صدمة سودانية بعد تأجيل رفع العقوبات الأمريكية

صدمة كبيرة.. هكذا كان تعليق إعلامي سوداني، حين سألته الجزيرة مباشر، عن تعليقه على إرجاء الولايات المتحدة قرار رفع العقوبات الجزئي عن السودان.
يأتي ذلك بعد أن ذكرت وكالة “رويترز” أن وزارة الخارجية الأمريكية قالت أمس الثلاثاء، إن الولايات المتحدة أرجأت البت في قرار رفع العقوبات بشكل دائم عن السودان، بسبب سجله في مجال حقوق الإنسان وقضايا أخرى لمدة ثلاثة أشهر .
كان الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما قد رفع العقوبات لمدة ستة أشهر في يناير/ كانون الثاني مما أدى إلى تعليق حظر على التجارة والإفراج عن أصول وإزالة عقوبات مالية.
وكان من المتوقع أن يصدر الرئيس الحالي دونالد ترامب اليوم الأربعاء قرارا بشأن ما إذا كان سيلغي العقوبات بشكل دائم.
وقالت الولايات المتحدة في يونيو/ حزيران إنها “قلقة بشدة” من سجل السودان في مجال حقوق الإنسان.
وقال السودان أمس الثلاثاء إنه استجاب لكل المطالب الأمريكية لرفع العقوبات التي فرضت منذ 20 عاما وأعاقت اقتصاد البلاد.
وأقرت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان أن السودان أحرز “تقدما كبيرا ومهما في الكثير من المجالات”؛ لكنها قالت إن الأمر يحتاج إلى ثلاثة أشهر أخرى للتأكد من أن السودان عالج بشكل تام مخاوف واشنطن، وقالت الوزارة “سترفع الولايات المتحدة العقوبات إذا جرى تقييمها (حكومة السودان) بأنها تحرز تقدما مستمرا في هذه المجالات بنهاية فترة المراجعة الممتدة“.
وتشمل المطالب الأمريكية حل صراعات عسكرية داخلية في مناطق مثل دارفور والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب وتحسين دخول المساعدات الإنسانية.
كما نقلت الوكالة عن السفير عبد الغنى النعيم وكيل وزارة الخارجية السودانية قوله “بالنسبة لنا الخطوة الطبيعية والمنطقية أن يتم رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية على السودان لأن السودان نفذ ما هو مطلوب منه تماما“.
مضيفا “كان لدى الطرفين اجتماعات مشتركة شهرية لمتابعة التنفيذ ولم يتبق شيء لم ينفذ وتم إحراز تقدم إيجابي“.
كان السودان مدد في الشهر الجاري وقفا لإطلاق النار من جانب واحد حتى نهاية أكتوبر/ تشرين الأول مع المتمردين في مناطق جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور.
ويسعى السودان للدخول مجددا على النظام المصرفي العالمي وفتح البلاد أمام التجارة والاستثمارات الأجنبية التي يحتاجها بشدة لمساعدته في ضبط التضخم المرتفع الذي وصل إلى نحو 35 % وأيضا نقص العملة الأجنبية الذي أعاق قدرته على الشراء من الخارج.
هناك نوعان من العقوبات الأمريكية التي استهدفت السودان: النوع الأول: عقوبات رئاسية شملت في (نوفمبر/تشرين الثاني 1997) تم بموجبها فرض عقوبات اقتصادية ومالية وتجارية شاملة، وذلك بعد إضافة السودان للقائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب (عام 1993)؛ وفي (أبريل/نيسان 2006)، تم توسيع العقوبات لتشمل حظر الأفراد الذين تثبت مساهمتهم في نزاع دارفور وحجز أملاكهم؛ في (سبتمبر/أيلول 20066)، صدر قرار باستمرار حجز أموال الحكومة السودانية، مع إضافة كل المعاملات التي قد يقوم بها أي مواطن أمريكي مع صناعة البترول والصناعات البتروكيميائية في مجال النفط وأنابيب النفط السودانية.
أما النوع الثاني من العقوبات، فقد تم بتشريعات من الكونغرس الأمريكي، وضم: قانون سلام السودان (2002)، وقانون سلام السودان الشامل (2004)، وقانون سلام ومحاسبة دارفور (2006)، وقانون المحاسبة ونزع الاستثمار في السودان (2007.
وقد أضرت العقوبات بكافة قطاعات وأنشطة الاقتصاد السوداني، العام والخاص وكان القطاع المصرفي أكبر المتضررين، إضافة إلى قطاعات النقل والصحة والصناعة والزراعة، وتدهورت مستويات المعيشة حيث ساهمت المقاطعة في رفع تكلفة الإنتاج وارتفاع الأسعار للمستهلكين.
القرار المؤجل كان سيشمل فك الأصول المجمدة، والمعاملات البنكية والمصرفية، وكل المعاملات التجارية والاستثمارية، مع بعض الاستثناءات مثل شراء المعدات العسكرية والأجهزة المتقدمة والأجهزة ذات الاستعمال المشترك، التي كان سينظر في أمرها بعد 180 يوما من بدء سريان القرار، بعد التأكد من جدية الحكومة السودانية في السير قدما نحو الديمقراطية والحريات العامة والحد من الصراعات المسلحة.
لكن القرار الأمريكي لن يمس “قانون سلام دارفور” ووضع السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب، مما يعني أن السودان سيظل محظورا من الاستفادة من القروض ومبادرات خفض الديون الأمريكية.