مراقبون:‏ الإحصاء المصري يتلاعب بالأرقام

دفعت النتائج المخيبة للآمال للمشروعات -المسماة بالقومية- التي دشنها قائد الانقلاب العسكري في مصر، الحكومة إلى التحايل لإظهار النتائج على غير حقيقتها.

كانت البداية مع إعلان هيئة قناة السويس لأول مرة في تاريخها عن إيراداتها بالجنيه المصري عن شهر مارس/ آذار 2016 بعدما كانت تعلنها بالدولار، حيث بلغت إيرادات القناة بحسب ما أعلنته الهيئة في حينه نحو 3.477 مليارات جنيه بزيادة بلغت 9.5% عن الشهر الذي سبقه والبالغة 3.108 مليارات جنيه. 

تلاعب

والحقيقة أن الهيئة تعمدت عدم إظهار الحسابات بالدولار وتحويلها إلى الجنيه، لكون الإيرادات منخفضة عن نفس الشهر في السنة السابقة، فلو تم احتساب الإيرادات بالدولار ستعادل 392.8 مليون دولار حسب سعر الصرف الرسمي للجنيه البالغ 8.85 جنيه في حينه، بينما بلغت الإيرادات في نفس الفترة في السنة السابقة 420.1 مليون دولار أي بانخفاض قدره 27.3 مليون دولار وبنسبة انخفاض بلغت 6.9%.

وانخفضت إيرادات القناة في العام 2015-2016 إلى 5121.6 مليون دولار، عن إيرادات العام السابق 2014-2015 والتي بلغت 5361.7 مليون دولار، بنسبة انخفاض بلغت 4.47%.

وكان السيسي الذي قاد انقلابا عسكريا على أول رئيس مدني منتخب قبل أربع سنوات، قد ذكر أن إيرادات قناة السويس زادت عن السابق ونفى الشائعات الصادرة عن انخفاض الإيرادات، بدون ذكر مقدار الزيادة ونسبتها، بعد افتتاح التفريعة الجديدة لقناة السويس في أغسطس /آب 2015، والتي توقعت هيئة السويس أن تساهم في رفع إيرادات القناة إلى 13.2 مليار دولار سنويا بحلول عام 2023، والتي جمع لتمويلها 64 مليار جنيه من المصريين من خلال شهادات استثمار بفائدة سنوية قدرها 12%.

الإحصاء على الخط

على نفس الدرب سار الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، المسؤول قانونا عن الإحصاءات ونشرها، فقد نص القانون رقم 2915 لسنة 1964 بإنشاء وتنظيم الجهاز في المادة 10 على: “لا يجوز لأية وزارة أو هيئة أو جهة أو أي فرد أو أفراد في الحكومة أو القطاع العام أو القطاع الخاص بنشر بأي وسيلة من وسائل النشر أو الإعلام أي مطبوعات أو نتائج أو بيانات أو معلومات إحصائية إلا من واقع إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أما الإحصاءات غير المقررة ضمن برامج الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فلا يجوز نشرها إلا بموافقة الجهاز”.

فقد أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أمس الثلاثاء النشرة السنوية للتجارة البينية مع التجمعات الدولية لعام 2016، ذكر فيها أن الصادرات المصرية لهذه التجمعات مثل تجمع الإسكوا، والكوميسا، ومجموعة الثمانية الإسلامية النامية، زادت بنسبة 52% مقارنة بالعام 2015.

تضليل

بينما جاء في بيانات نقطة التجارة الدولية بوزارة التجارة والصناعة أن  الصادرات المصرية بلغت عام 2015 مبلغ 21354 مليون دولار، وارتفعت إلى 21860 مليون دولار بنسبة ارتفاع 2% فقط ، ومنخفضة بنسبة بلغت 25.5 % مقارنة بعام  2012 قبل الانقلاب العسكري، حيث بلغت قيمة الصادرات  مبلغ29339 مليون دولار

احتساب الصادرات بسعر الصرف الجديد بعد تعويم الجنيه  فيه نوع من التضليل، حسبما يقول نائب سابق للجزيرة مباشر، فمن الطبيعي أن يظهر هناك ارتفاع في الإيرادات والصادرات لو تم احتسابها بالجنيه، بسبب رفع سعر صرف الدولار أمام الجنيه، وهو ما يظهر خوف النظام الحالي في مصر من نشر الأرقام الحقيقية، سواء لإيرادات القناة أو الصادرات وغيرها من الإيرادات الحكومية، بسبب التراجع الواضح في الأرقام مقارنة بسنوات ماقبل الانقلاب، وهو الأمر الذي يثبت فشل النظام الإنقلابي.

معاناة

يزيد هذا التلاعب من معاناة الباحثين والمتخصصين الذين يعانون من ظاهرة التضارب في البيانات التي تعلنها العديد من الأجهزة والجهات، حيث تشهد الساحة المصرية العديد من الأرقام التي لا تتفق مع الواقع، أو تتعارض فيما بين تصريحات الرسميين والجهات الحكومية المختصة بإعداد البيانات، أو بين الجهات الحكومية بعضها بعضا، فضلا عن وجود أكثر من رقم أو معلومة متضاربة ومختلفة حول قضية واحدة‏، مثل معدلات التضخم ونسب البطالة والفقر وغيرها من البيانات.

المصدر: الجزيرة مباشر

إعلان