المعونات الخليجية لمصر .. ما خفي أكثر!

تتضارب الأرقام بشأن حجم المنح والمعونات التي تلقتها مصر عقب الانقلاب العسكري في يوليو/تموز 2013 على محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب
وجاء آخر هذه الأرقام ضمن البيان الذي أصدرته وزارة المالية للرد على ما أثير في وسائل الإعلام بشأن إعلان الجهاز المركزي للمحاسبات في مصر، عن اختفاء 32.5 مليار جنيه من الحسابات الختامية للموازنة العامة للدولة للعام المالي 2014-2015
وذكر البيان أن أرصدة المنح التي تلقتها مصر في سنوات سابقة موضوعة منذ تسلمها في البنك المركزي المصري في حسابات لوزارة المالية ثم صدر عام 2013 القانون رقم 105 الذي رخص للبنك المركزي بشراء رصيد حساب المبالغ الواردة من الدول العربية والأجنبية الصديقة لمصر التي بلغت قيمتها في ذلك الوقت نحو 8.78 مليار دولار.
تناقض
يتناقض هذا الرقم مع بيانات سابقة صادرة عن وزارة المالية ومسؤولين مصريين آخرين، فقد أكد رأس النظام “عبد الفتاح السيسي” في حوار تليفزيوني أن المساعدات الخليجية التي وصلت مصر نقدية، وتبلغ 20 مليار دولار ولا تشمل المساعدات النفطية.
بعدها خرج وزير المالية السابق هاني قدري يوم 8 من نوفمبر/تشرين الثاني 2014، بتصريح يقول فيه: إن دول الخليج قدمت مساعدات نقدية وعينية لدعم الاقتصاد المصري في العام المالي 2013-2014 بلغت نحو 10.6 مليارات دولار، أو ما يعادل نحو 74 مليار جنيه؛ منها 53 مليار جنيه في صورة منتجات بترولية، و21 مليار جنيه منحًا نقدية.
ووفقًا لهذا التصريح فإن ما تلقَّته مصر من دول الخليج من مساعدات مدرجة في الموازنة يقل 1.4 مليار دولار عن المبالغ التي أعلنت عنها كل من دول الخليج، وحازم الببلاوي (رئيس الوزراء الأسبق) عقب الانقلاب وهي 12 مليار دولار، وتقل 9.4 مليار دولار عن الرقم الذي أعلن عنه السيسي يوم 7 من مايو/أيار 2014 وهو 20 مليار دولار؛ إلا أن وزارة المالية قدَّمت رقمًا مغايرًا حينما قدرت في بيان لها في يوليو/تموز 2014 حجم المساعدات التي تلقتها الحكومة المصرية من الخليج خلال العام المالي 2013-2014 بنحو 16.7 مليار دولار، إلا أن وزير المالية عاد وخفض الرقم إلى 10.6 مليار دولار.
لكن وزير المالية عاد في 27 من يناير/كانون الثاني 2015 وأكد أن حجم المساعدات بلغ قرابة 20 مليار دولار، حينما نوَّه في حديث لوكالة بلومبرغ العالمية بالدور الكبير الذي أسهمت به المساعدات الخليجية في دعم الاقتصاد خلال الآونة الأخيرة
وقدَّم وزير التخطيط المصري أشرف العربي رقمًا مقاربًا لرقم السيسي؛ حينما أعلن يوم 20 من أكتوبر/تشرين الأول 2014 أن الدعم الخليجي لبلاده تجاوز بمراحل مبلغ 20 مليار دولار، وأن هناك أشياء كثيرة لا تقال، حسب قوله.
بينما يقدر متابعون حجم المعونات بمبلغ 50 مليار دولار تقريبا.
البنك المركزي
وزارة المالية شددت في بيانها الصادر أول أمس على أن المبلغ بالكامل موجود لدى البنك المركزي المصري، ، لإضافتها لاحتياطي العملات الأجنبية بالبنك المركزي، كما رخص القانون لوزارة المالية بأن تحصل على المقابل بالجنيه المصري للإنفاق منها على خفض عجز الموازنة العامة للدولة إلى جانب برامج تنشيط الاقتصاد والخطة الاستثمارية للدولة.
وأشارت الوزارة إلى أنه لتعظيم الاستفادة من هذه المبالغ، فقد قررت الحكومة المصرية في ذلك الوقت عدم استخدام المبلغ بالكامل في عام مالي واحد وإنما يتم توزيعه لأكثر من عام، وهو ما تم بالفعل تنفيذه، إذ تم استخدام نحو 20.3 مليار جنيه لتخفيض عجز موازنة العام المالي 2013-2014 كما تم استخدم مبلغ 7.1 مليار جنيه في العام المالي 2014-2015 أيضا لتخفيض العجز وأيضا في عام 2015/2016 تم استخدام مبلغ 2.3 مليار جنيه ومن المتوقع استمرار هذه السياسة في العام المالي الحالي 2016-2017 والأعوام التالية.
ما خفي أكثر
يبدو من هذا التضارب إصرار المسؤولين في مصر على التعامل بعدم شفافية مع هذا الملف المهم، والإصرار على رفض الكشف عن الرقم الحقيقي للمساعدات الخليجية؛ التي حصلت عليها البلاد منذ وقوع الانقلاب العسكري على أول رئيس مدني منتخب في يوليو/ تموز 2013.
كما يؤكد أن هذه المساعدات لم تدخل البلاد من خلال البنك المركزي المصري؛ الذي يتلقى المعونات والمنح الخارجية، ثم يقوم بإيداعها في حسابات الوزارات والجهات المتلقية لها.
ومع غياب دور الأجهزة الرقابية، وعدم إعلانها حتى الآن عن رقم محدد للمساعدات الخليجية، وهو ما يجعل الغموض مستمرا، والتساؤلات مشروعة أين ذهبت أموال المنح والمعونات؟
كما يؤكد كل ما سبق ملاحظة الجهاز المركزي للمحاسبات عن اختفاء المبلغ المذكور وربما أكبر منه، وما خفي كان أكثر.