التنازل عن تيران وصنافير
في اليوم الأول من الأشهر الستة، قضت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة -وهي محكمة غير مختصة- يوم الخميس 29 ديسمبر/كانون الأول، بقبول الطعن على تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري، القاضي ببطلان توقيع ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، المعروفة إعلاميا باتفاقية تيران وصنافير، ما يعني وقف تنفيذ الحكم غير النهائي الذي أصدرته محكمة القضاء الإداري في يونيو/ حزيران الماضي ببطلان الاتفاقية، التي تقضي بنقل تبعية الجزيرتين إلى السعودية.
وفي نفس اليوم وافق مجلس الوزراء المصري، على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين بلاده والسعودية، وقال المجلس في بيان له، إنه أحال الاتفاقية -عقب موافقته- لمجلس النواب.
بعد ذلك بيوم واحد قضت محكمة مستأنف القاهرة للأمور المستعجلة يوم السبت 31 ديسمبر بتأييد حكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، الذى قضى بوقف تنفيذ حكم القضاء الإدارى ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية ورفض الاستئناف عليه.
كانت مصر والسعودية قد وقعتا -في أبريل/ نيسان الماضي- اتفاقية يتم بموجبها نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير بالبحر الأحمر إلى المملكة العربية السعودية، وتصدر المحكمة الإدارية العليا في 16 يناير القادم حكمها على طعن قدمته الحكومة على حكم سابق للقضاء الإداري ببطلان الاتفاقية.
بيع شركات حكومية رابحة
يوم الأحد الماضي كشفت داليا خورشيد وزيرة الاستثمار، أنه سيتم طرح شركتى “إنبى وأموك” من قطاع البترول فى البورصة، كما أنه تم العمل مع بنوك الاستثمار على برنامج لطرح عدد من شركات القطاع العام ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادى، خلال العام الجارى ويستمر من 3 إلى 5 سنوات.
وعارض عدد من المحللين والخبراء الاقتصاديين قرار حكومة السيسي، بيع شركة “إنبي” للصناعات البترولية، حيث إنها شركة مصرية ناجحة تشكل مصدرا للعملة الصعبة، ولها أهمية كبيرة لاكتشافات الغاز والزيت، وتصدر الخبرة، وأُنشئت في الأساس لتمصير صناعة البترول.
وأعربوا عن تخوفهم من اتباع سياسة الخصخصة التي بدأتها حكومة عاطف عبيد، رئيس وزراء مبارك (1999 إلى 2004)، وشهدت فسادا كبيرا، كما أن بيع هذه الشركات يأتي لسداد ديون تتراكم، وخضوع لشروط صندوق النقد الدولي، ولن يساهم في حل المشكلة الاقتصادية التي تعاني منها مصر.
و قد تأسست شركة إنبي الهندسية للصناعات البترولية والكيماوية، عام 1978 كشركة مساهمة مصرية، وتمتلك الهيئة المصرية العامة للبترول نسبة 97 % من أسهمها، وعملت الشركة في الجزائر وليبيا والسعودية والسودان والإمارات، وارتفعت أرباحها بنسبة 19 % خلال عام 2015.
مزيد من القتلى والمصابين
صباح الاثنين الماضي شن مسلحون، يشتبه في انتمائهم لفرع تنظيم الدولة الإسلامية في سيناء، هجوما بسيارة مفخخة على كمين المطافئ في العريش، أعقبه هجوم بقذائف آر بي جي، أسفر عن مقتل وإصابة 30 من رجال الشرطة والمدنيين.
وذكرت مصادر طبية وأمنية أن 8 من رجال الشرطة قتلوا إلى جانب مدني واحد، وأصيب 11 من رجال الشرطة إلى جانب 10 مدنيين أصيبوا بشظايا وطلقات نارية.
وقالت مصادر أمنية إن المنازل المحيطة بموقع التفجير تضررت حيث تحطم زجاج الأبواب والنوافذ إضافة إلى تلفيات أخرى متنوعة.
يأتي هذا الهجوم ضمن سلسلة من الهجمات المتتالية على مواقع الجيش والشرطة في سيناء أسفرت عن قتل وإصابة المئات من الجنود والضباط، دون انخفاض في وتيرتها.
أعلى معدل تضخم في تاريخ البلاد
أمس الثلاثاء أعلن البنك المركزي المصري عن ارتفاع المعدل السنوي للتضخم الأساسي في مصر إلى 25.86 % في شهر ديسمبر، مقابل 20.73 % في نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي، يأتي هذا في ظل انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار الذي وصل لمستويات قياسية (20 جنيها للدولار).
وعلى سبيل المثال فقد ارتفعت أسعار مجموعة الحبوب والخبز بنسبة 54.1%، ومجموعة اللحوم الحمراء والمجمدة بنسبة 32.25%، ومجموعة الزيوت والدهون بنسبة 47.65%، ومجموعة السكر والاغذية السكرية بنسبة 56.8%، ومجموعة البن والشاي بنسبة 60.7%، وقسم الرعاية الصحية بنسبة 33.3%، و النقل والمواصلات بنسبة 22.8%، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وعندما يتجاوز معدل التضخم في مصر 25% فإن هذا يعني أننا أمام أزمة، اقتصادية واجتماعية، بل وسياسية، لا تقل في خطورتها عن قرار تعويم العملة المحلية بداية شهر نوفمبر الماضي، لأن هذا المعدل يعد الأعلي من نوعه في تاريخ البلاد، كما يعني أن الأسعار باتت فوق قدرة الغالبية العظمي من المصريين، ويعرقل جذب الاستثمارات الأجنبية، ويزيد من مخاطر عدم الاستقرار السياسي ومعدلات الفساد.، ومع الانخفاض الكبير في القدرة الشرائية يضرب الركود الأسواق، وتغلق المصانع، وتفلس الشركات، وتزداد معدلات البطالة والفقر، بل والانتحار.
ما سبق عينة من الإخفاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، التي ضربت مصر خلا عشرة أيام من بداية الشهور الستة التي طلب السيسي من المصريين الصبر خلالها، ضمن سلسلة وعوده بالصبر التي كان أولها في أبريل نيسان 2014 عندما قال: “اصبروا علىّ سنتين واشتغلوا معايا، وحاسبونى بعدها”. فماذا إذن عن بقية الأشهر الستة؟ هكذا يتساءل مصريون.